تسونامي الفساد يجتاح الإصلاح! وزارة الصحة تنام على أحلام الإصلاح وتترك الحلول للمجهول

تناولت «قاسيون» على مدار السنوات الفائتة، قضايا هامة تمس القطاع الصحي في العمق، وخاصة تلك التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة المواطن، سواء من حيث الخدمات الصحية التي تقدمها المشافي والمراكز التابعة لها، أو تلك التي تتعلق بعمليات استجرار الأدوية، وخاصة المستوردة للمصابين بالأمراض السارية، أو بعض القضايا التي تمس الفساد الإداري في هيكل وزارة الصحة، بدءاً برأس الهرم، أي الوزير، وانتهاء بأصغر موظف لا يقل شأناً عن الفاسد الكبير، باعتباره المفتاح الذي ينتهي إليه.

لقد بدا واضحاً أن مشكلة الإصلاح أكبر من تغيير الوزراء القائمين على رأس وزاراتهم، ولاسيما وأن سرطان الإدارة أصبح هو النهج السائد، والحديث عن الشفافية في إصلاح الإدارة يعتبر خطأً، والإشارة إلى أخطاء بعض رموز الإدارة الفاسدة هو الخطأ عينه عند بعض الفاسدين، حتى أصبحت الاستثناءات هي القاعدة واعتبار تطبيق القوانين والأنظمة خللاً في العمل الإداري، والحجة في ذلك أن الوزير (يحق له منح الاستثناء من القانون على مسؤوليته السياسية) فهل منح هذه الاستثناءات تطبيق للقانون؟ أم تعطيل له؟

سبق لقاسيون أن تناولت، في أكثر من مادة صحفية، الخلل الموجود في وزارة الصحة، ولكن لم تبادر الوزارة السابقة ولا الحالية، إلى القيام بأي إجراء يضع حداً لمن يتلاعب بالقضايا الحساسة في الوزارة، ولم تبادر بالتحقيق بما ورد، فلم يطرأ أي تغيير في عجلتها، كون القائمين على رأس مديرياتها مازالوا يتربعون على عرش مديرياتهم، ومازالوا يعتبرون أنفسهم إقطاعيي هذه المزارع، وما تم إصلاحه يعتبر نقطة من بحر فساد هذه الوزارة، وبقي كل ما ذكر حبراً على ورق، وخاصة عملية تكليف بعض العاملين في الإدارة المركزية بالعمل في مديريات الصحة، لاسيما التي تجري بشكل تعسفي بموجب أوامر إدارية، وما هي بالأصل إلا إجراء غير قانوني، لكن يتم دوماً تطبيقه تحت سيف «ضرورات المصلحة العامة».

إن كانت وزارة الصحة ترى في نفسها قائدة القطاع الصحي في القطر، كما تدعي على موقعها الالكتروني، من حيث (الإشراف على جميع شؤون الصحة ومؤسساتها والتنسيق بينها، توفير خدمات الرعاية الصحية للمواطنين وتأمين مستلزماتها، مراقبتها بما يضمن العدالة الاجتماعية ومواكبة التطورات العلمية، توفير الدواء الآمن والفعال، مراقبة وتحليل الأدوية المصنعة محلياً والمستوردة، استمرار تطوير الصناعة الدوائية الوطنية وفق المعايير العالمية، التطوير المستمر للأداء الإداري الصحي، تنمية الموارد البشرية اللازمة لتحقيق أهداف الوزارة، اعتماد معايير للاختصاصات الطبية والصحية، مراجعة وتحديث استراتيجيات القطاع الصحي والخطط الإستراتيجية ومتابعة تطبيقها) فإننا من هذا الباب سنتقدم ببعض التساؤلات المشروعة لمعظم العاملين في القطاع الصحي، مع جزئيات بسيطة من التعليق، عسى نجد في الوزارة من يقوم بالرد علينا، لبدء السير بالطريق الصحيح:

ـ السؤال الأهم الذي تتعلق به باقي الأسئلة هو: إلى متى سيبقى الفساد الإداري نهجاً في العمل المؤسساتي بالوزارة، وإلى متى سيستمر التستر على فساد بعض القائمين عليها؟ وإلى متى ستبقى أرواح المواطنين وصحتهم رخيصة بأيدي غير أمينة لمن اؤتُمن عليها؟

ـ كيف يمكن لوزارة الصحة، أو لأية جهة عامة أن تعمل دون نظام داخلي؟ لأن عدم وجود نظام داخلي يعني عدم انتظام وقانونية بعض القرارات، وعدم صحة الإجراءات التي تقوم بها الوزارة، ووزارة الصحة هي الوزارة الوحيدة في سورية ليس لها نظام داخلي! فهل يوجد حلقة «سرية» في الوزارة السابقة والحالية هدفها عدم إصدار النظام الداخلي، لتبقى العشوائية والمحسوبية سيد القرار في التعيينات واختيار المدراء ممن يسجلون ولاءهم لفلان من الناس، ألم ننتهِ من هذا الوباء؟ أم أننا سنبقى نرمي اللوم على الحلقة الأضعف دائماً، ويبقى المختلس أكثر براعة باختلاسه، والمتغطرس ينفرد بقراراته في ظل الظروف الصعبة والأزمة التي تمر بها البلاد؟ ألم ننتهِ من موضوعة سندرس وسنعمل وسَوف.. وسَوف؟ ألا تكفينا التسويفات المتكررة التي وضعت البلاد على حافة الهاوية؟!

ـ لماذا الاستمرار بتوزيع السيارات بشكل يخالف قرار رئيس مجلس الوزراء؟ نحن لا ننكر أن السيارات تم توزيعها في عهد الوزير السابق، إلا أن نفقاتها كبيرة جداً ومن الضروري إعادة النظر فيها. فأين تقليص النفقات ووقف هدر المال العام؟ هل فقط عندما يتم الحديث عن قضية تخص العمال ورواتبهم الإضافية؟

ـ هل قرار تسعيرة الأخصائي ما بين 500 ـ 700 ل.س لمصلحة الفقير الذي لا يملك ثمن المعاينة؟ وقد أكد لنا أكثر من طبيب أن بعض المرضى يدفعون بالليرات الحديدية، مما يشي باعتماده على مطمورة أحد أبنائه لدفع ثمن المعاينة.

في هذا السياق نذكر بمشروع قانون تفرغ الأطباء، والحوافز في الهيئات المستقلة المخالفة للدستور السوري، وإهمال الخبرات المتواجدة في وزارة الصحة ومؤسساتها، والتي تحمل من الشهادات والخبرات الكفاءات الكافية  ليؤهلها للعمل في مسيرة الإصلاح المنشود.

ليس معقولاً أن يتم اختيار طبيب لا يعلم بالقوانين المطلوبة مديراً للشؤون القانونية، وهذا الخطأ ناتج عن عدم وجود نظام داخلي. وعدم طي القرار المتعلق بإعادة السائق إلى عمله يعني الإصرار على مخالفة القانون التنظيمي النقابي والقانون بشكل عام، بعد إحالة كتاب الاتحاد العام إلى معاونه.

إن لم تتم معالجة القضايا بشكل جذري فإننا سندعو للروح الإصلاحية بالرحمة والغفران، لأن ما يريده الشعب والعاملون في وزارة الصحة هو إصلاح العقول والنفوس، لا تغيير الحكومات والوزراء، فهل الارتقاء بالواقع الصحي قائم على عاتق الأطباء فقط، أم أن ذلك مرتبط بالوزارة ومديرياتها؟.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2016 14:41