داعل.. إبطع.. الشيخ مسكين وغيرها..

داعل.. إبطع.. الشيخ مسكين وغيرها..

ما زالت بلدات محافظة درعا تعاني من نقص في الخدمات العامة، وخاصة الكهرباء، حيث لا تزيد ساعات الوصل عن 3 ساعات خلال اليوم في الكثير من الأحيان في البعض منها، وغيابها التام عن بعضها الآخر، مع ما يعنيه ذلك من تأثير مباشر على الأعمال والمهن، ناهيك عن متطلبات الحياة اليومية وضروراتها وتكريس الاستقرار فيها.


ومع إضافة بعض المشاكل والصعوبات اليومية الأخرى التي يواجهها الأهالي في بلدات هذه المحافظة، تصبح المعاناة أكبر وأوسع، وتصبح عودة الاستقرار وتكريسه أصعب.
مشكلة الكهرباء
بلدات داعل وإبطع على سبيل المثال، وبرغم توفر البنى التحتية الخاصة بشبكة الكهرباء، وتوفر الطاقة الكهربائية، إلا أن ساعات الوصل اليومي بأحسن حالاتها لا تتعدى 4 ساعات فقط في داعل، بينما تغيب بشكل تام عن إبطع، فيما يقول الأهالي: إن الإمكانية ربما تتوفر للتغذية بالتيار الكهربائي بما يعادل 12 ساعة يومياً، لكنهم عاجزون عن تبرير هذا النقص بالتغذية وأسبابه، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن نقص التزود بالطاقة الكهربائية ينعكس سلباً على الأعمال والحرف والمهن، التي بدورها تعتبر من الخدمات الضرورية للأهالي، ناهيك عن الانعكاس السلبي على مستوى الضرورات الحياتية اليومية المرتبطة بالكهرباء صباحاً ومساءً وليلاً.
في المقابل، فإن بلدة الشيخ مسكين، كمثال على الطرف الآخر، وبالرغم من الدعوات لعودة أهلها إليها ورغبتهم العميقة بذلك، إلّا أن إمكانات العودة والاستقرار فيها صعبة المنال بسبب حجم الدمار الكبير الذي أتى على البيوت والبنى التحتية والخدمية فيها، بما في ذلك شبكة الكهرباء التي تعتبر من الضرورات الهامة، والإسراع بإعادة تأهليها من أجل تزويد البلدة بالطاقة الكهربائية اللازمة، وذلك لارتباطها بجملة كبيرة من الخدمات الحرفية والمهنية المطلوبة من أجل عمليات الترميم على البيوت المدمرة جزئياً أو كلياً، وهي من أولى متطلبات عودة الاستقرار في هذه البلدة مع غيرها من الخدمات الضرورية الأخرى، كالمياه والمدارس والصحة، مع عدم تغييب أهمية صرف التعويضات المناسبة والعادلة للأهالي عن ممتلكاتهم وبيوتهم المدمرة.
وفوق كل ذلك، وعلى الرغم من تدني ساعات التزود بالطاقة الكهربائية في بعض البلدات، وغيابها عن بلدات أخرى، إلّا أن القائمين على العمل في شركة الكهرباء يطالبون الأهالي بتسديد مستحقات الشبكة والاشتراك والاستجرار، قبل المطالبة بعودة الطاقة الكهربائية مجدداً، علماً أن بعضها مدمر ولا توجد به لا شبكة ولا عدادات كهربائية، يضاف إلى ذلك أن مساعي قمع الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية تتم على حساب الأهالي أيضاً، فمن أجل مخالفة بئر على سبيل المثال يتم قطع الكهرباء عنه وعن المواطنين المرتبطين بنفس الشبكة أيضاً، ناهيك عن أن حساب الكتلة المالية على الاستهلاك تؤخذ كمجموع موحد، بغض النظر عما إذا كان هذا الاستجرار مشروعاً أو مخالفاً، ما يعني: أن المواطنين الذين يستجرون الكهرباء بشكل مشروع هم من يتكبد قيمة استهلاك الكهرباء غير المشروعة، وهو ما يعتبر غبناً كبيراً بحق هؤلاء.
للمياه نصيبها!
بعض البلدات ذات الكثافة السكانية المرتفعة نسبياً عن غيرها، بسبب استقبالها لأعداد من النازحين من أهالي البلدات الأخرى، لم تقف معاناتها عند حدود نقص ساعات التغذية الكهربائية، بل تعَّدتْها ارتباطاً مع ذلك بنقص المياه، حيث يتم اللجوء للصهاريج من أجل التزود بالمياه اللازمة، أولاً: بسبب الكهرباء نفسها، وعدم التنسيق في الضخ بالتوازي مع ساعات التزود فيها، وثانياً: بسبب شبكة المياه نفسها، كونها أصبحت مستهلكة ومهتلكة، ناهيك عما تعرضت له من أضرار بسبب الاعتداءات عليها، مع تسجيل غيابٍ لعمليات الصيانة اللازمة والضرورية عليها، والبطء فيها إن وجدت!
مشكلة رغيف الخبز
مشكلة حياتية أخرى تواجه أهالي هذه البلدات تتمثل برغيف الخبز اليومي، حيث هناك معاناة من نقص الكميات المخصصة كطحين للخبز في الأفران، وما تنتجه من كميات خبز يومي لا تتناسب مع الاحتياجات اليومية على مستوى الاستهلاك العام، خاصة مع الضغط الإضافي الحاصل بسبب توزيع جزء من الكميات المنتجة للمناطق الأخرى، مع غياب تام للتنسيق على أوقات هذا التوزيع، والنتيجة هي: مزيد من الضغط المتواصل على الأفران والذي أدى لتدني في جودة الرغيف، بالإضافة إلى تسجيل بعض حالات النقص في الوزن، والتلاعب فيه أيضاً استغلالاً للحاجة، وكل ذلك على حساب المواطنين وحاجتهم لقوتهم اليومي.
قلق مرتبط بعوامل الأمان
الأهالي وبرغم الصعوبات اليومية التي يواجهونها، إلا أن ما يقلق عيشهم أكثر هو الجانب المتعلق بعوامل الأمن والأمان.
فالحديث عن احتمال وجود ألغام من مخلفات المجموعات المسلحة، مع عدم وجود مساعٍ جادة من أجل إزالتها يجعل من حياة هؤلاء معرضة للخطر في أية لحظة، خاصة وقد تم تسجيل بعض الإصابات بين الأهالي نتيجة وجود بعض هذه الألغام بين بعض البيوت وفي الأراضي الزراعية.
أما الجانب المقلق الآخر، فهو: استمرار وجود بعض الأسلحة في متناول وحيازة بعض الأفراد في هذه البلدات برغم التسويات المنجزة، وخشية الأهالي من الاستخدام غير المشروع لهذه الأسلحة طيشاً واستهتاراً أو قصداً وعمداً، خاصة في ظل عودة بعض أنماط المحسوبية والولاء، بما في ذلك آليات الاستقواء بالسلاح والتبعية في بعض الأحيان، وتحديداً في البلدات التي لا توجد فيها مؤسسات للدولة حتى الآن، أو يعتبر تواجدها ما زال محدوداً فيها.
أخيراً: فإن عودة الاستقرار وتكريسه يتطلب استكمال ضروراته، اعتباراً من النواحي الخدمية والبنى التحتية، مروراً بمتطلبات الحياة اليومية وضروراتها، وليس انتهاءً بعوامل الأمان، وهذه الجملة المتكاملة والمترابطة من العوامل الضرورية لا يمكن لها أن تثمر المطلوب منها اجتماعياً واقتصادياً في حال العودة للأدوات السابقة نفسها في التعامل معها ومعالجتها، خاصة في ظل أنماط المحسوبية والفساد، التي بدأت تظهر مجدداً في مسعى لاستعادة زخمها الماضي استغلالاً واستقواءً على حساب الأهالي والبلدات والمستقبل.

آخر تعديل على الإثنين, 10 أيلول/سبتمبر 2018 08:42