الرياضة ومنشآتها إلى التسليع الاستثماري
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

الرياضة ومنشآتها إلى التسليع الاستثماري

تم البدء بأعمال إعادة تأهيل مدينة الأسد الرياضية في اللاذقية على إثر إخلاء شاغليها من النازحين، نتيجة ظروف الحرب والأزمة، وذلك مطلع شهر تشرين الثاني الحالي.

في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 21/11/2017، كلف المجلس «وزارات الأشغال العامة والإسكان، والإدارة المحلية، والبيئة والسياحة، والاتحاد الرياضي العام، والمؤسسة العامة للإسكان، بوضع برنامج زمني لعودة مدينة الأسد الرياضية في اللاذقية إلى ألقها، ووضع خطة استثمارية لها بالتوازي مع قيام المديريات الخدمية كافة في المحافظة بالمباشرة بخطة تأهيل المدينة بمرافقها كافة».

حصة الاستثمار محفوظة!
تكليف الحكومة أعلاه، بوضع البرنامج الزمني لاستكمال إعادة التأهيل للمدينة بمرافقها كافة لا بد وأنه جيد، خاصة وقد تم تخصيص 400 مليون ليرة من أجل البدء بتنفيذ الأولويات الضرورية، وذلك على إثر الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة للمدينة منتصف الشهر، من أجل إطلاق الخطة المتكاملة لإعادة تأهيل المدينة، حيث أوضح في حينها: أن «الخطة تتألف من شقين: الأول: يتضمن إعادة الخدمات والمرافق العامة من ماء وكهرباء وزراعة وطرق ومختلف أعمال البنية التحتية الرئيسة. والشق الثاني: يتضمن تنفيذ الخطة الفنية والوظيفية لتعود المنشأة إلى عملها، وسيتم رصد المبالغ تدريجياً لإعادة تأهيل المدينة بشكل كامل».
لكن الملفت بالتكليف الحكومي أعلاه هو: وضع خطة استثمارية للمدينة بالتوازي مع برنامج التأهيل الزمني، ما يعني أن المنشأة الرياضية، وبعد استكمال إعادة تأهيلها بالمال العام، سيفتح الباب فيها للاستثمارات الخاصة والعامة، ولتفقد بناء عليه أحد أهم غاياتها وأهدافها، على المستوى الرياضي والاجتماعي والثقافي، كمنشأة رياضية كبيرة عامة، عبر بوابات الاستثمار والتشاركية، حالها كحال بقية المنشآت الرياضية التي سبقتها على هذا المستوى في غيرها من المدن!

الأبواب المغلقة أمام المفقرين
التوجه الحكومي بإدخال الاستثمار كخطة مستقبلية للمدينة، يتعارض مع ما تم التصريح به مع بداية عمليات التأهيل، مطلع الشهر، فقد صرح محافظ اللاذقية في حينها عبر وسائل الإعلام: أنّ «الفرق الرياضية عادت لتمارس نشاطها الرياضي في الألعاب الرياضية جميعها، وأنه خلال الفترة القريبة القادمة ستعود المدينة إلى سابق ألقها، وتستقبل الزوار جميعهم، وتصبح كما كانت متنفساً لأبناء محافظة اللاذقية وضيوفها، وقاصديها بهدف الزيارة والتنزه».
أما رئيس الاتحاد الرياضي فقد قال: «إن «المدينة ستعود إلى دورها الرياضي والثقافي والاجتماعي»، مؤكداً: أن هناك سعي حثيث لكي تكون المنشآت الرياضية شاملة، وجامعة لأبناء الوطن كافة في سورية».
في ظل هذا التوجه الاستثماري الحكومي نتساءل: أين سيصبح الدور الرياضي والثقافي والاجتماعي للمدينة، وهل ستبقى أبواب المدينة مفتوحة أمام الجميع كمتنفس لأبناء اللاذقية وزوارها؟
مما لا شك فيه أن العقلية الاستثمارية التي ستتسيد الموقف بالنتيجة استناداً للتوجه الحكومي أعلاه، ستغلق الأبواب أمام الغالبية من المفقرين، وستفتح بالنتيجة أمام القلة من الممتلئين وأصحاب الثروات والمترفين، فيما تبقى البقية الباقية من أبناء اللاذقية وفقرائها وزوارها على أعتابها مشاهدين فقط، ومتحسرين على ما يفترض من أدوار رياضية واجتماعية وثقافية وغيرها، في مقابل ما سيحصده المستثمرون والفاسدون من أرباح في جيوبهم على حساب الرياضة ومنشآتها.

تسليع معمم
ربما لم يعد مستغرباً في ظل السياسات الليبرالية الحكومية المعتمدة، المحابية للعقلية الاستثمارية الريعية والمشجعة لها، أن يغدو نمط التسليع معمماً على مناحي الحياة كافة، الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، ولتغدو الرياضة ليست استثناءً من هذا التعميم، حالها كحال منشآتها التي تذهب تباعاً لمصلحة الاستثمار والمستثمرين، ضاربة عرض الحائط بالتغني كله عن دورها ومهامها المفترضة، والتي يتم الترويج لها بالكلام فقط.
وأمام هذا النمط من التغول الاستثماري على الممتلكات العامة وأموال الدولة، والتسليع النمطي لمناحي الحياة كافة، بدعمٍ وتشجيعٍ حكومي رسمي، يبدو أن الضرورة تقتضي الوقوف في وجه هذه السياسات ومفرزاتها، التي أحالت حياة الناس، وخاصة الغالبية من المفقرين، إلى جحيم، من أجل القطع معها بشكل نهائي، وذلك ليس من أجل مصلحة الناس فقط، بل من أجل المصلحة الوطنية بشكل عام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
838