عدالة المحروقات حبر على ورق
عبير حداد عبير حداد

عدالة المحروقات حبر على ورق

رغم ما تمطرنا به الحكومات من حلول مكررة ومعادة الصياغة بعد كل اجتماع لها والذي يتم بروظته عبر الوسائل الإعلامية «اجتماع مجلس الوزراء بهدف تحسين واقع الخدمات المقدم للمواطن»، أو اجتماعات أخرى بهدف تحقيق العدالة، لا نجد لتلك الحلول نتائج ملموسة، بل باتت نتائجها معروفة مسبقاً لدى الشارع السوري، والمواطن يشاهد بصمت مترقباً ما سيحدث، وهو على يقين أن النتائج ذاتها دوماً، والقرارات لا تتعدى صياغتها كخبر صحفي لدى الوسائل الإعلام الرسمية.

فبعد الاجتماع الذي ضم وزير النفط مع المدراء المعنين في شركة النفط والذي عالج الملاحظات التي ظهرت بعد تطبيق آلية توزيع المحروقات عبر الرسائل النصية معالجةً اسمية، تم الاتفاق حينها على تعديل آلية توزيع المحروقات لتصبح على مستوى المحافظة، فالآلية التي عُدلت وطبقت حديثاً، أثبتت فشلها كما غيرها من القرارات التي أصبحت ميزتها إخفاء الأزمة عن السطح فقط والفشل الذريع، وخصوصاً أن التعديل جاء من باب «تحقيق عدالة التوزيع بين المواطنين» على حد زعمهم، ولم نلتمس تلك العدالة إطلاقاً.

أمثلة عن تحقيق العدالة!
آراء وشهود

إياد سائق تكسي تحدث: الرسالة الماضية استغرقت خمسة أيام أي: تجاوزت سقف المدة المحددة، والبارحة وصلت رسالة تعبئة البنزين إلي قبل اليوم الرابع المحدد لسيارات الأجرة، متعجباً غير مصدق، لولا أنها رسالة نصية لا يمكن أن تصل عن طريق الخطأ.
أما نصر لديه سيارة خاصة تحدث لقاسيون عن رأيه بالآلية المعدلة لتوزيع المحروقات: لم ألمس تحسناً أو عدالة بعد التعديل، فالرسائل ما زالت تصل إلى المواطنين بأوقات متفاوتة بين محطة وأخرى، ولم نلمس شيئاً من تلك العدالة التي تحدثوا عنها، الرسالة النصية لم استلمها منذ عشرة أيام، وفي بعض المحطات الأخرى لا تستغرق الرسالة تلك المدة الزمنية، وبالتالي لا معنى لتلك الآلية الجديدة سوى التأخير وإنهاء حالة الازدحام الطويل لعدة كيلو مترات أمام المحطات.

المواطن بين فكي كماشة

أزمة الرسائل النصية ما زالت قائمة والعدالة غير مطبقة بعد، البنزين لسيارات الأجرة لا يكفي للعمل، وبالتالي لا يكفي لسد تكاليف المعيشة الباهظة، وخاصة خلال أيام العيد التي تحتاج الكثير من التحضيرات والحاجيات، وإذا أراد ذلك السائق أن يلجأ للوقود الحر عبر شبكات السوق السوداء، سيخسر إذا لم يرفع الأجرة على المواطن، خصوصاً أن البنزين الحر خلال أيام عيد الفطر قد ارتفعت أسعاره أيضاً، والأجرة كذلك الأمر حلقت.
محسن سائق سيارة أجرة تحدث عن معاناته: لا يوجد لدي بنزين للعمل فالرسالة لم استلمها بعد، أفضل أن أبقى في المنزل على أن ألجأ لبنزين السوق السوداء فالسعر ارتفع خلال أيام العيد، ولا داعي أن أدخل في سجال مع الزبائن حول الأجرة.
مرام ذكرت لقاسيون: خرجت لزيارة الأقارب بالعيد، ونتيجةً لنقص السرافيس والباصات العامة، استقليت سيارة أجرة بتكلفة خمسة ألاف من الكراجات حتى ركن الدين، سيارات الأجرة أصبحت رفاهية عالية جداً ولا يمكن الاعتماد عليها دائماً، لولا أنها أيام أعياد.
مخصصات السفر بين المدعوم غير المتوفر ومحطات الأوكتان والسوق السوداء
أعلنت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية بتاريخ 12 أيار الماضي، تركيب محطة بنزين أوكتان 95 متنقلة في منطقة النبك جانب نقطة شرطة الطرق العامة، وذلك لتخديم المسافرين، وجاء توضيح المهندس منصور طه مدير فرع محروقات ريف دمشق في تصريح لإحدى وسائل الإعلام المحلية الرسمية: «تم اختيار مكان المحطة الحالي في منطقة النبك لتخديم المسافرين من دمشق إلى المحافظات وبالعكس، مؤكداً أن المحطة تعمل على 24 ساعة دون انقطاع ويستطيع أي مواطن التعبئة منها وبالكمية التي يرغب دون الحاجة لرسائل، كما أشار إلى إمكانية تعديل مكان المحطة بحال كان يحقق فائدة للمواطنين».
تم العمل على إحداث محطة بنزين أوكتان 95 تعمل على مدار الساعة دون رسائل، وعلى الطرف المقابل، فإن مخصصات البنزين للسفر التي تم إقرارها لمرة واحدة شهرياً لكل بطاقة هي صعبة المنال، وعندما استعلمنا عن السبب ذكر أحد العاملين في محطات الوقود: أن المخصصات للسفر هي 200 ليتر فقط، ولا تكفي لسد حاجة كافة المواطنين، وهذا يعني من تضطره الظروف للسفر عليه أن يلجأ لوقود السوق السوداء المرتفعة الأسعار، وطبعاً هي الحل الوحيد الذي بقي في الميدان لحل أزمة المواطن، كونه حتى محطات الأوكتان 95 حقيقةً قليلة جداً، بل نادرة الوجود، وإذا كانت متوفرة فالازدحام عليها كبير.
وبعد التعديل الأخير على الكميات المدعومة، وزيادتها 5 ليترات لتصبح 25 ليتراً، فإن هذا التعديل الطفيف لم يغير شيئاً، وليس هذا سقف الطموحات المطلوب الذي وعدتنا به الحكومة بإعادة المخصصات إلى الـ40 ليتراً، المخفضة أصلاً، والتي أصبحت مقارنةً بالـ20 والـ 25 ليتراً نعمة كبيرة ينتظرها المواطنون لحل الأزمة التي يدور السوريون داخلها، ولا تزال مثل هذه التعديلات والقرارات تصب في مصلحة القائمين على عمليات النهب والفساد، والقائمين على شبكات السوق السوداء، التي أصابتها التخمة الاقتصادية، جرّاء الأزمات المتتالية على المواد المدعومة، فهي البديل الوحيد للفاقد في المواد المدعومة كافةً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1018