المعلمون الجدد.. أجور متأخرة وتهرب من المسؤولية
معاناة المعلمين المعينين مؤخراً لصالح مديرية تربية دمشق بشأن أجورهم الشهرية ما زالت مستمرة، وخاصة على مستوى تأخر استلام هذه الأجور في مواعيدها كما غيرهم من العاملين في الدولة مطلع كل شهر، بالإضافة إلى أوجه معاناة أخرى مرتبطة بنفس سياق هذه المشكلة.
هؤلاء تم تعيينهم وتثبيتهم بعد طول انتظار وصبر وجَلَد نهاية شهر آذار 2018، وقد استلموا أجورهم من المعتمد مباشرة لمدة ثلاثة أشهر تقريباً، بعدها تم الطلب منهم أن يفتحوا حسابات مصرفية في أحد المصارف العامة، تجاري أو عقاري، من أجل توطين أجورهم بها، الأمر الذي فاجأهم بمشكلة أخرى تتعلق بالمبلغ المطلوب من أجل فتح هذا الحساب.
مسؤولية معتمدي الرواتب والمديرية
بحسب أحد المعلمين، فقد توجه أولاً إلى المصرف العقاري من أجل فتح حساب شخصي بناءً على توجيه معتمد الرواتب، لكنه فوجئ بالمبلغ المطلوب لفتح هذا الحساب وهو 150 ألف ليرة، وهو مبلغ كبير لاشك بالنسبة لجميع العاملين بأجر وفوق طاقتهم، الأمر الذي دفعه لمراجعة المصرف التجاري السوري، الذي طلب تسديد مبلغ 5000 ليرة لفتح الحساب، وما كان منه إلا أن رضخ وسدد المبلغ المطلوب وفتح الحساب الشخصي باسمه، كي يتمكن من توطين راتبه، ويستلم بطاقة الصراف التي ستسهل عليه هذه المهمة، وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن، حيث لا تتوفر بطاقات الصراف الآلي لدى المصرف، وما زال الانتظار هو سيد الموقف بالنسبة لهذه المشكلة.
مشكلة هذا المعلم وغيره من المعينين مجدداً لصالح مديرية تربية دمشق لم تقف عند حدود فتح الحسابات والمبلغ المطلوب لقاءها، أو من عدم توفر بطاقات الصراف فقط، بل تعدتها إلى مشكلة تأخر استلام الرواتب الشهرية أيضاً، حيث يضطرون لمراجعة المصرف عدة مرات خلال الشهر من أجل استلام رواتبهم الشهرية، وبحسب المصرف فإن التأخر سببه معتمدو رواتب المديرية وآليات عملها وليست مسؤوليتهم.
ولا ندري ربما هذه المشكلة معممة على بقية المعلمين المعينين مجدداً لصالح مديريات التربية في المحافظات الأخرى أيضاً!
مشكلة الصرافات
أما المشكلة الأخرى المرتبطة بموضوع توطين الرواتب وبطاقات الصراف فهي مشكلة خروج الكثير من الصرافات عن الخدمة في الكثير من المناطق، والازدحام على الصرافات التي مازالت قيد العمل، وهي مشكلة عامة يعاني منها جميع المواطنين من أصحاب الأجور.
فمشكلة خروج عدد كبير من الصرافات عن الخدمة، وتعطل بعضها، هي مشكلة عامة شملت جميع المحافظات والمناطق في القطر، ولا شك بأن هذه المشكلة مرتبطة في أحد جوانبها بالحرب والأزمة وتداعياتها، وفي جانب آخر لها علاقة بالعمر الافتراضي لهذه الصرافات العاملة الذي تجاوز الـ 10 سنوات وهي موضوعة بالخدمة.
ولعلها مشكلة في طور الحل بحسب تصريحات العقاري والتجاري مؤخراً، فقد أعلن المصرف التجاري السوري حول هذه المشكلة، عبر سانا بتاريخ 27/12/2018، أنه «تم البدء في مرحلة فض العروض لمناقصة استبدال منظومة الدفع الإلكتروني الـ (سويتش) وإعادة تقديم الطلبات على العروض للمرة الثانية في مناقصة توريد 50 صرافاً جديداً لتوزيعها على عدد من المحافظات»، كما بين مدير المصرف العقاري بتاريخ 14/1/2018 بالنسبة للأعطال الفنية المتكررة في صرافات العقاري أنّ «معظم هذه الصرافات باتت مستهلكة وتشكل نزيفاً مستمراً للمصرف كونها تحتاج إلى صيانة دائمة، ومضى عليها بالخدمة ما بين 12 و15 عاماً، موضحاً أن المصرف أبرم عقداً مع إحدى الشركات المحلية لتوريد 100 صراف جديد بقيمة نحو 900 مليون ليرة سورية».
تهرب من المسؤولية
الملفت بالأمر هو: أن فتح الحسابات في المصارف من أجل توطين الرواتب بها يعتبر من مسؤولية الجهة العامة، وليست مسؤولية فردية وشخصية، فحسب الآليات المتبعة والمعتمدة من قبل المصرف العقاري بهذا الشأن:
تفوض المؤسسة من تراه مناسباً (يفضل موظف من دائرة المحاسبة وآخر من المعلوماتية) لتنظيم العلاقة مع قسم التوطين المصرفي في الإدارة العامة للمصرف العقاري للقيام بالمهام التالية:
- فتح حساب جاري (أو حساب مؤقت) خاص بالمؤسسة (بفائدة أو بدون فائدة) في المصرف العقاري باسم المؤسسة (ليتم فيه وضع كتلة الرواتب لتحويلها لحسابات الموظفين)
- فتح حساب خاص بكل موظف (برصيد صفر) ويكون الحساب جارياً بدون فائدة (يحق للموظف أن يغير نوع الحساب إلى حساب جارٍ بفائدة أو توفير بفائدة أو بدونها كما يحق له أن يحول راتبه إلى حسابه الخاص إذا كان لديه حساب في المصرف). وذلك عبر استمارة (يسلمها المصرف للمفوض من قبل المؤسسة) لكل موظف يرغب بتوطين راتبه تتضمن هذه الاستمارة اسم الموظف بالعربي وباللاتيني وطابع مالي بثمن /10/ ل.س، تتم تعبئة الاستمارة بإشراف المفوض وتسليمها إلى المصرف.
- يقوم المصرف بإصدار بطاقة الاعتماد الوطنية Syria Card لكل موظف في المؤسسة الراغب بالتوطين وتربط بالحساب الخاص به، وتسلم بشكل رسمي للمفوض من قبل المؤسسة مع الأرقام السرية (مغلفة ومطبوعة بشكل سري ولا تفتح إلا من قبل العامل صاحب البطاقة).
أسئلة تفرض نفسها
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم تقم مديرية تربية دمشق بمهامها على هذا المستوى، وبحسب التعليمات المتبعة من المصارف كما غيرها من الجهات العامة الأخرى، بدلاً من فرض نمط فتح الحسابات الفردية والشخصية، وما يترتب عليها من رصيد واجب الدفع لقاء فتح هذه الحسابات؟
أما السؤال الأهم فهو: إلى متى ستستمر المعاناة الشهرية لهؤلاء المعلمين بموضوع تأخر صرف أجورهم، واضطرارهم لمراجعة المصرف المرة تلو الأخرى من أجل الحصول على استحقاقهم الشهري؟
برسم مديرية تربية دمشق