عودة الروح... من التوقيع إلى التفعيل

مرت قبل أيام عشرة سنوات حافلة بالجهد والسعي الدؤوب على حدث هام في حياة الشيوعيين السوريين ففي الخامس عشر من آذار عام 2002، وفي دار الرفيق شحادة عرب بدمشق التأم شمل عدد كبير من الرفاق من داخل التنظيمات الحزبية وخارجها ومن مختلف المحافظات، توافدوا إثر عمل ونشاط وتحضير جيد ليشاركوا في صياغة ميثاق الشرف للشيوعيين السوريين، والتوقيع عليه وإعلانه، ليكون بداية استعادة الدور المطلوب من الحركة الشيوعية في سورية،

ومعروف للجميع الواقع الموضوعي الذي هيأ لهذا الحدث البارز، والنضال الذي استجاب له فجاءت تلك اللحظة فكانت بارقة الأمل وسط ظلام أرخى بكلكله على صدر الحركة عقوداً عدة، وانبعث العزم مجدداً لينهي مشاعر وعوامل الإحباط التي عششت في نفوس الكثيرين الذين أذهلهم وروعهم انهيار المعسكر الاشتراكي وسقوط الاتحاد السوفياتي..

وقد كان إعلان ميثاق الشرف تعبيراً حيوياً عن حالة أتت استجابة لواقع موضوعي ملح، ألا وهو توحيد الشيوعيين السوريين في تنظيم طليعي يؤدي دوره الاجتماعي والسياسي في حياة الشعب والبلاد.

ولقد جاء هذا الإنجاز الهام بعد الأزمة التي عانت منها كل الفصائل لعشرات السنين، وكان لابد من تجاوزها وإحداث الانعطاف المطلوب، وعلى الرغم من أن الغربة في الوحدة كانت موجودة لدى الشيوعيين، إلا أنها لم تنجح في وقف الانقسامات والتشرذم، فقد أكد الواقع أن الضعف قد ازداد، ولم يتمكن أحد أن يسعتيد قواه السياسية، الخلاصة إن وحدة الشيوعيين ظلت تعبر دائماً عن ضرورة موضوعية بقيت أملاً حقيقياً محكوماً بالواقع الذي أملاه التراجع وأدى إلى انقسامات متتالية، وعندما حلت اللحظة المنتظرة تهيأ المجال للعمل الملموس للوصول إلى الوحدة الحقيقية التي تتطلب أن تتم المبادرات من تحت لأن هذا هو منطق الديمقراطية الحزبية التي يستند إلها مبدأ المركزية الديمقراطية.

كان الاجتماع الوطني الأول للشيوعيي بعد سبعة أشهر من إعلان الميثاق الذي أطلق نداء الوحدة ثم ظهرت اللجنة الوطنية وتوالت الاجتماعات الوطنية السنوية ورافقتها الخطوات العملية في كل المجالات، وجرت العودة إلى الشارع عبر تحركات ميدانية متنوعة من توزيع للبيانات المختلفة بعشرات ألوف النسخ، وتقديم العرائض والاعتصامات والمظاهرات في كثير من المدن السورية، وأقيم العديد من الندوات السياسية والجماهيرية والثقافية، وقد أظهر هذا النشاط الكبير المتنوع بوضوح أين هي القوى الرئيسية للحركة الشيوعية في سورية، كما أكد أن بارقة الأمل التي بعثها الميثاق لدى الشيوعيين داخل وخارج التنظيمات سوف تتعزز وسوف تدفعهم باتجاه تيار الوحدة.

ولم يكن ظهور اللجنة الوطنية مصادفة، فخبرة الشيوعيين المتراكمة عبر أجيال كانت تتطلب هذا الوليد الذي يحمل أحسن ما في الماضي من ميزات، والقادر على تجاوز البالي منه، وإبداع الجديد الراسخ الأقدام على الأرض.

 

وتوجت الاجتماعات الوطنية السنوية والمؤتمرات الاستثنائية بإعلان تأسيس حزب الإرادة الشعبية لنعيش حالة النهوض متمثلة بالرفاق الشباب الذين انطلقوا بالحركة الشيوعية، ونحن إذ نحس بانبعاث العزائم والهم نحيي كل من عمل ويعمل في هذا الميدان، ونذكر بالفخر والاعتزاز ما قدمه الرفاق الذين رحلوا بعد ما بذلوا الجهود والأعمال والتضحيات الصادقة حتى الرمق الأخير لخير شعبنا ووطننا... كما نحيي دأب الرفاق في أسرة تحرير قاسيون لتكون فعلاً صوتاً صادقاً للرفاق ومنارة تشع على درب نضالنا الطويل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
544