تعويضات أصحاب الحقوق ليست أولوية
أثار توجيه رئيس مجلس الوزراء، القاضي بالتريث بصرف التعويضات للقطاعين العام والخاص، عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم، بسبب الأعمال الإرهابية، وإعطاء الأولوية لإعادة تأهيل البنى التحتية، حفيظة الكثير من المواطنين أصحاب الحقوق بالتعويضات.
فقد رشح عبر وسائل الإعلام: أن رئيس مجلس الوزراء أوعز بذلك التوجيه وفقاً لتعميم صادر عن وزير الإدارة المحلية والبيئة_ رئيس لجنة إعادة الإعمار، الذي تضمن مقررات اللجنة، ورأيها التريث بصرف التعويضات الخاصة.
تحفظات قديمة ومتجددة!
المحضر المذكور، والذي أوردت إحدى الصحف المحلية بعضاً منه، تضمن الكثير من الحيثيات، لكن ما لفت انتباه وحفيظة المواطنين هو التالي:
«عن طلبات المواطنين المتضررين، الذين لم يتمكنوا من تقديم الأوراق الثبوتية كلها للتعويض حول ملكية العقارات المتضررة على الشيوع، ولا توجد ملكية باسم مقدم الطلب، لأن القرية كلها عقار واحد، فكان قرار اللجنة أن يقوم المتضرر بتقديم ما يشعر بملكيته تسلسلاً إلى المالكين الأساسيين، إضافة إلى ما يثبت إشغاله للعقار المتضرر، عن طريق مضبطة مختار وشاهدين من الجوار، إضافة إلى ثبوت إشغاله خلال الكشف الحسي، وبالنسبة للبيان العقاري باسم الأب أو الابن أو الجد أو باسم غير معروف أو من أملاك بلدية لم يتم فرزها…. فرأت اللجنة أنه يسري على هذه الحالة ما يسري على الحالة السابقة، شريطة أن يثبت إرثه للحصة المذكورة، وحول السكن العشوائي، تؤكد اللجنة ضرورة إبراز فاتورة الكهرباء، أو المياه مسجلة باسم المتضرر صاحب طلب التعويض، كما تؤكد اللجنة عدم القبول برسم الخدمات فقط بالنسبة للمحلات المشاع، التي لا يوجد لها تكليف ضريبي، أو ترخيص مع ضرورة إبراز الوثائق المطلوبة».
حيث قال بعض أصحاب الحقوق بالتعويضات: إن الشروط الموضوعة للمطالبة بالتعويض، جزء منها صعب لدرجة التعجيز: «كأن يقوم المتضرر بتقديم ما يشعر بملكيته تسلسلاً إلى المالكين الأساسيين» باعتبار أن هذا الشرط من الصعوبة تحقيقه في بعض المناطق، التي لحق قيودها العقارية الضرر والتلف والضياع.
فيما بعضها تشوبه مخاوف إضاعة الحقوق: «حول السكن العشوائي، فتؤكد اللجنة ضرورة إبراز فاتورة الكهرباء، أو المياه، مسجلة باسم المتضرر صاحب طلب التعويض» باعتبار أن الحصول على عداد كهرباء أو مياه في المناطق العشوائية أمر غير صعب، وهو غير مرتبط بالملكية وأحياناً بالإشغال أيضاً، ناهيك عن بعض أوجه الفساد المرتبطة بذلك، بحيث من الممكن أن يتطفل من ليس له أي حق على أصحاب الحقوق، ليس بالتعويضات فقط، بل وبالملكية أيضاً.
بالإضافة إلى التحفظات السابقة عن آليات العمل المتبعة من قبل اللجان الفرعية في المحافظات، والمبالغ المقدرة من قبلها كتعويض للمواطنين عن ممتلكاتهم المتضررة، والتأخر بصرف هذه التعويضات، لنصل أخيراً للتريث بالصرف مفتوح المدة، والذي لا يقف عند حدود التعويضات عن أضرار المباني والسكن، بل للمقتنيات الخاصة الأخرى، كالعفش والسيارات وغيرها.
تعارض غير مبرر!
يشار إلى أن الثبوتيات اللازمة الواجب إرفاقها من قبل المواطنين، بطلبات التعويض عن أضرار الممتلكات الخاصة، حسب موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة_ لجنة إعادة الإعمار، هي: (ضبوط الشرطة المنظمة أصولاً، وثائق ملكية للممتلكات المتضررة، البطاقة الشخصية).
وفي جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 4/7/2017 وافق المجلس على كتاب وزارة الإدارة المحلية والبيئة، المتضمن تمديد عمل لجنة إعادة الإعمار لمدة عام، ومتابعة صرف التعويضات المستحقة للأضرار الخاصة بالمواطنين، وفق الآلية الجديدة المعتمدة من قبل اللجنة، وكذلك معالجة طلبات الوزارات والجهات العامة المرفوعة للجنة، والمتعلقة بتأهيل البنى التحتية والمرافق العامة المتضررة.
بمعنى آخر، فإن التريث الحالي، بناءً على اقتراح لجنة إعادة الإعمار، يتعارض مع ما تم إقراره خلال الجلسة أعلاه، من موافقة على متابعة صرف التعويضات خلال العام 2018 ولغاية 30/6/2018، باعتبار أن التمديد السابق كان لغاية 30/6/2017.
أما عن الآلية الجديدة المعتمدة من قبل اللجنة، فقد بدأ المواطنون أصحاب الحقوق يتلمسون بعضاً منها، مع التحفظات على بعضها حسب ما ورد أعلاه.
الخاص مستثنى!
أخيراً، لا بد من القول: إن إعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة هي ضرورة واجبة، من أجل عودة الأهالي إلى بلداتهم وبيوتهم، حيث من دون الثانية لا معنى للأولى، وبالتالي فمن المستغرب أن يكون التريث على حساب هؤلاء الأهالي، عبر المزيد من هدر الوقت، بصرف استحقاقاتهم من التعويضات، ناهيك عن بعض الشروط التعجيزية الأخرى، التي تؤخر عودتهم واستقرارهم، خاصة، وأن الاعتمادات المخصصة لكل من هذين الجانبين منفصلة افتراضاً.
مع الأخذ بعين الاعتبار، أن البنى التحتية التي تحتاج للتأهيل، هناك الكثير من الجهات العامة والخاصة التي تعمل عليها وتتابعها، وقد تم لحظ حقوق القطاع الخاص بالتعويضات كذلك الأمر، بل ومنحهم امتيازات إضافية أيضاً.
ولعل ما رشح عبر محضر اجتماع لجنة إعادة الإعمار أعلاه، يؤكد على ذلك، فقد ورد بمتنه حسب وسائل الإعلام: «رأت اللجنة صرف التعويضات عن الأضرار التي لحقت بمقاولي القطاع الخاص، المتعاقدين مع الجهات العامة... مع اقتراح رفع سقف مبلغ التعويضات إلى مئة مليون ليرة سورية بدلاً من عشرة ملايين وبنسبة 30 بالمئة من قيمة الضرر الإجمالي الحاصل بالمشروع».
في مقابل ذلك، تبقى حقوق المواطنين مقيدة بمثل هذه التوجيهات والمقترحات غير المبررة، ما يشي بأن أولويات الحكومة، كأنها غير مرتبطة بحقوق المواطنين، وبعودة الأهالي إلى بلداتهم ومدنهم وبيوتهم، ولا مانع لديها من التريث غير مسقوف المدة، من أجل أن يحصل هؤلاء على حقوقهم أيضاً.