المدينة الجامعية في حلب.. المزاجية أم الفساد؟
عندما تدخل المدينة الجامعية في حلب من باب الفرقان أو باب الوحدة 16 كما اعتاد الطلبة على تسميته تشاهد إلى يسارك الوحدة 16، حيث يقطن طلبة سوريون وقليل من الطلبة العرب، وتبصر إلى يمينك (دار الضيافة) حيث يحل (ضيوفنا الأكارم) من البعثات الأجنبية.
● تبدو لك دار الضيافة بيضاء ناصعة لأنها مكسوة بالرخام الأبيض غالي الثمن، وقد علق على بابها عبارة (دار الضيافة ـ جامعة حلب )، أما الوحدة 16 فلا يوجد ما يدل عليها سوى لونها الأسمر نتيجة تراكم الأوحال والأتربة وإهمال البعض..
● وتستطيع الدخول إلى الوحدة 16 دون أن تتجشم عناء إبراز بطاقة المدينة الجامعية و دون أن تُسأل من أنت؟ لعدة أسباب أولها: أنه مرحب بك دائما في وحدات الطلبة السوريين، وجميع غرفهم ووحداتهم (على حسابك)... ثانيها: لا أحد يخاف على مرافق الوحدة من حمامات وقاعات مطالعة وإنارة وشبكات تدفئة منك، لأنك لن تستطيع أن تخرب منها شيئا.. فإذا أردت على سبيل المثال سرقة مصابيح الكهرباء، فلن تستطيع، لأنها مسروقة قبل أن تفكر بذلك!! وإذا أردت أن تكسر أنابيب التدفئة، فهي مكسورة سلفا وتتدفق منها المياه في الممرات وعلى الدرج سيولاً جارفة، وإذا أردت دخول الحمام فلن تستطيع الخروج منه لأسباب فنية، إلا إذا كنت شاطراً مثل الطلبة السوريين في القفز فوق أكياس ومستنقعات الأوساخ....
● أما دار الضيافة فلا تفكر في الدخول إليها إلا إذا كنت طالباً أجنبياً (أشقر) أو مسؤولاً (لابس طقم رسمي) لأن مشرف الدار مستقر في حجرته 24 ساعة في اليوم لحماية الدار من المتطفلين، ولكنه قد يسمح لك بالنظر من الخارج عبر البلور النظيف فتميز في كل غرفة براداً وكرسيين وخزانة، إضافة إلى الأسرة والستائر الجميلة التي تحمي (ضيوفنا ) من نظراتك الفضولية، ولا نعلم إذا كانت دفعة مكيفات الغاز التي تم إدخالها إلى الدار، مخصصة لغرف الدار أم لقاعات مطالعتها؟ وبالمقابل ماذا يوجد في أي غرفة من غرف الوحدة 16؟؟.. يوجد 3 أسرة عسكرية و خزانة معدنية تصدر أصواتاً جميلة عند فتحها أو عند إغلاقها، عمرها أكثر من 5 سنوات و.. فقط...
●قد يدخل أحد المشرفين في الوحدة 16 إلى إحدى الغرف، فيلقي القبض على الطلاب الثلاثة فيها بتهمة تشغيل سخانة كهربائية، ليعاقبوا بالحرمان من السكن في العام التالي، وإذا تكررت الجريمة يفصلون من السكن... أما في دار الضيافة فلا يحتاج لإزعاج الضيوف، لأنه متأكد أن أحدا منهم لن يستعمل سخانة كهربائية، فلماذا يستعملها ومكيفات الغاز تدفئ شتاء وتبرد صيفا....
ويوجد هناك أيضا الكثير الكثير من المفارقات المضحكة التي لا يسعني التكلم عنها أكثر من ذلك، وليست الوحدة 16 إلا مثالا عن الكثير من الوحدات في هذه البلاد، وليست دار الضيافة إلا مثالا عن الكثير من دور الضيافة للأجانب والكثير من مضافات المسؤولين..
ويتساءل طلبة الجامعة، ليس في حلب فحسب، بل في جميع جامعات البلاد ومدارسها بوصفهم من الفئات الواعية من شريحة الشباب، لماذا لا ينصف أبناء الكادحين ويعاملون على قدم المساواة مع أبناء المسؤولين (وبضيوفنا الأكارم)؟ لماذا أصبحت مؤسسات البلاد وفعالياتها حكرا على الفئة الضيقة الناهبة وضيوفها؟ لماذا يتحول الوطن يوما بعد يوم إلى مزرعة للفاسدين؟؟
ننتظر الإجابة على أسئلتنا هذه وكثير من الأسئلة الأخرى الشبيهة من أصحاب المسؤولية ومن يهمهم الأمر..
■ محمد الذياب - جامعة حلب