الحجر الأسود واليرموك..  تباين بالإنجاز وخشية من المستقبل

الحجر الأسود واليرموك.. تباين بالإنجاز وخشية من المستقبل

ما زال أهالي مناطق الحجر الأسود ومخيم اليرموك وجزء من حي التضامن بانتظار تنفيذ العهود الرسمية المقطوعة بشأن عودتهم لبيوتهم، مع تسهيلات هذه العودة على مستوى استكمال ترحيل الأنقاض والردميات، وإعادة تأهيل البنى التحتية، وبدء عودة الخدمات لهذه المناطق، من أجل البدء بعمليات الترميم للمباني والبيوت القابلة للسكن.

فبرغم التباين على مستوى ما تم إنجازه من قبل المحافظة والجهات العامة والبلديات في هذه المناطق، إلّا أن العودة ما زالت رهناً بالموافقات، وهذه بدورها مرتبطة بما يتم إنجازه على مستوى ترحيل الأنقاض من الشوارع الرئيسية والفرعية، والتي تقف حائلاً أمام قيام الجهات العامة بإعادة تأهيل البنى التحتية فيها، وصولاً لقيام المواطنين بعمليات الترميم اللازمة والضرورية لبيوتهم قبل السكن فيها، والمرتبطة أولاً بانتهاء عمليات الكشف والمسح لهذه البيوت من قبل المحافظة استناداً لوثائق التثبت من الملكية، وهكذا في دوامة قد لا تعرف بداتيها من نهايتها بالنسبة للمواطنين.
تباين بالإنجاز
حسب بعض المواطنين التباين واضح، مثلاً بين الشوارع الرئيسية في مخيم اليرموك عنها في الحجر الأسود، حيث تم ترحيل الأنقاض والردميات من الشوارع الرئيسية في مخيم اليرموك، بينما مازالت كتل وأكوام الردميات تغلق الشوارع الرئيسية في الحجر الأسود كما تسد الحارات الفرعية فيه، بحيث من الصعوبة المرور فيها حتى سيراً على الأقدام، بالمقابل فقد تم إنجاز بعض الأعمال على مستوى توثيق الملكيات في حي التضامن والتثبت منها مع إعداد الكشوف بأسماء المواطنين تمهيداً لعودتهم بعد الموافقة اللازمة، والبدء بذلك عملياً حيث يبدو حي التضامن قد استعاد جزءاً هاماً من عافيته نسبياً، بينما لم تُستكمل هذه المهمة بالنسبة لمنطقة الحجر الأسود، وقس على ذلك بالنسبة لبقية حلقات السلسلة المترابطة أعلاه مما يتطلب إنجازه قبل عودة هؤلاء إلى بيوتهم.
هذه المقاييس المتباينة في الإنجاز بالنسبة للمواطنين قد يكون لها «تبريراتها» لدى الجهات العامة، لكن بالنسبة لهؤلاء ما يعنيهم في النهاية أن يصلوا لخاتمة للآجال الزمنية المرتبطة بهذه السلسلة، التي طالت على حساب العودة والاستقرار، ولعل الأهم بالنسبة إليهم هو: الخلاص من الاضطرار لدفع بدلات الإيجار الشهري للبيوت التي استقروا فيها مؤقتاً على حساب معيشتهم ومتطلبات حياتهم الضرورية الأخرى.
سلسلة مُحكمة
هذه المناطق كانت تعتبر من أماكن الاكتظاظ السكاني داخل دمشق، رغم كون جزء كبير منها يعتبر من المخالفات والعشوائيات التي استقطبت محدودي الدخل ومفقري الحال خلال العقود الماضية، وبالتالي فإن إعادة تأهيل البنى التحتية فيها وعودة الخدمات إليها بالتوازي مع تسهيل عودة الأهالي إليها لا يحل مشكلة هؤلاء المتمثلة بالاستقرار واستعادة العافية والنشاط فقط، بل يحل جملة من المشاكل الأخرى على مستوى أحياء ومناطق العاصمة، ومحيطها في الريف القريب والبعيد أيضاً.
فمع كل تصريح رسمي يتضمن الوعود بالعودة والاستقرار يستبشر أهالي وسكان هذه المناطق خيراً، عسى تُكسر حلقة من حلقات السلسلة المترابطة أعلاه عبر الإسراع بإنجازها، لكن على ما يبدو أن السلسلة مُحكمة، ولا حلقة ضعيفة فيها من الممكن اختراقها.
فبحسب بعض المواطنين، على سبيل المثال، آخر ما حرر بالنسبة لمنطقة الحجر الأسود، أنه سُمح للأهالي شفاهاً بالبدء بترحيل الردميات من بيوتهم تمهيداً لتجميعها وترحيلها من الأحياء، علماً أن الدخول إلى الحي ما زال محدوداً ومقيداً، كما أن الوصول للمباني والبيوت فيه الكثير من الصعوبة أصلاً، بسبب إغلاق الشوارع الرئيسية والفرعية بأكوام كبيرة من الأنقاض، فكيف من الممكن القيام بهذه المهمة في ظل انعدام الممكنات الواقعية لتنفيذها؟ وكأنّ هذه السماحية هي أحد أشكال رفع العتب لا أكثر، حالها كحال الوعود والعهود المقطوعة والتي لم تثمر حتى الآن!
طول انتظار وخشية
بعض هؤلاء الأهالي يقول: أنهم أنجزوا ما عليهم من واجبات على مستوى تقديم الوثائق المطلوبة كاملة، اعتباراً من صكوك الملكية وصولاً لضبوط الشرطة، بما في ذلك ما ترتب عليهم من مبالغ لقاء براءات الذمة عن الكهرباء والمياه، والتي كانت بالنسبة إليهم مبالغ مرهقة وظالمة، باعتبارهم كانوا نازحين عن بيوتهم طيلة السنوات الماضية، ومع ذلك فُرضت عليهم قيمة استجرار واستهلاك عن هذه السنوات، كيف ولماذا لا يعلمون؟، وبقي أن تقوم الجهات العامة بما عليها تسهيلاً واستكمالاً لعودتهم، والسؤال المكرر على ألسنتهم: إلى متى، فقد طال الانتظار؟!
أما الخشية المشروعة لديهم فهي مما يجري الحديث عنه والترويج له حول التنظيم والاستثمار في هذه المناطق، أو أجزاء منها قبل عودتهم إليها واستقرارهم فيها، ما يعني ليس المزيد من الانتظار لسنوات طويلة فقط، بل ما يمكن أن تفرضه عليهم شروط الاستثمار والاستغلال في ظل عامل الزمن الثقيل عليهم، خاصة أنهم لمسوا النتائج الشبيهة لذلك في منطقة خلف الرازي.