س . م س . م

إما أن يزول الفساد أو يزول الوطن.. ولا خيار آخر!

عندما يحذّر الكثيرون من قوى سياسية وخبراء اقتصاديين من استشراء الفساد في المجتمع السوري، وعندما تصل الأمور إلى الحال الذي يعاني منه السوريون معاناة لا حدود لها، والتي أضحت غير قابلة للتحمل، مع كل ذلك لا نرى من يحرك ساكناً من أجل بتر الفساد وانقاذ الوطن من الموبقات التي يقترفها بحقه، وآخرها وليس أخيرها التلاعب بسعر صرف الدولار حتى وصل سعره بفضل مضارباتهم غير القانونية إلى 110 ليرة سورية وأكثر، ما أثر على الحالة المعاشية لجماهير الشعب فارتفعت الأسعار ارتفاعات جنونية بعد أن فقدت الليرة السورية أكثر من 50% من قيمتها..

لقد أضحينا بتعاملنا مع الفساد الذي تفرعن ولم يجد من يرده كمن ينفخ بقربة مثقوبة، بل وينطبق على حال مسؤولينا قول أبو العلاء (لكنت أجبت لو ناديت حياً/ ولكن لا حياة لمن تنادي).

ويقال إن جزءاً من (الفُسّاد) أو بعضاً من التجار، سيطرحون كميات كبيرة من المواد الأساسية وهي السكر والرز لفرع المؤسسة الاستهلاكية بأسعار الجملة لتقوم المؤسسة بدورها بطرح هذه الكميات وبذات الأسعار لتمكين المواطنين من تأمين حاجتهم منها. إنهم بالفعل كمن (يقتل القتيل ويخرج في جنازته)، بل إنهم يمنون علينا بفعلهم هذا وكأنهم سيتحملون الخسائر من أجل المواطن المسكين، فمادة السكر ستطرح بسعر /73/ ليرة سورية لكل كيلو غرام وسعره عالمياً لا يتجاوز الـ56 ليرة سورية أو 67 سنتاً، وهذا ينطبق على مادة الرز أيضا بسعر 75 ل.س لكل كيلو غرام، وإذا حسبنا سعر الدولار الآن وهو 75 ل.س فإنهم يطرحون سعر مادة السكر والرز بسعر دولار لكل كيلو غرام، وبالتالي فإنهم سيحققون ربحاً إضافياً صافياً 33 سنتا لكل كغ فوق ربحهم العادي الموجود ضمن الـ56 ل. س، وهو السعر العالمي لهذه المادة، أضف إلى ذلك أن الدوائر المالية المختصة بضريبة الأرباح تعرف بدقة بأنهم يتهربون عن دفع أية ضريبة عن أرباحهم الحقيقية لخزينة الدولة لجشعهم غير المعقول وغير المسبوق، وعدا عن  الإعفاءات التي تقدم لهم  من أجل دفعهم لتقديم خدماتهم للمجتمع ويستنكفون عن القيام بها كما يقال «على عينك يا تاجر»، فإن ارتفاع الأسعار هذا له أسباب أخرى يعرفها القاصي والداني، ويأتي على رأسها الاحتكار الذي يمارسونه، فأصبحوا حيتانا قادرين فوراً على التهام أي متدخل في تجارتهم يحاول رفع احتكارهم الواضح وضوح الشمس في نهار صيفي.

وهنا تجب الإشارة إلى قضية هامة، ألا وهي غياب دور وزارة الاقتصاد ومفتشيها عن مراقبة الأسواق التي انفلتت فيها الأسعار انفلاتاً غير مسبوق، وأضحت الأسعار تختلف ليس من شارع لآخر بل من متجر لآخر في الشارع نفسه،  وإذا كان دور المفتشين التموينيين كان في حدود دنيا لا يلبي حاجة المواطنين لأسعار معقولة إلا أن المثل يقول: «الرمد أهون من العمى»،  لكن إن هذا العمى قد أصاب أغلب المسؤولين عن الاقتصاد السوري، وكأن قضية ارتفاع الأسعار ليست مشكلة داخلية، فهم على حد قولهم أنه حتى بلاد «الواق واق» و«غربستان وشرقستان» وغيرها تعاني  بدورها من هذه المشكلة.

 

لقد أضحت قضية ضرب الفساد أينما كان وعلى أي مستوى كان، كبيراً أم متوسطاً أم حتى صغيراً؛ قضية وطنية من الدرجة الممتازة، ولنقل بوضوح إن الفساد يضعنا أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما يزول من جذوره حفاظاً على الوطن وكرامة المواطن، وإما يزول الوطن ويصح علينا وعلى الفاسدين قول علي بأن: «الفقر في الوطن غربة، والمال في الغربة وطن» وإذا كان الفاسدون سيختارون المال وطناً لهم، فإننا بفقرنا وسوء حالتنا المعاشية سنختار الوطن والوطن فقط رغم ما نعانيه من غربة فيه ولو كَرِهَ الفاسدون، وسنعمل على بناء وطن ينعم فيه جميع ابنائه بحقوقهم ولايشعرون بالغربة فيه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
544