«لا للعودة إلى الوراء ونعم لعصرنة القانون»..

مثقفو سورية ضد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد

وقّع عدد كبير من مثقفي سورية بياناً مناهضاً لمشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، ورفعوه إلى كل من مقام رئاسة الجمهورية العربية السورية، وكل من رئيسي مجلس الشعب، والوزراء، ووزير العدل.. وفيما يلي نصه الكامل:

«بيان من مثقفي سورية.. لا للعودة إلى الوراء ونعم لعصرنة القانون..
منذ شهور قليلة ونحن نتابع حالات المد والجزر التي رافقت مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد بحيث يبدو المخاض عسيراً، ويبدو القانون الذي سينتج عن هذا المخاض هرماً، بينما كان من المتوقع أن يكون نضراً جديداً يلبي حاجات العصر والأسرة السورية بمختلف مشاربها. فمسودة القانون الجديد التي نشرت منذ أيام على بعض وسائل الإعلام لا تختلف عن القانون المعمول به الآن بشيء، وهذا يعني أننا لن نرى قانوناً عصرياً في وقت قريب، خاصة وأن القانون نسخة عن قانون  1953، ويعني أيضا أننا نتراجع إلى الخلف ونعود إلى المدونة العثمانية بدل أن نتقدم إلى الأمام بما يتناسب مع روح العصر، وإلا  ما معنى إصدار نسخة باسم جديد، وهي لا تزال تحمل نفس المشكلات التي كنا قد طالبنا مراراً بتغييرها.. حيث بقي سن الزواج في المشروع الجديد جائزاً لمن هم تحت السن القانوني «اي الأطفال»، ولا زالت نفس المشكلات التي تتعلق بالحضانة والطلاق والنفقة وسكن الحاضنة وتعدد الزوجات موجودة، كما أن القانون الجديد لا يحوي أية تعاريف لأي من المصطلحات الواردة فيه، وهذا يعني إبقاء الباب مفتوحا للتـأويل.
كما إن هذا القانون إن صدر سيجهض حتماً مسودة قانون حقوق الطفل التي أعدتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة، هذا القانون «أي قانون حقوق الطفل» الذي سيشكل علامة مضيئة في التاريخ السوري وبصمة جميلة على لوحة الوطن إن صدر.
عدا أن القانون الجديد يلغي قوانين حديثة صدرت لبعض الطوائف المسيحية، وهي قوانين للروم الارثوذوكس والسريان الارثوذوكس والروم الكاثوليك، وهو أمر مستهجن وأثار الصدمة لدى المواطنين باختلاف مشاربهم، كما أثار الخوف على حقوق الأقليات في هذا الوطن الذي كان وما زال مثالاً للتعايش والانسجام بين كل أطيافه. إن كان هناك مشروع قانون واحد لكل السوريين فيجب أن لا يكون على أساس ديني دون مراعاة لبقية النسيج الوطني من أقليات وطوائف أخرى، وإذا كنا نريد قانوناً واحداً للجميع فإن قانون الأسرة العصري، الذي يراعي مصالحها ومصالح الأفراد بما يتناسب مع الدستور والاتفاقات الدولية والحاجات المجتمعية، هو الحل.
ويمكن اعتبار مشروع قانون الأسرة الذي كانت الهيئة السورية قد عملت به لسنوات، نموذجاً إيجابياً صالحاً للتطوير، كما يمكن اعتبار التجربة التونسية والمغربية مثالا يمكن الاستناد إليه.
إن ما حصل من سرية في إعداد مسودة القانون هو أمر غير مقبول، ولا يتفق مع المنهجية المطروحة في الدستور السوري وخطاب القسم «من أجل نصف حقيقي لا وهمي للمجتمع»، كما أنه يتناقض مع ما جاء في الخطة الخمسية العاشرة التي تعهدت بتعديل القوانين السورية التمييزية ضد المرأة، وتعهدت بالعمل من أجل تعزيز مساهمة المرأة في عملية التنمية. كما أنه لا يتوافق مع تصريحات رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب، ووزير العدل، التي أكدت على أن أي مشروع جديد سيجري إعداده عبر آلية وطنية تضمن تمثيل جميع الجهات المعنية، الحكومية وغير الحكومية، في صياغته. لكن ما حدث أن مشروع القانون صدر دون أن تشارك في إعداده الجهات المعنية، مما يخالف مبدأ التشاركية في صنع القرار، الذي يجري التركيز عليه في الخطاب الحكومي، كما يتناقض مع اتفاقية حقوق الطفل والسيداو ورغبة المجتمع  في إصدار قانون اسرة عصري تضعه لجنة مشكلة علنياً تضم جهات حكومية وأهلية وبإشراف الهيئة السورية لشؤون الأسرة. لأن قانون الأحوال الشخصية هو القانون الذي يمس كل سوري وسورية على امتداد الوطن، وهذا يعطي الحق لنا ولكل مواطن بمعرفة ما يجري والمشاركة في وضع هذا القانون.

لكل ما ورد أعلاه فإننا نأمل من سيادتكم:
- إيقاف مسودة قانون الأحوال الشخصية الجديد.
- تشكيل لجنة مؤلفة من هيئات حكومية وهيئات من المجتمع الأهلي والحقوقي والثقافي وناشطين وأعضاء يمثلون كافة الطوائف الدينية وبشكل معلن وبإشراف الهيئة السورية لشؤون الأسرة.
- العمل معا على إصدار قانون أسرة وطني يلبي حاجات العصر.

ودمتم لأجل رفعة وتقدم وازدهار هذا الوطن».
هذا وقد وقع على البيان مجموعة كبيرة من الصحفيين والأدباء والفنانين والناشطين السياسيين والشخصيات الاجتماعية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
430