الاستثمار في الدواء ومزيد من التربح
في الجلسة الحكومية بتاريخ 27/9/2018، وفيما يخص القطاع الصحي، تمت الموافقة على تقديم محفزات للراغبين بالاستثمار في مجال الصناعات الدوائية وخاصة /أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية/ من خلال تقديم المقاسم مجاناً في المدن والمناطق الصناعية والإعفاء من الرسوم والضرائب ومنح كل التسهيلات لإحلال هذه الصناعات التي تصل كتلة إنفاقها السنوية استيراداً إلى /117/ مليار ليرة سورية.
لا شك أن القطاع الصحي من القطاعات الهامة ومن الواجب تقديم كل ما يلزم لتطويره وتوسيع قاعدته وقاعدة الاستفادة منه، وذلك لارتباطه بشكل مباشر بحياة المواطنين وصحتهم ومستقبلهم، والصناعات الدوائية جزء هام من هذا القطاع، ومن الواجب أيضاً حمايتها ودعمها.
استثمار ربحي وليس هِبَات
الحكومة وحسب مضمون قرارها أعلاه، منحت المستثمرين بهذه الصناعة المزيد من الامتيازات والإعفاءات، بما في ذلك منح المقاسم مجاناً، وكأن هؤلاء المستثمرين يضخون أموالهم في هذه الصناعة كنوع من الهِبات، فلا هم يبحثون عن الأرباح ولا من يحزنون، وكل همهم تقديم الأدوية للمحتاجين لها بعيداً عن هواجس الربح على حسابهم، علماً أن قطاع الصناعات الدوائية يعتبر قطاعاً مستقطباً للاستثمار به بمعزل عن الامتيازات الأخيرة، بدليل عدد المعامل الموجودة، والموافقات التي منحت خلال السنوات القريبة الماضية من أجل إقامة معامل جديدة، بما في ذلك معامل أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية، التي رافقها الكثير من التهليل الإعلامي، الرسمي وغير الرسمي، إلّا إذا كانت تلك الموافقات التي تم منحها خلال الفترة الأخيرة من أجل إقامة هذه المعامل تنتظر هذه الجرعة الجديدة من الإعفاءات الرسمية لتباشر أعمالها وتبدأ بالتنفيذ على المقاسم التي ستمنح لها مجاناً من قبل الحكومة، مع غيرها من الإعفاءات المقدمة للمستثمرين سلفاً بموجب العديد من القوانين والقرارات المعمول بها.
فلا يمكن أن نغفل أن الاستثمار في معامل الأدوية، على الرغم من أهمية هذه الصناعة وضرورة دعمها، دافعه ومحركه الرئيسي هو هوامش الربح التي تعود على المستثمرين بهذه الصناعة بالنتيجة، فهي ليست استثناءً عن غيرها من الاستثمارات بغاياتها وأهدافها المرجوة، ومع الجرعة الأخيرة أعلاه من الدعم الحكومي فإن هوامش الربح هذه ستزيد لا شك!.
تساؤلات لا بد منها
ربما يجب التذكير بمعامل الصناعات الدوائية التابعة للدولة، ونطرح التساؤلات التالية:
ماهي أوجه الدعم التي قدمت لقطاع الصناعات الدوائية التابع للدولة من قبل الحكومة، سواء من أجل تذليل صعوبات عمله وإنتاجه، أو من أجل توسيع قاعدة الإنتاج فيه على مستوى الأصناف الدوائية الضرورية والهامة، بما في ذلك أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية؟
أم أن الاستثناء والإعفاء والدعم محصور بشريحة كبار المستثمرين فقط لا غير؟.
هامشاً، وعلى الطرف المقابل ومن باب المقارنة لا أكثر، نطرح السؤال التالي أيضاً:
لماذا لا يتم منح المقاسم مجاناً من أجل إقامة المشاريع السكنية التي تقيمها مؤسسات الدولة نفسها، أليس قطاع الإسكان من القطاعات الهامة أيضاً، ألا ينعكس ذلك على قيمة المسكن بالنتيجة، وبحيث تتوسع قاعدة الاستفادة منه لمصلحة الفقراء ومحدودي الدخل؟
أخيراً، يمكن القول: إن المقاسم التي ستُمنح مجاناً كهِبات حكومية للمستثمرين، لا بّد أنها من أملاك الدولة، أي: ملكية عامة بعائدها ونفعها، والحكومة تعتبر هي المؤتمنة عليها، على ذلك فلنا الحق بالتساؤل عن مشروعية التصرف بهذه الملكية وبهذا الشكل وفقاً لهذا الائتمان!؟.