السياحة إلى أين؟ مواخير وخمارات وأوكار دعارة من الدرجة المتدنية السياحة بيد شرذمة من السماسرة والمرتزقة وتجار الرقيق

أن يكون بلدنا رائعاً ومحباً وآمناً وغنياً بكل ما يملك فهذه نعمة من الله تعالى، وأن يكون لديه منشآت وأثار ومعالم وأماكن سياحية وتاريخية ودينية هامة، وهذه نعمة أكبر طالما يحسد عليها، أما أن تكون السياحة بيد شرذمة من السماسرة والمرتزقة وتجار الرقيق فهذا مالا يقبله عقل ولا منطق ولا يرضى به لا مسؤول في القطاع السياحي ولا حتى سيادة وزير السياحة نفسه ولا أي من الذين ينتمون بكل صدق الانتماء إلى هذا الوطن الكبير والعظيم.

هذه مقدمة بسيطة ومختصرة لما أود إثارته ولما يتوجب على كل فرد فينا أن يقف بحزم في وجه كل من يسعى ويجتهد ويستخدم مالديه من قدرات ومهارات وأساليب ملتوية لتشويه سمعة سورية والسياحة السورية بشكل عام، وسمعة المواطن السوري بشكل خاص، وذلك من خلال تجاهل تعليمات وزارة السياحة ودور الشركات السياحية الكبيرة والمحترمة، واتباع ممارسات لاتخدم إلا المصلحة الشخصية فقط، فيكون القصد منها إفساد وهدم وتشتيت وتخريب البنية التحتية للمجتمع والمفاهيم الأخلاقية والقيم، ولما تربينا عليه من عادات وتقاليد، وكل ذلك باسم السياحة! حتى بات من الواضح تماماً أنه لا يخلو حي ولا شارع ولا بناء (وفي منطقة مساكن برزة بالتحديد) إلا ويعج بالسياح والغالبية العظمى منهم لا يأتون بقصد السياحة والتسوق حسبما تقضي قوانين وأعراف السياحة الدولية وكما هو حال السائح الأجنبي الذي يأتي إلى بلدنا بموجب الاتفاقيات السياحية وبواسطة شركات السياحة الرسمية وينزل في فندق ويزود بمرافق وببرنامج معد خصيصاً لزيارة الأماكن السياحية والدينية والمعالم الأثرية، وليطلع على التاريخ والحضارة العريقة التي تتميز بها سورية، ويصرف نقوده في السوق السياحية في ظل توجه نظامي ومبرمج بشكل دقيق وصحيح، الأمر الأكثر غرابة أن الشقة أو البيت الذي يؤمه أكثر من عشرين شخصاً في الليلة الواحدة، غير مرخص وغير خاضع لأية رقابة: لا أخلاقية ولا اجتماعية ولا حتى رقابة ضريبية أو صحية أو أمنية للأسف. مما يسبب فوضى ويحول الأمكنة المستخدمة لهذه الأغراض إلى أشبه بمواخير وخمارات وأوكار دعارة من الدرجة المتدنية، ويؤكد ذلك كثرة الداخلين والخارجين على مدى أربع وعشرين ساعة وكثرة السيارات التي تركن أمام كل مكان هذه الأمكنة؟!! كما يسبب إخلالاً بالأمن وينشر الخوف والرهبة في قلب الساكن وأسرته وأطفاله ويستقدم الفساد دون وجل، ويسعى إلى تدمير البقية الباقية من الأخلاق لدى الأسر التي لازالت تحتفظ ببعض من عاداتها وتقاليدها ويوقعها في إرباك وإحراج ويرتب أعباء مادية وأدبية للساكن الذي لا يقبل أن يكون حواليه مثل تلك الممارسات، زيادة على خوفه وقلقه المستمرين من وقوع مشاكل هو وأسرته بغنى عنها، وبعد أن يفشل في مكافحتها يسعى للتخلص منها بطريقة أخرى أي يلجأ إلى بيع سكنه بأبخس وأرخص الأثمان ولم يجد من يشتري إلا مكاتب السمسرة نفسها، ويبدأ بالبحث عن سكن آخر يكون أكثر أدباً وأمناً واستقراراً، وهنا تبدأ مشكلته بالتفاقم وهيهات أن يجد البيت المناسب لنقوده هذا إن لم يعانِ من التشرد أيضاً.

فالسياحة في هذه الحالة أشبه بسوق النخاسة أيام الجاهلية؟ من يدفع أكثر هو الرابح الأكبر ومن يأخذ أكثر هو المسوق الأول لكرامته وشهامته، ومجرد أنك اشتكيت أو تذمرت لأية جهة مسؤولة كانت أم غير مسؤولة يعتبر وقوفاً في وجه السياحة وقطع أرزاق الناس!.

السؤال: هل هذا النوع من الممارسات القائم على الانحراف وتشجيع الفساد والفسق يعتبر سياحة، وهل المجاورون لهذه الأمكنة ملزمون بدفع ثمن باهظ من معنوياتهم وآدابهم من أجل أنها ترويج سياحي. وهل هم مجبرون على السكوت عن الأخطاء والفواحش التي يرتكبها السمسار وصاحب العقار الذي يتوارى بسكنه مع اسرته في حي (شريف ونظيف بعيداً عن المكان الذي قام هو بتدنيسه!!)، وهل شرفه وحميته غاليان عليه أما شرف وحمية جاره فلا تعنيه؟! هل وهل.. هموم جديدة أضيفت إلى الهم اليومي للمواطن الذي لم يكن يضعها في الحسبان؟؟

إننا وبدافع الخوف والحرص على سمعتنا ومصلحتنا وأمننا كأفراد، ومن دافع الخوف والحرص على سمعة وأمن ومصلحة بلدنا الحبيب الذي يستقبل في حناياه كل من يأتي بكل ترحاب وبشاشة وكرم ضيافة، ومن قبيل الإحساس بالظلم والمهانة وعدم تجاوب ممن بيدهم الحل.. فالتأجير السياحي مع الأسف الشديد، لايطاله قانون، ولا يطاله نظام، ولاتطاله عقوبة، ولاتثبت عليه شكوى مهما كان نوعها أو أهميتها؟!!

وكثيراً ما نسمع ونقرأ في الصحف اليومية عن جرائم ارتكبت وحرائق شبت وفر مرتكبوها بمساعدة وتواطؤ السمسار الذي قام بالتأجير دون أي حساب، وكثيراً ما تداهم شقق وتختم بالشمع الأحمر لأكثر من مرة لكنها تسجل في محاضر الشرطة على أنها (اشتباه دعارة) وتنتهي المشكلة عند هذا الحد وتفتح الشقة بعد أسبوع على الأكثر! وهنا أسوق مثالاً على ذلك: هناك مواطن غيور على المصلحة العامة أبلغ إحدى الجهات الأمنية عن أشخاص مشبوهون دخلوا أحد هذه البيوت؟!! فحضرت دورية مؤلفة من خمسة عناصر وبدأوا بالطرق على الباب المعني لكن أحداً لم يفتح، الأمر الذي دعا رجال الأمن إلى الوقوف بكل ثبات ومثابرة بالطرق على الباب من الساعة الخامسة والنصف عصراً إلى الساعة العاشرة ليلاً والموجودون في الداخل لم يفتحوا لا من قريب ولا من بعيد؟ المثير للدهشة هنا، كيف يتسنى لرجل أمن أن يهمل باقي المصالح والمهمات الموكلة إليه اربع ساعات ونصف وهو يقف أمام بيت به ناس لا على التعيين: ربما مجرمون ربما جواسيس ربما عصابة وربما يتعاطون الممنوعات، أو يقومون بأفعال مشينة، وينتظرهم حتى يفتحوا له الباب ولما رفضوا حمل «حماله» وغادر المكان بذريعة أنه لا يحمل أمراً باقتحام البيت وفتحه عنوة!!

 

لذلك فإننا نناشد وبأعلى أصواتنا السلطات المختصة أن تضع حداً قاطعاً لمنع دس هؤلاء السياح في الأحياء الأهلة وبين الأسر المحافظة، ونطالب بكل الرجاء والأمل تلك السلطات أن تخصص فنادق سياحية لهم وتمنع المخربين من الإتجار بكرامات الناس وتعطي القانون حرية محاسبتهم، وتقف جادة للدفاع عن حرمة الوطن والمواطن،  الذي تحول همه الكبير إلى أن يشكو ويتذمر ويتساءل: من المعني بحماية حرمته وشرفه وآدابه؟ من المسؤول عن التأجير السياحي؟ هل هي وزارة السياحة؟ أم جهات أخرى لا نعرفها؟ هل جشع صاحب العقار، أم السمسار؟ هل (السائح) نفسه الذي يأتي وهو يعلم تماماً ماذا يريد؟ أين المسؤولون عن السياحة؟!! أين قوانين السياحة؟ من المسؤول عن كل هذه المهازل؟ من سيعوض الخسائر الأدبية والمعنوية والمادية التي تطال الكثيرين بسبب هذا النوع  من السياحة!!؟ من ـ ومن ومن، أسئلة كثيرة وعديدة نتمنى أن تجد من يستمع إليها ويقدم لنا إجابات..