آليات الإضرابات ضد الشعب السوري
يخوض العمال والموظفون وأصحاب الأجور في مختلف بلدان العالم الإضراب عن العمل بعد نفاذ جميع الخيارات الأخرى، من أجل تحصيل بعض الحقوق، أو تثبيت بعضها.
وهم غالباً لا يقدمون على هذا الخيار إلا عندما يواجهون الجوع والعوز، فيعلنون الإضراب عن العمل في سبيل زيادة الأجور والمطالب الأخرى.
أما في سورية، فالقصة تحدث بالمقلوب!
كأحد محصلات التطور الاقتصادي الاجتماعي المشوه في البلاد خلال العقود الأخيرة، وكإحدى صور تشوهات الوضع في الأزمة السورية، هناك طبقة أخرى تستخدم آليات الإضراب، التي صرنا نشاهدها في الوضع السوري ليس كسلاح لمصلحة الطبقة العاملة، بل كأداة للنهب عند قوى الفساد الكبير، أداة موجهة ضد الشعب المفقر والمنهوب!
فصول هذه الآليات من الإضرابات التي تقودها قوى الفساد ضد مصالح الغالبية الساحقة من الناس باتت معروفة للسوريين، بل وقد عاشوها لحظة بلحظة، وعانوا من آثارها الكارثية، ويعانون من فصولها المختلفة والمتواصلة حتى الآن.
فقد شاهد السوريون كيف أعلنت قوى النهب والفساد آليات إضراب المحروقات عدة مرات «مازوت وبنزين»، من أجل رفع أسعارها، وفرض أساليب تأزيمية ونهبوية جديدة على الناس، من خلال شبكات السوق السوداء العاملة تحت أيديهم ولمصلحتهم.
وشاهد السوريون أيضاً آليات إضرابات الخبز المتكررة، والتي أدت إلى رفع سعر الخبز أحياناً، وإلى التضييق على توزيعه الرسمي مقابل توفره في السوق السوداء بأسعار عالية أحياناً أخرى.
كما شاهد السوريون آليات إضراب الغاز، الذي أضاف على ذلهم ذلاً آخر، وارتفع سعر جرة الغاز في السوق السوداء إلى أرقام فلكية مؤخراً.
وعايش السوريون إضرابات التبغ والدخان عدة مرات، حيث تسيدت السوق السوداء، وفرضت وجودها على حسابهم، ويعيشون حالياً آثار إضراب الكهرباء وحرمان الفقراء من الطاقة الكهربائية مقابل توفر مواد وتجهيزات الطاقة الشمسية ذات الأسعار العالية.
وفي فصول سابقة، عاش السوريون آثار إضرابات الرز والسكر والماء جوعاً وعطشاً وحرماناً.
هذه بعض أشكال آليات الإضرابات الموجهة ضد الشعب السوري، ضد مصالح الغالبية العظمى من الناس المفقرة على امتداد البلاد، كسلسلة مترابطة، وكمسلسل غير منتهي الحلقات، وكأن الفاسدين والناهبين قد احترفوا آليات الإضراب تلك، وصولاً للتفنن في اختيار لحظاتها، لفرض ما يريدون، أو ما تريده مصلحتهم، التي هي بالضد من مصالح المفقرين المغلوبين على أمرهم على امتداد البلاد.
وهي صورة من الواقع المشوه الذي يدفع هؤلاء المفقرين ثمنه كل يوم، في لقمة عيشهم ولقمة أطفالهم وحقوقهم الأساسية في الحياة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1030