حلب.. كوارث انهيارات الأبنية واستجداء الواجبات
استفاقت مدينة حلب مجدداً على خبر كارثي مفجع، وذلك صباح يوم السبت 2/2/2018، فقد انهار بناء سكني مأهول في منطقة صلاح الدين في حلب القديمة، كان نتيجته وفاة 11 شخصاً.
وبحسب وسائل الإعلام فقد انتهت عمليات الإنقاذ التي استمرت لساعات، وكان نتيجتها إنقاذ شخص واحد، مقابل العثور على 11 جثة من الضحايا جراء انهيار البناء السكني المؤلف من 4 طوابق.
ليست سابقة
الجديد في الحدث الكارثي هو تسجيل المزيد من الضحايا الأبرياء جراء انهيار الأبنية في حلب، علماً أن الكارثة الأخيرة لا يمكن اعتبارها سابقة فريدة من نوعها، فقد سبقها تسجيل العديد من حوادث الانهيار للأبنية المأهولة وغير المأهولة في العديد من المناطق في المدينة، حصدت معها العديد من الضحايا والإصابات، بالإضافة إلى الأضرار المادية الأخرى والخسارة في الممتلكات، والتي يمكن اعتبارها أضراراً جانبية صغيرة مقابل الأرواح التي زهقت نتيجتها.
فعلى الرغم من قِدم ملف الأبنية المتصدعة في حلب القديمة، ومناطق المخالفات والعشوائيات عموماً، وعلى الرغم من كل الكوارث التي سجلت خلال الأعوام الماضية، والتي زادت خلال الأعوام الأخيرة وخاصة بعد بدء عودة الأهالي إلى هذه المناطق، وعلى الرغم من كل الحملات الإعلامية بعد كل كارثة من هذه الكوارث، تنبيهاً من المخاطر المحتملة واستجداءً لتحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات، إلّا أن واقع الحال يشير أن لا حياة لمن تنادي، والنتيجة هي استمرار الكوارث مع استمرار وجود المخاطر وتوقع المزيد من الكوارث والإصابات والضحايا المسجلة بنتيجتها.
ضحايا الاستغلال
المواطن المفقر الباحث عن مأوى في ظل محدودية وانعدام خياراته بالسكن المناسب فنياً وهندسياً وصحياً، بسبب غياب سياسات السكن والإسكان الحكومية ومحدوديتها، كان قد لجأ طيلة العقود الماضية لسماسرة العقارات والأبنية في مناطق المخالفات والعشوائيات، والرضوخ لشروطهم الاستغلالية سواء على مستوى المواصفات الفنية والهندسية وشروط السلامة، أو على مستوى الأسعار، بالإضافة إلى معاناته طبعاً على مستوى الخدمات العامة في هذه المناطق، وسوء البنية التحتية فيها، وخاصة شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء.
هذا المواطن أصبح الآن يدفع ضريبة هذا الاستغلال على حساب حياته وحياة أفراد أسرته التي أصبحت مهددة بالخطر، بسبب تضرر الأبنية بنتيجة العلميات العسكرية التي جرت في هذه المناطق، وتوصيفها بين المدمر جزئياً أو كلياً، واضطراره للعودة إليها بعد نزوحه عنها هرباً من بدلات الإيجار المرتفعة التي كان يتكبدها، دون عمليات الكشف الهندسي والفني عليها للتأكد من سلامتها بالشكل الجدي المطلوب، خاصة بعدَ أنْ تعرضت البنى التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي فيها لأضرار كبيرة، تسربت معها المياه لأساسات الأبنية المتصدعة أصلاً والمستهلكة بعمرها الافتراضي، ناهيك عن عيوبها التصميمية والهندسية التي يغلب عليها طابع النهب على المستوى الإنشائي.
تقاذف مسؤوليات
أما الحديث عن لجان السلامة العامة ومهامها وواجباتها في ظل تقاذف المسؤوليات بين المحافظة والبلديات، وصولاً للمخاتير الذين أنيطت بهم بعض المهام على هذا المستوى، فهو حديث ذو شجون، فواقع الحال مع استمرار الكوارث يشير إلى أنّ جزءاً هاماً من المسؤوليات والواجبات على هذا المستوى مفقود، والنتيجة طبعاً هي هذه الحال من الكوارث المتكررة التي يذهب ضحيتها المواطنون بلا مبالاة.
تُرى هل من جدوى من التنبيهات والتحذيرات والاستجداءات المتجددة لتحمل المسؤوليات والقيام بالواجبات حرصاً على سلامة وحياة المواطنين، أم أننا سنستفيق مجدداً على أنباء الكوارث؟
وإلى متى سيبقى المواطنون عرضة للاستغلال والنهب والمخاطر المهددة للحياة على مستوى حقهم بالحصول على السكن الملائم والصحي؟