عضو مجلس الشعب زهير غنوم في حديث لقاسيون: آن الأوان لمحاسبة الفاسدين وفضحهم وفتح ملفات نهبهم وفسادهم
● يجب أن نحارب الفساد وألا ننتظر تلك اللحظة التي تنتهي فيها الضغوط على سورية، لأن هذه اللحظة لن تأتي.
● أعتقد أن الفاسد الأكبر مازال يستطيع حتى الآن أن يقوم بحماية الفاسد الأصغر، وهذا لن يستمر!
● أيها الفاسدون توقفوا وصوموا عن الفساد عاماً واحداً فقط، عندها لن يكون هناك فقير واحد في هذا الوطن..
● الأرضية الحقيقية لمحاربة الفساد موجودة في مجتمعنا، وهذه الأرضية هي القيم الأخلاقية، والاجتماعية التي لا توجد عند غيرنا من البلدان.
● ما حدث تحت قبة مجلس الشعب مجرد بداية وستُفتح بقية ملفات المفسدين قريباً
أثار النائب زهير غنوم مؤخراً، وتحت قبة مجلس الشعب، قضية فساد هامة ميدانها الشركة العامة للأسمدة بحمص، وقدم في هذا الإطار وثائق دامغة تدين كثيرين ممن تحوم شبهات الفساد حولهم منذ زمن بعيد.. وهؤلاء للأسف كان بعضهم وما يزال معظمهم يتبوأ مواقع ومسؤوليات كبيرة في السلم الإداري الحكومي..
إن صحيفة قاسيون تعد قراءها وجميع المواطنين السوريين أنها ستفتح هذا الملف في عددها القادم، وستسلط الضوء على جميع تفاصيله، وستسعى كما آلت على نفسها، لمتابعته حتى النهاية..
وقد التقت قاسيون النائب زهير غنوم على هامش إثارة هذه القضية، وأجرت معه الحوار التالي:
● الأستاذ النائب زهير غنوم.. ما مدى جدية وجدوى محاربة الفساد في سورية؟ وهل تؤمن حقاً بقدرتنا على القيام بهذه الخطوة؟؟
■ أولاً يجب أن نطمئن إلى أن الوطن ما يزال زاخراً بالشرفاء، وبالمقابل فهناك البعض من الفاسدين والناهبين الذين يرغبون ببقاء واستمرار حالة الفساد لأنها تحقق لهم مصالحهم الضيقة وغير المشروعة على حساب الوطن والمواطنين، أنا تحدثت عبر المداخلة التي ألقيتها في مجلس الشعب عن الذين يطالبون بتخفيف حدة الكلام عن الفساد والإصلاح بحجة وجود ضغوطات خارجية تنعكس على شكل أزمات داخلية، وقلت لهم إن عمري الآن 57 عاماً ووالدي كان يعمل مدرساً، واستيقظت على هذه الدنيا في عام 1956 وفي بيتنا مذياع، وعند قيام العدوان الثلاثي عام 1956، كان يجتمع المدرسون عند والدي ويتحدثون ويتبادلون وجهات النظر ويقولون إن هذه الهجمة الثلاثية على مصر بأحد معانيها هي حرب وضغط على سورية.. ما أريد قوله هو أن سورية تتلقى وستتلقى الضغوط طالما أمريكا وإسرائيل موجودتان وواهم من يعتقد أن هذه الضغوط ستتوقف طالما موقفنا الوطني هو موقف صمود وممانعة، لذلك ما قلته في المجلس أنه إذا أردنا أن نكون أصحاء يجب أن نحارب الفساد وأن نعمل من أجل الإصلاح وألا ننتظر تلك اللحظة التي تنتهي فيها الضغوط على سورية، لأن هذه اللحظة لن تأتي.
إن البعض ما فتئوا يطالبون بتوقف الحديث عن الإصلاح ومكافحة الفساد بذريعة الأخطار العدوانية الخارجية، فيما أرى أنه يجب علينا أن نلتفت للداخل وأن نسعى ليكون جسمنا الداخلي سليماً لمواجهة ومقاتلة أعدائنا، يوجد الآن أشخاص دخلوا في مرحلة اليأس، ولكنني واحد من كثيرين ممن لم يطلهم اليأس ولم نتأثر بأي عامل من عوامل الإحباط.
● إذاً ماذا ينقصنا للشروع جدياً في عملية محاربة الفساد؟؟
■ الحقيقة أنه لا ينقصنا شيء للشروع في هذه العملية ومحاربة هؤلاء الفاسدين، ما ينقصنا فقط هو الجرأة والتحدث بصراحة وشجاعة كما قال السيد الرئيس، أي بشفافية مطلقة من دون أية مراوغة أو تضليل مهما كان موقع الفاسد الوظيفي ومستوى المسؤولية المضطلع بها.. بدل التضليل على من يريد جدياً محاربة الفساد أن يلعب دوره الحقيقي الشفاف الواقعي والموضوعي للوصول إلى الحقيقة..
● من يستطيع برأيك أن يأخذ على عاتقه هذه المسؤولية؟ هل هو مجلس الشعب؟ أم الإعلام أم القوى السياسية؟؟
■ إن من جملة ما قلته في البرلمان إن المطبخ السياسي والاقتصادي هنا، أي في مجلس الشعب، ويجب علينا أن نقوم بواجبنا ودورنا، لقد كلفنا الدستور بواجبات ومهام وعلينا أن نلتزم بها.. لا أحد سيتكرم علينا ويعطينا هذا الدور، يجب علينا أخذ دورنا وامتلاك زمام المبادرة، وهذا سيجعلنا نحقق الكثير في مجال محاربة الفساد..
● هل تعتقد أن بالإمكان تشخيص الفساد؟ من هم الفاسدون؟؟
■ سأقول كلاماً دقيقاً ومهماً وخطيراً، منذ زمن بعيد، كان هناك فساد كبير وشكلت لجنة لمكافحة الفساد الكبير وسميت (لجنة الكسب غير المشروع)، وهذه اللجنة بدأت بطرح سؤال: (من أين لك هذا).. والحقيقة أن هذه اللجنة لم يكتب لها النجاح ليس بسبب الضغوط الخارجية، ولكن بسبب الظروف الداخلية لأن تلك الفترة (أواخر السبعينات وبداية الثمانينات) كانت تعج بالأحداث الخطيرة ومنها التصدي للإخوان المسلمين لذلك تعطل عمل هذه اللجنة ولم يبحث الموضوع مجدداً بعد ذلك..
أما الآن فإني أؤكد أن كل فاسد واضح للعيان، أنا فقط أريد أن أوجه سؤالاً لهذا المسؤول ( من أين لك هذا؟ من أين لك هذه الثياب والعطورات الفاخرة. . (إف سان لوران.. وبيير كاردان)؟؟ (أرجو أن تسجل هذا حرفياً) أنا اعتبر نائباً مستقلاً وأعمل تاجراً، ورغم هذا فحاجياتي جميعها من الصناعة الوطنية..
● طيب، طالما أن هؤلاء الفاسدين معروفون، فمن الذي يقوم بحمايتهم؟ لم لا تطولهم المحاسبة؟؟
■ أعتقد أن الفاسد الأكبر مازال يستطيع حتى الآن أن يقوم بحماية الفاسد الأصغر، وموضوع السماد الآزوتي يؤكد هذه الحقيقة البينة، وعندما ستطلعون (في قاسيون) على حيثيات هذا الملف ستتأكدون بأنفسكم من ذلك. هذه هي الآلية القائمة حالياً باختصار.. ويجب ألا تستمر..
عندما سنتمكن جدياً وبالأدلة والبراهين والبيّنات من كشف بؤرة من بؤر هذا الفساد وفضحها، عندها سوف تنهال علينا ملفات الفساد من كل حدب وصوب، وستنطلق العملية..
● ما دور الإعلام في هذه العملية؟
■ أظن أن دور الإعلام هو الدور المكمل والمتمم لدور ووظيفة البرلمان، لكن وكما هو باد حالياً، فإن جزءاً من الإعلام الرسمي هو جزء من هذا الفساد. الإعلام الرسمي يتحدث بشكل رسمي.. وربما ينتاب بعض القائمين عليه الخوف وعدم الجرأة نظراً لتبعيتهم للسلطة التنفيذية. في إحدى المقابلات التلفزيونية تحدثت عن القضاة عندما تم تسريحهم مع عدد من موظفي المالية بآلية غير صحيحة وسليمة، حيث أن السلطة التنفيذية أرسلت إلى السلطة الأصغر منها، تقول: نحن نحارب الفساد وسنسرح الفاسدين، فما كان من الفاسد الأكبر إلا أن سرح الموظف الصغير الذي يعيق فساده!! لقد تم تسريح الشرفاء من الخدمة على أساس أن هؤلاء هم الفاسدون!! أنا قلت للحكومة في مجلس الشعب وأمام التلفزيون العربي السوري إن هذه الآلية خاطئة وغير صحيحة. وهكذا كان للإعلام دور في انتقاد هذه العملية الخاطئة، لكن هذا الدور غير كاف..
فهناك ترهل في هذا الإعلام من جهة، وتخوف على المراكز والمناصب من جهة أخرى.. يجوز أن يكون هذا المسؤول أو ذاك، المسؤول عن هذه الصحيفة أو تلك، سواء أكان رئيس قسم أو مدير دائرة لا فرق، يود أن يساهم في فضح أو محاربة الفساد لكنه ما يزال حتى الآن يخشى أن يلحقه الضرر، وهذا حدث ويحدث..
ما حدث في قضية معمل السماد الآزوتي يدخل في هذا الإطار، فالصحفي الذي كتب عن الموضوع أقيمت عليه دعوى تحت بند محاربة النظام الاشتراكي، رغم أن ما كتبه لم ينشر في صحيفة عامة بالرغم من كونه موظفاً في إحداها، فماذا لو نشر مقالته في الصحيفة الرسمية التي يعمل بها؟؟ هل كانوا سيعدمونه؟
● أين المشكلة؟ هل هي في هيكلية النظام أم في الآليات المتبعة؟ أم في غياب الرقابة الشعبية والمحاسبة؟
■ أنا لا أخشى في الحق لومة لائم، وإذا قلت أنه لا توجد ديمقراطية في بلدنا أكون قد ظلمت البلد، فأنا لي في مجلس الشعب ثلاث سنوات وأرى أن كل صاحب كلمة حق يستطيع أن يقولها ويدافع عنها دون إحراج، لكن المشكلة في فهم الأمور وطرحها وهو غير متاح للأسف، صحيح أن هناك من يحاول أن يختلق التهم للناطقين بالحق كما حصل مع الصحفي الذي كتب عن قضية معمل الأسمدة، وتم تحويله للمحاكمة، ولكن لم يصبه شيء من الضرر، ولن يصبه شيء أبداً طالما هناك أناس شرفاء في هذا البلد، وهو مازال في الصحيفة ويكتب فيها، وهنا أقول للفاسدين الذين أقاموا عليه الدعوى أنهم سيفشلون في هذه المحاكمة وستتحول إلى محكمة عليهم لمحاكمتهم على أخطائهم وتجاوزاتهم.
أنا أقول: أيها الفاسدون توقفوا وصوموا عن الفساد عاماً واحداً فقط، عندها لن نرى فقيراً واحداً في هذا الوطن..
● هل يمكن للجماهير الشعبية أن تلعب دوراً في محاربة الفساد؟ فأنت تعلم أن الفساد انتقل من الشرائح العليا إلى الشارع، إلى كل مكان في البلد تقريباً، بدءاً من الموظف الصغير والشرطي إلى أمين المستودع. وهكذا صعوداً إلى الحلقات العليا، أي أن الفساد الكبير في الأعلى خلق فساداً صغيراً في جميع الحلقات.. كيف تنظر إلى ذلك؟؟
■ أنا أرى العملية بهذا الشكل: أنا أب لأسرة، وأنا أخطئ وأصيب وفي الفترة التي أكون مخطئاً فيها يتوه أولادي عن الصواب.. وعندما أعود إلى رشدي أعتقد أن أولادي أيضاً سوف يعودون إلى طريق الرشاد.. لماذا؟ لأن الأب يعتبر مثلهم الأعلى. إذاً في كل موضع من مواضع الوطن هناك رب.. كرب الأسرة (أرباب العمل ـ أرباب الوزارات، والمدير رب إدارته) طبعاً هناك شرفاء كثر، أنا سأقول لك قضية مهمة جداً: ليس فقط الفاسدون من يعطل عمل الناس، إنما الصالحون أيضاً في هذا الوطن وبسبب خوفهم والتناقضات القائمة حولهم في السلوك والأخلاق واختلاف المعايير يقومون بذلك عن غير قصد، الآن تذهب إلى أي وزير، ستجد أن بعض المعاملات تأتي إليه أربع مرات ولا يوقعها، هذا الوزير يكون نظيف اليد والمخ والعقل ويطلع على أية معاملة ويدرسها من كافة جوانبها ثلاثة أيام أو أكثر، لماذا؟ لأنه يخشى أن يقع في مطبات الفاسدين!! وهذا يسبب إرباك في الآلية وسرعة العمل.
إن الأرضية الحقيقية لمحاربة الفساد موجودة في مجتمعنا، وهذه الأرضية هي القيم الأخلاقية والاجتماعية التي لا توجد عند غيرنا من البلدان، وحتى موضوع الدين والخوف من الله تعالى يلعب دوراً جيداً في هذا المجال!!
في إحدى مداخلاتي في مجلس الشعب قلت: يجب الاستفادة من الدين للنهوض بالبلاد، وذلك عبر تحديث الخطاب الديني حسب معطيات العصر، فمثلاً قانون السير علينا شرحه للمواطن ضمن الكنائس والجوامع ليصار إلى احترامه، والتوضيح للمواطن أن مخالفة الإشارة المرورية مخالف للشرع والقانون معاً على سبيل المثال، علينا أن نتحدث عن أخطار تراكم وانتشار القمامة.. وهكذا دواليك..
أنا أريد أن نصل إلى نتيجة وهي أننا مجتمع اجتماعي ووطني متعاون ومتجاوب، فهناك مجتمعات لا تمت للوطنية بصلة..
● تعاون الناس مرهون ببدء العملية من الأعلى، أليس كذلك؟ أقصد يجب ألا ينتظر أحد من الشعب أن يغير سلوكه، طالما أن عمليات النهب والفساد ما تزال تجري على أشدها في الحلقات العليا.. هذه العملية في الأسفل تصبح تحصيل حاصل إذا سارت العملية بشكل صحيح في مواقع النهب والفساد الكبيرين، أليس هذا صحيحاً؟؟
■ هذا صحيح، وفي الفترة الأخيرة جاءتنا تعليمات من القيادة السياسية (أظن من الرئيس شخصياً) تنص على أنه يجب متابعة الفساد من قبل مجلس الشعب، وقد اجتمعت اللجان المتعددة اجتماعات متكررة واتفقنا جميعا ًعلى آليات تم وضعها لمتابعة ومحاسبة الفساد والمفسدين الكبار، لكن في الحقيقة لم يقم المجلس حتى الآن بمبادرة حقيقية، أنا أقول وبكل فخر واعتزاز بأنني كنت من المبادرين بالبرلمان لفتح ملف واحد من الفساد، وسوف أتابع فيه إلى النهاية، وأنا أعدكم وعداً قطعياً وأنا في حضرة جريدة قاسيون أنكم سوف تجدون في المستقبل القريب أن لدى زهير غنوم ملفات لن يتسع مكتبكم لها، ثم سيأتي الزملاء الآخرون ويتشجعون لفتح ملفات في باقي مواقع الفساد..
إن من النقاط التي طرحتها سابقاً هي أن يجري لقاء بين الناخب والنائب، إن هذا جزء من عملنا، وحسب الدستور أعتبر نفسي رقيباً على السلطة التنفيذية، وهذا ليس بجديد، وتوجيه السيد الرئيس لنا كان: أن نلتفت إلى الدستور لكي نكون رقباء على الفساد.. على الهدر... وتنظيم الأمور، وهذه الخطوات التي بدأناها ليست سوى خطوة أولى وسيكون دوران العجلة سريعاً في القريب العاجل، وكل من يثبت تورطه بالفساد سأفتح له ملفاً وأعمل على تحويله إلى المحاكمة..
تعقيب لا بد منه
إن ما حدث مؤخراً تحت قبة البرلمان من فتح لملف الفساد في الشركة العامة للأسمدة بكل ما ستفرزه من نتائج سياسية ومالية واجتماعية، ليس سوى مؤشر بسيط على أن هذا الفساد الذي استشرى في طول البلاد وعرضها لم يعد ممكناً السكوت عنه أو القبول به، خصوصاً وأن معظم النواب في مجلس الشعب وعبر سنوات طويلة، كانوا خجولين جداً في التعرض لهذه المسألة التي تكاد الآن تقصم ظهر الوطن والحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه، أما وقد بدأ بعضهم بالتحرك الجاد لفتح النار على المفسدين، فإن هذا له الكثير من المعاني، لذلك هي دعوة عبر صحيفة قاسيون لكل الشرفاء في هذه البلاد المعطاءة، كل عبر موقعه وصفته وإمكانياته، وخاصة في الإدارات العامة والوزرات، أن يبادر للمساهمة في هذه المعركة المصيرية التي ستتوقف على نتائجها حتماً أمور كثيرة، يأتي في مقدمتها القضية الاقتصادية الاجتماعية واتجاه تطورها، إما لصالح البلاد والعباد، وإما لصالح قوى الفساد والنهب المرتبطة بأعداء الوطن الخارجيين..
إذاً هي معركة الجميع دون استثناء، وليخضها الجميع دون استثناء..
■ إعداد وحوار جهاد أسعد محمد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.