نزار عادلة نزار عادلة

لصوص محترفون في نهب وسرقة القطاع العام شركة الأسمدة نموذجاً

في عرف مدراء الشركات الإنتاجية والإنشائية التابعة للقطاع العام، أننا لسنا بحاجة إلى إصلاح إداري أو حتى اقتصادي، وإن واقع شركات القطاع العام بخير، ولسنا بحاجة إلى هيئات تفتيشية مالية أو غير مالية، وإن كافة الآراء التي تطرح حول الإصلاح هي آراء قاصرة وعاجزة، في حين أن أكثر المدراء يتحدثون عن الفساد وضرورة مكافحة الفاسدين، وتتم المزايدات في هذا الموضوع، ويتم التسابق وكأن الجميع يحاول الهروب إلى الأمام من أجل براءته والنفاذ بجلده.

نعلم ذلك وأمامنا كنموذج، الشركة العامة للأسمدة، هذه الشركة المخسرة من بعض المدراء الذين تواكبوا عليها حيث أقاموا حلفاً مع التجار، بل وتحول بعض المدراء إلى تجار وسماسرة تحت يافطة القطع التبديلية والصيانة، وكان الهم الوحيد كثرة المشكلات الفنية وعدم حلها بشكل جذري للاستفادة من العقود وطلبات الشراء حتى وصل حجم الخسارات إلى مليارات الليرات.

الشركة العامة للأسمدة هي من بين الشركات الاستراتيجية الهامة، تحوي أصولاً ثابتة بقيمة مليار دولار وعدد العاملين فيها ثلاثة آلاف وخمسمائة عامل، وتعتمد في صناعتها على مواد أولية محلية في معظمها ومنتجاتها تلعب الدور الأساسي في تحقيق الأمن الغذائي وهي مصدر أساسي من مصادر دعم الاقتصاد الوطني وتوفير العملة الصعبة بما تحققه من قيمة مضافة على المواد المستخرجة محلياً.

الشركة ومنذ إنشائها ومؤشرات الأداء الاقتصادي تتدنى ويتمثل ذلك في تدني الإنتاج وزيادة كلفة واحدة المنتج وزيادة استهلاك المنتج من المواد الأولية الرئيسية والمساعدة وبشكل ملفت للنظر. وكانت حجج الإدارات السابقة تعزو ذلك إلى سوء التصميم وقدم المعدات.

في أعوام 2000 وحتى 2005 استطاعت الشركة وبجهود جميع العاملين من نقل الشركة نقلة نوعية من حيث كمية الإنتاج وتخفيض كلفة واحدة المنتج وتخفيض استهلاك قطع الغيار، انخفضت كلفة واحدة المنتج أكثر من 18% مقارنة مع سنوات سابقة، كما انخفض معدل استهلاك المواد الأولية والمساعدة إلى أكثر من 18% وزادت حوافز العاملين حتى وصلت إلى قيمة تعادل الراتب الأساسي. وتم حل معظم المشاكل الفنية. ولكن هذا الاستقرار الفني والإنتاجي للشركة لم يرض بعض المتنفذين الذين تضررت مصالحهم الشخصية وتم عزل الإدارة... ومن ثم بدأت الشركة بالتراجع على الأصعدة كافة.

لقد حصل تراجع في الإنتج خلال سبعة عشر شهراً من 1/8/2002 إلى 31/12/2003 في ظل الإدارة الحالية مقارنة مع سبعة عشر شهراً من 1/3/2001 إلى 31/7/2002.

● تراجع إنتاج السماد الفوسفاتي بنسبة 11.33%

● تراجع إنتاج سماد الكانترو بنسبة13.37%

● تراجع إنتاج سماد اليوريا بنسبة 22.47%

● تراجع إنتاج مادة الأمونيا بنسبة 22.42%

رافق ذلك زيادة استهلاك وهدر كبيرة من المواد الأولية والمساعدة حيث وصلت النسب كما يلي:

● زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 11.43%

● زيادة استهلاك الماء المعالج بنسبة 14.68%

● زيادة استهلاك الكهرباء بنسبة 23.7%

هذا بالنسبة لقسم واحد من أقسام الشركة علماً أن باقي الأقسام التي تزيد عن عشرة أقسام ليست بأفضل حالاً مما ذكر.

وقد جاءت ميزانيات الشركة لعام 2003 ـ 2004 لتؤكد ماذكر أعلاه من تدني مؤشرات الأداء الاقتصادي للشركة حيث ورد فيها مايلي:

● انخفاض قيمة الإنتاج التام عن العام الماضي بنسبة 14.35%

● انخفاض معدل تنفيذ الخطة بنسبة 11.35%

● تراجع الإنتاجية الإجمالية بنسبة عن العام السابق 12.38%

● انخفاض الكفاية الإنتاجية عن العام السابق بنسبة 9.43%

● انخفاض إنتاجية العامل بنسبة15.59%

● انخفاض إنتاجية الليرة بنسبة 15.37%

● انخفاض إنتاجية عامل الإنتاج بنسبة 15.56%

● ارتفاع نسبة قيمة المستلزمات السلعية والخدمية إلى قيمة الإنتاج من 47.69% في النصف الأول من عام 2002  إلى 61.01% في عام 2003.

وبعد مرور حوالي عامين فإن النصف الأول من عام 2004 لم يكن بأحسن حالاً من الفترة السابقة ويبين الجدول مقارنة إنتاج معامل الشركة للنصف الأول من عام 2004 مع النصف الأول من عام 2002 حيث يتبين أن تراجع  الإنتاج بلغ مايلي:

● تراجع إنتاج سماد الكانترو بنسبة 41%

● تراجع إنتاج مادة الأمونيا بنسبة 37%

● تراجع إنتاج سماد اليوريا بنسبة 30%

● تراجع إنتاج سماد الفوسفاتي بنسبة 8%

وتقدر قيمة تراجع الإنتاج بحوالي 659 مليون ليرة سورية.

علماً بأنه لم يؤخذ بعين الاعتبار أن معمل الأمونيا يوريا تم توقيفه لمدة شهر بداية عام 2002 لإجراء أعمال التفتيش الفني على معداته وإذا تم لحظ هذا التوقف فإن تراجع الإنتاج يزيد على 920 مليون ليرة سورية.

كما رافق تراجع الإنتاج في النصف الأول من عام 2004 زيادة في استهلاك المواد الأولية بشكل كبير هذه الزيادة في قسم الأمونيا فقط خلال فترة المقارنة للنصف الأول من 2002 مع النصف الأول من 2004 كمايلي:

● زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 36.87%

● زيادة استهلاك الماء المعالج بنسبة 51.65%

● زيادة استهلاك الكهرباء بنسبة 62.05%

وبعد صدور ميزانية الشركة لعام 2004 فإنه يتبين مايلي:

1. زيادة نسبة المستلزمات الخدمية والسلعية إلى قيمة الإنتاج حيث وصلت إلى 63.13%.

2. تراجع قيمة الإنتاج في عام 2004 مقارنة مع عام 2002 بقيمة تزيد عن 448 مليون ليرة سورية.

3. زيادة استهلاك المواد الأولية والمساعدة بنسبة وصلت إلى 43.5% مقارنة مع عام 2002.

إن تراجع الإنتاج ترافق معه زيادة في استهلاك المواد الأولية والمساعدة والوسيطة بشكل كبير كل ذلك ناتج عن التقصير الكبير في متابعة إدارة الشركة للأعمال الفنية والإنتاجية في الأقسام وعدم إجراء الصيانة المناسبة لمعدات وأجهزة خطوط الإنتاج واستخدام قطع التبديل بمواصفات سيئة ومخالفة للمواصفات النظامية ويؤكد صحة كلامنا هذا تقرير لجنة الخبراء الإيرانيين المسجل في وزارة الصناعة (مكتب السيد الوزير) برقم 944/و.ن تاريخ 5/4/2004 والذي يصرح بمايلي: في الصفحة الخامسة (إن تصميم وحدات الشركة العامة للأسمدة جيد وإن هذا الوحدات قادرة على الإنتاج بصورة مناسبة إلا أنه وبسبب عدم صيانتها بصورة مناسبة فإنها تعمل حالياً بطاقة إنتاجية أقل من طاقتها الإنتاجية المخطط لها).

كما جاء أيضاً في التقرير في الصفحة 6 مايلي: (إن أبرز المشاكل الموجودة في الشركة العامة للأسمدة والتي  هي من بين العوامل المهمة في انخفاض الإنتاج في هذا المجتمع هي عبارة عن: إدارة غير مناسبة للغاية وغير منهجية... .).

إن حجم الخسارة المادية المباشرة التي لحقت بالاقتصاد الوطني تزيد عن ملياري ليرة سورية توزعت بين فوات إنتاج وهدر مواد أولية وتلف للمعدات وهذا الرقم من واقع الميزانيات والتقارير الإنتاجية هذا عدا عن الخسارة غير المباشرة والمتمثلة في:

● الأضرار الفنية التي لحقت بالآلات والمعدات.

● هدر الموارد البشرية.

● ارتفاع نسبة التلوث البيئي الناتج عن هدر المواد الأولية.

● تدني الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعاملين في الشركة.

وفي عام 2005 ومن خلال المراجعة حتى شهر 11 تبين أن كلفة وحدة المنتج وصلت إلى 72% وكانت قبل عامين 42%، ويعني أيضاً الهدر بقيمة 600 مليون ليرة سورية.

وزير الصناعة في العام 2003 وفي تشرين الثاني تحديداً زار الشركة وقال حرفياً: (لماذا أخسر 131 مليون ليرة سورية عام 1999 ولماذا أربح 336 مليون ليرة سورية عام 2000)؟ وقال السيد الوزير: نعم يوجد فساد بوضع دفاتر الشروط وفي ترسية العقود.

وقال: لقد قاتلنا لمنع القطاع الخاص من استيراد الأسمدة، والآن يستورد. .

وقال: أوقفوا هذا الخراب... .!!