اتحاد الكرة.. تمخضّ الجبل فأنجب فأراً
يلجأ القائمون على شؤون كرتنا مرة جديدة إلى التمويه والمناورة في سبيل الحفاظ على مناصبهم العزيزة على قلوبهم؛ فالطريقة جاهزة، وان لم تنفع ذريعة تحميل المسؤولية للاعبين فلتحمّل للخبرات الوطنية حتى ولو كذبتهم «وهو ما حدث»، وإن لم تنفع الطريقتان فليذكر عدد المرات التي رفع فيها العلم خارج الحدود، وإن لم ينفع ذلك أيضاً فشهادات الوطنية بين أيديهم وجاهزة للتوزيع في أي وقت.
مثّل ذلك تمهيداً لبشرى رغبة القائمين على المنظمّة الكروية بالبقاء في مناصبهم.
قد لا يبدو إعلانها بتلك البساطة معروف الغاية والهدف للوهلة الأولى لمضمونها الضعيف بشكل منفصل، دون ربطها مع التصريحات الإعلامية التي تلتها مباشرةً والمروجة لسطوة لاعب على فريق، وتأكيد وجود شرخ في المنتخب؛ مع عدم التململ من التذكير بالأخطاء التي وقع بها رئيس الاتحاد من ناحية، وذكر محاسن الشركات الخاصة الداعمة للفريق من ناحية أخرى، ولا بأس من إغلاق الباب بوجه قدرة المنظمّة على القيام بمهمات كبيرة كما حال ملف رفع الحظر عن الملاعب السورية من قبل الاتحاد الدولي بكرة القدم على مبدأ «زيادة الخير خير»، تحت مسميات كشف الحقائق قبل إسدال أستار النهائي على عدم صواب خيار الإقالة والدعوة إلى إصلاحه.
كفُّوا عن المطالبة
انضمت صفحة كبيرة المتابعين لدعم المنتخب والمعروفة بتبنيها لمطالب الجماهير، بعد تأكيدها على حدوث انفراجات قريبة أكدها لها رئيس اتحاد الكرة، واعترافه بأخطائه، قبل أن تكتمل الصورة بتقديم الرد الرسمي الأول من اتحاد الكرة المعلن لاستمراره في العمل.
هل نستطيع أن نفسّر ذلك سوى بالعمل الإعلامي المبرمج على إحداث تأثير تدريجي لدفع الناس إلى تغيير مطالبها؟ خاصةً بعد تكتّم اتحاد الكرة عن الإدلاء ببيان رسمي إلى ما بعد انتهاء المشاركة بعشرة أيام؟.
وإن كان لا يوجد سواه، فكأنّ لسان حال القائمين يقول: «كفّوا عن المطالبة فنحن باقون».
بيان الاتحاد.. تمخضّ الجبل فأنجب فأراً
لم أنسق: اعتذر فيه الاتحاد الكروي لجمهور المنتخب ولوسائل الإعلام التي غابت عن متابعة الفريق، والتي أرجعها البيان إلى سوء التنسيق بين المكتب الإعلامي في اتحاد الكرة والمكتب الإعلامي لرئاسة اتحاد الكرة.
وبالنظر إلى تصدّي رئيس الاتحاد لرئاسة المؤسسة ورئاسة مكاتبها ولجانها ومن ضمنها المكتب الإعلامي، فمع من سيحدث التنسيق بخصوص المواكبة؟
علماً بأن صاحب المناصب المتعددة منع الإعلامين من دخول مقر إقامة المنتخب، وأباح دخوله للفنانين الذين ظهروا بشكل ساذج بصور السيلفي مع اللاعبين، ومقاطع الفيديو المصورة أثناء إلقائهم محاضرات الوطنية على لاعبينا!
أين هم الفنانون الآن من وجع الناس؟ أبهذه السذاجة يتنازلوا عن شهرتهم؟
2- اعتذار ساذج: كما وجاء في البيان اعتراف رئيس الاتحاد بجملة من الأخطاء، وهي احتكاره مهمّة مدير المنتخب، وإعطاؤه الثقة الكاملة للكادر الفني، والهالة الاعلامية الكبيرة التي أثرّت سلباً على اللاعبين!
من الذي أقنع رئيس الاتحاد بأهليته ليكون مدير منتخب وهو الذي لم يمارس الرياضة يوماً لاعباً أو مدرباً؟، ومن الذي تجاهل المطالب الإعلامية الناصحة بألّا يحملَ ثقل المناصب على عاتقه؟ ومن الذي كان الأقرب للمدرب الألماني في عمله وأخفى تفاصيل الكواليس ونفاها وطالب بالدعم على مسؤوليته الخاصة؟ ومن الذي حضّر خطة بديلة للاستعانة بمدرب الطوارئ «فجر إبراهيم»؟ ومن الذي أطلق شعار سورية بين الأربعة الكبار؟ وشعار المستحيل ليس سوريّاً؟ و قبلهما شعار سوريا بروسيا؟
لقد دخل رئيس الاتحاد الحالي بقوة ماله إلى رئاسة المنظمّة، وأغلق جميع الأبواب على خبراتنا الوطنية ولم يسمع النصائح، وبعد حرق جيل كروي مميز، يخرج إلينا طالباً الاعتذار بكل بساطة؟!
القرارات: حل الجهاز الفني والإداري للمنتخب، وتكليف الكابتن فجر إبراهيم كمدير فني للفريق، والعميد فاروق بوظو رئيساً للجنة الخبرات والتطوير والتي ستكون مهمتها وضع إستراتيجية للمنتخبات الوطنية مع دعوة أصحاب الخبرة لوضع خطة شاملة لتطوير كرتنا.
تمخضّ الجبل فأنجب فأراً، فهل يكفي التستّر خلف اسم العميد فاروق بوظو والمدرب فجر إبراهيم للتأكيد على حسن النوايا؟ وأين البيان من مطالب المحاسبة والإقالة؟
مطالبنا شرط غير كافٍ
يمثّل التوحّد الجماهيري في مطالبة رئيس الاتحاد الرياضي العام ورئيس اتحاد الكرة بالاستقالة والمحاسبة أمراً إيجابياً، ولكن كما تبيّن الوقائع والأحداث المتسارعة بأنّه غير كافٍ لإحداث نقلة في منظومة العمل المترهلة المشبعة بالفساد، لأنّ الأمر السلبي في الوقت الراهن أنّ مؤسسات الدولة في مختلف القطاعات معطلة بفعل السياسة الحكومية المحابية لرؤوس الأموال والمحميين من النافذين بجهاز الدولة، الأمر الذي يتطلّب ضرورة التغيير السياسي لتوجّه الحكومة من خدمة الشركات القابضة ورعاية مصالحها إلى خدمة الشعب.
أي: أن تصبح الحكومة الحالية حكومة شعب بكل معنى الكلمة، وهي البعيدة عن ذلك بفعل القرارات والتشريعات الصادرة عنها.
توهّم حارقي أحلام الشعب
منذ عقد من الزمن أحرقتم جيلاً كروياً مميزاً لجهلكم نظام تصفيات امتدت لمدة عامين دون أن تعرفوها إلى ما قبل اللقاء الفاصل بيومين ولم تحاسبوا، وبعدها تقصدتّم افتعال «خطأ الأوراق الثبوتية» للاعب جورج مراد ليجمّد الاتحاد الدولي للمنتخب، فأحرقتم جيلاً أخر وأنتم تسجلّون نقاطاً على بعضكم قبل الانتخابات الكروية حينها ولم تحاسبوا أيضاً، لتحرقوا جيلاً جديداً بسبب عقليتكم الضيقة الحريصة على مصالحكم الخاصة وحتى الآن لم تحاسبوا.
إنّ لغياب المحاسبة عنكم سابقاً، ما يكفي من الأسباب على اعتبار أنّ شعارات الحكومة تنطلق من أولوية دعمكم على حسابنا، ولكن الجديد اليوم أنّ الأمور أصبحت مكشوفة أكثر من ذي قبل، ولم نعد بحاجة لبرنامجكم الرياضي الأسبوعي الوحيد على القناة الأرضية الثانية لنعلم ما يجري من بعيد ليس في الرياضة فقط، بل وفي الغاز والكهرباء والرواتب و..، فاليوم لا تلبثون أن تتفوهوا بكلمة حتى تجدوا سيلاً جارفاً من الانتقادات، ولا بدّ ليومٍ قادم لا محالة تحاسبوا فيه على شرّ أعمالكم...