دير الزور.. مدينةٌ في حيين فقط؟!
عامان مرَّا تقريباً عل فكّ الحصار عن حيّي الجورة والقصور في مدينة دير الزور، ودحر التنظيم الفاشي التكفيري داعش من بقية أحياء المدينة وريفيها الشرقي والغربي جنوب نهر الفرات.. عامان مرّا، وما زالت المدينة تُختصر في حيّين تقريباً، مزدحمين في كلّ شيء، بالإضافة إلى حي هرابش في شرقها والذي يعتبر شبه ضاحيةٍ لبعده عن مركز المدينة ولقربه من المطار العسكري والمدني..
وردت إلى قاسيون شكاوى قديمة جديدة من العديد من الأسر والأهالي، تطالب بتأهيل بقية أحياء المدينة، والتخفيف من الأعباء التي تحملها ويتحمّلها المواطنون طيلة السنوات الماضية وحتى الآن، وخاصة في ظل الظروف المعيشية والبيئية القاسية، وهي بحسب الأهالي ليست مستحيلة وليست صعبة في حال توفر النّية والإرادة.
الأمور على حالها من التردي
عامان مرّا وما زالت بقية أحياء المدينة أحياء أشباحٍ تعصف فيها الرياح، والدمار على حاله، ولا وجود لأيّ نوعٍ من الخدمات كالكهرباء والماء والصرف الصحي والمدارس والمنشآت الصحية وغيرها.. رغم أن العديد من الأسر اضطرت إلى العودة إليها، والسكن فيها كما هي، المنازل السليمة وشبه المدمرة، وخاصةً بعد إلزام العاملين في الدولة بالعودة إلى دير الزور بقرارٍ حكومي، واضطروا للسكن المأساوي فيها، لعدم قدرة حيّي الجورة والقصور على الاستيعاب، ولارتفاع إيجارات السكن فيها.
فرغم الزيارات المتكررة والمتعددة للجان الوزارية، والمبالغ المخصصة التي تربو على 40 مليار ليرة وعلى قلتها، إلاّ أن الأمور بقيت على حالها، فغالبية الأموال ضاعت على الشكليات كتأهيل الدّوّارات، بدل أن تصرف على تأهيل البنى التحتية كما هي مخصصة لذلك، ناهيك عن بعض أوجه النهب والفساد الممارس، والتعفيش المستمر لبقايا المنازل المهدمة كالحديد والبلوك، والذي يتم على عينك يا مسؤول، ودون أن يحرك أحدٌ ساكناً.
ورغم مطالب الأهالي وشكاواهم المتكررة للجان الوزارية خلال زياراتها، والتي تقتصر على التصوير والإعلام فقط، فقد بقيت الأمور على حالها من التردي.!
شكاوى واقتراحات أهلية
الأهالي الذين تقدموا بشكاواهم لم يتوانوا عن تقديم بعض الاقتراحات بشأن البعض من مشكلاتهم ومعناتهم، ومنها:
المساكن العسكرية بلا مدرسة
على طريق دير الزور دمشق تتموضع العشرات من المساكن النموذجية للعسكريين، وتحوي 160 شقة سكنية، أي 160 عائلة عادت وسكنت فيها، وبجوارها مساكن أهلية أيضاً وهي مخدّمة، وتوجد فيها مدرسة ابتدائية جاهزة ببناها التحتية كانت تستوعب الطلاب قبل الأزمة... وحالياً خالية تنظر بعين اليتيم لطلابها، سواء المقيمين في المساكن العسكرية أو المساكن الأهلية من حولها.
فطلابها السابقين باتوا «مشنططين» ومضطرين للذهاب إلى مدارس المدينة التي تبعد مسافة أكثر من ٤ كم، في هذه الظروف البيئية القاسية في حرّ الصيف الشديد وبرد الشتاء القارس، بالإضافة إلى الأعباء المعيشية وبدلات النقل والمصاريف الأخرى التي يتكبدها ذويهم.
لقد أصبح آباء وأمهات التلاميذ بحالة صعبة، فالآباء منهم متطوعون، ومنهم بالخدمة الإلزامية، يخرجون من الصباح اضطراراً والتزاماً بمواعيد التحاقهم بقطعاتهم، بالإضافة إلى ضرورات المبيت في هذه القطعات، ليبقى الويل على الأم المتعبة لتأمين واسطة نقل لأولادها لإيصالهم إلى مدارسهم في أحياء المدينة بالمواعيد المحددة، وتأمين عودتهم منها، خاصة وأن هؤلاء ما زالوا بمرحلة الطفولة.
فلماذا لا تتم إعادة افتتاح المدرسة الابتدائية الموجودة في المساكن العسكرية، للحد من معاناة التلاميذ اليومية، خاصةً وأن هناك فائضاً بالكادر التعليمي نتيجة قرارات الإلزام بالعودة منذ أكثر من عام، وربما ليس هناك حجة لعدم فتحها هذا العام.؟
الإنارة بالطاقة الشمسية
طالب أهالي الأحياء في دير الزور، غير حيّي الجورة والقصور، كحي الحميدية وحي المطار القديم، بإنارة الشوارع مؤقتاً بمصابيح الطاقة الشمسية، خاصةً وأنّ الكهرباء النظامية من الشبكة قد وصلت إلى حيّي الجورة والقصور، حيث يمكن نقل المصابيح التي كانت قد وضعت فيهما إلى الأحياء الأخرى، واستكمال البقية بوضع مصابيح الطاقة الشمسية في الشوارع، ريثما يتم تمديد الشبكة النظامية لها، وهذا أضعف الإيمان كما يقولون.!
الرسوم والمطالبة بالتعويضات
اشتكى الأهالي من الضرائب التي يجري رفعها باستمرار على أصحاب المحلات والبسطات، ومن الحملات المستمرة التي تستهدفهم، والتي تنعكس غلاءً على المواطنين المستهلكين بالمحصلة.
كما يطالبون بإعفائهم من تسديد المبالغ التي تطالب بها مؤسسات الدولة كالكهرباء والمياه والهاتف، لمن يريد العودة والسكن والاستقرار، خاصةً وأنهم غير مسؤولين عمّا جرى من تخريب للشبكات الكهربائية وسرقة العدادات، فقد كانوا مهجرين، ناهيك عمّا خسروه من ممتلكاتهم وشقاء عمرهم سواء من المجموعات المسلحة التي كانت مسيطرة على المدينة، أو من المعفشين بعد طرد المجموعات المسلحة.
كما يطالبون أيضاً بحقهم بالتعويضات العادلة عن الأضرار التي لحقت ببيوتهم، ولقاء ما خسروه من ممتلكات.
المشتكون من الأهالي يتساءلون:
ألا تكفيهم سنوات الأزمة من تشريد وتهجير؟
ألم تكفي سنتان لإنجاز الحد الأدنى من المطالب وللإنصاف بالحقوق؟
قاسيون، تسوق الشكاوى والمطالب أعلاه لتضعها برسم الجهات المسؤولة في دير الزور، ولوزارة التربية، واللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة إعادة التأهيل والإعمار لدير الزور، عسى تُستدرك على عجل، كونها مطالب وحقوقاً مشروعة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 925