استخدام الطاقة المتجددة من التشجيع إلى الإلزام!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

استخدام الطاقة المتجددة من التشجيع إلى الإلزام!

آخر ما حرر بشأن الحديث عن الكهرباء، والتشجيع على استخدام الطاقة المتجددة، هو الحديث المنقول عن «مصدر في وزارة الكهرباء» عبر صحيفة الوطن بتاريخ 8/8/2021، أنه يجري «بحث مشروع لصك تشريعي يلزم الصناعيين في استخدام الطاقات البديلة (الشمسية والريحية) بدلاً من الطاقة التقليدية (الكهرباء) إما إلزام بالاستخدام الكامل أو الجزئي كمرحلة أولية وصولاً إلى تحول المنشآت الصناعية من الكهرباء التقليدية إلى الطاقات المتجددة بشكل نهائي».

لن نخوض في تفاصيل مثل هكذا مشروع لصك تشريعي يجري العمل على إعداده وذلك لغياب تفاصيله، لكن سنتساءل مع المتسائلين عن الإمكانات المتوفرة فعلاً لمثل هذا الانتقال «الإلزامي» للصناعيين بهذه المرحلة والآن، مع كل ما تعانيه الصناعة، والإنتاج عموماً، من صعوبات ومعيقات، أهمها: عدم توفر الطاقة وحواملها بالكم الكافي، بالإضافة لارتفاع أسعارها؟!
فالإلزام بهذه المرحلة، سواء كان جزئياً أو كلياً، ستكون له انعكاسات سلبية كبيرة على الصناعيين، خاصة مع إطلاق المفردة «صناعيين».

الجدوى الاقتصادية وسعر المنتج النهائي

بعد الكثير من الترويج والتشجيع الرسمي على استخدام الطاقات المتجددة، ومع الحديث عن التسهيلات والمزايا التي يمكن أن يتم تقديمها للصناعيين الراغبين بهذا الانتقال إلى الطاقات المتجددة، يجري الآن الحديث عن الإلزام بهذا الانتقال، ما يعني ربما استنكاف منح التسهيلات والمزايا التي تخفف بعض النفقات على الصناعيين، وربما المزيد من النفقات الإضافية أيضاً، والتي ستنعكس لا محال على التكلفة الإجمالية وعلى سعر المنتج النهائي، مهما كانت طبيعة ونوع هذا المنتج، وهذا الحد الأدنى الذي سيتم التوقف عنده من قبل كل صناعيٍّ عند إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية من هذا الانتقال الطاقي بحال الإلزام به!

صعوبات ومعيقات عملية

إذا كان من الممكن أن تتضافر جهود الصناعيين في المناطق الصناعية الكبيرة كي يشرعوا بالانتقال إلى الطاقات المتجددة، وهو ما بدأ الحديث عنه مثلاً في كل من المناطق الصناعية في عدرا والشيخ نجار وحسياء، فإن ذلك ربما يكون متعذراً، أو شبه مستحيل، في المناطق الصناعية الصغيرة المتفرقة، أو بالنسبة للورشات الصناعية الصغيرة المنتشرة في كثير من المدن والمناطق، ناهيك عن طبيعة الصناعات المستهدفة بالإلزام (كبيرة- صغيرة- خفيفة- حرفية- مهنية..) التي يجري الحديث عنها بإطلاق مفردة «الإلزام» هنا!
ولعل الأهم بهذا الصدد، هو ما يقابل هذا الإلزام من توفر مساحات واسعة من الأراضي، أو الأسطح، بحال الحديث عن الطاقة الشمسية كي تستوعب العدد الكبير من ألواح الطاقة الشمسية التي تؤمن الكم الكافي من الطاقة الكهربائية المشغلة للصناعات في المناطق الصناعية، أو في غيرها من الأماكن التي توجد فيها صناعة وصناعيون!
فقد تكون إمكانية توفر مساحات من الأراضي متاحة في بعض المدن الصناعية الكبيرة، وهو ما تم الإعلان عنه رسمياً عبر الترويج التشجيعي لاستخدام الطاقة المتجددة من خلال تخصيص اقتطاعات من الأراضي فيها لهذه الغاية، فإن ذلك غير متوفر في غيرها من المناطق الصناعية الصغيرة.

تخبط على حساب الاقتصاد الوطني

من المفروغ منه، أن الحديث عن الإلزام بهذا الصدد يعني: صرف مبالغ كبيرة جداً، لكنها متفرقة، ما يفقدها جزءاً هاماً من الجدوى الاقتصادية منها من الناحية العملية، الآنية والاستراتيجية، فمثل هذه المشاريع الملزمة، مع كبرها وتوسعها وانتشارها، كان من الأجدى أن تقوم بها الدولة كي تخفف فاتورتها الإجمالية، وبالتالي، قد تحقق جدوى اقتصادية أفضل.
بمطلق الأحوال، فإن الحديث عن صكٍّ ملزمٍ لا يعدو كونه تخبطاً جديداً يضاف إلى التخبط الرسمي بملف الطاقة وحواملها عموما، والكهربائية خصوصاً.
فقد احتارت الحكومة وحيرت الفعاليات الاقتصادية، الصناعية والزراعية بشكل خاص، كما حيرت المواطنين عموماً، بظل غياب استراتيجية واضحة بشأن ملف الطاقة في البلد بكافة مفرداته.
فما يجري على قدم وساق، هو أن الدولة ترفع يدها تباعاً عن هذا الملف، في تخبط يتم حصاد نتائجه الكارثية ليس على مستوى المواطن ومعيشته وخدماته فقط، وليس على مستوى الإنتاج بكافة قطاعاته أيضاً، بل على مستوى الاقتصاد الوطني ككل!
فهل من نهاية لهذا التخبط المدمر؟!
وللحديث تتمة مع تفصيلات المشروع المزمع عند الإعلان عنها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1030
آخر تعديل على الإثنين, 09 آب/أغسطس 2021 23:10