تغيير المدرسين.... الاستغناء عنهم ؟؟
أصبح المدرس في هذه الأيام يبحث عن أي بصيص أمل في تغيير إيجابي ملموس قد ينعكس إيجابياً على واقعه المليء بالهموم والمعاناة الشديدة، خاصة أن الانحدار الكبير في مستواه الاجتماعي والاقتصادي قد أصبح ذا دلالات خطيرة، وهو في ازدياد مستمر يومياً، واليوم ومنذ فترة طويلة، قلّما يتم معالجة المشاكل الخاصة بالمدرسين بشكل منطقي، على الأقل من منطلق تمكين هؤلاء من تأدية رسالتهم على أكمل وجه.
وفي الوقت الراهن يكثر الحديث عن موضوع الاستغناء عن المدرسين الذين تجاوزت خدمتهم /20 عاماً/ بناءً على المرسوم الذي صدر مؤخراً، والذي شمل أيضاً مدراء المدارس. ونظراً لأهمية هذا الموضوع وتأثيره على جوانب العملية التربوية والتعليمية كان لا بد من فتح الباب للبحث والمناقشة حرصاً منا على تأمين أفضل الطرق والسبل لمعالجة القضايا التربوية الهامة وتفادي السلبيات التي قد تقع نتيجة لتطبيقات هذا التغيير في النصاب.
وفي الحقيقة فإنّ أي تغيير يتم في هذا المجال له تأثيرات شاملة وربما غير ملحوظة، منها ما قد تكون إيجابية ومنها ما هي سلبية ظلت خارج الملاحظة العلمية الدقيقة وخارج السيطرة على إمكانية حلها في الوقت المناسب، ولذلك فإنّ من جملة القضايا التي قد تنجم عن ذلك التغيير في النصاب هي التالية:
1ً ـ المزيد من التعقيد في ملء الشواغر.
2ً ـ ظهور مدراء بعقلية لامبالية.
3ً ـ الخلل في البرنامج الأسبوعي المدرسي.
ونعتقد أن أية دراسة للواقع المدرسي بأشكاله وأوجهه المتعددة ستوفر لأصحاب القرار تقييمات موضوعية وصحيحة قبل اتخاذ أي إجراء يهدف للسير في عملية الإصلاح والتطوير التعليمي والتربوي، وبالتالي فعملية تحليل هذه القضايا الثلاث قد يساعد على فهم ومعالجة مبدئية وفق التفاصيل التالية:
أولاً ـ ملء الشواغر قبل زياداتها: إذ تعاني معظم المدارس في كل عام من تعقيدات هامة في هذا الموضوع وعلى رأسها عدم القدرة على سد الشواغر، ولذلك فتخفيض النصاب في هذه الحالة لمن شملهم المرسوم لن يساعد إلا على خلق المزيد من الشواغر، والجميع يعلم أن ملء هذه الشواغر أصبح مشكلة مزمنة، ولا سيما أن المدرسين من الخارج لا يتقدمون لسدها وذلك بسبب انخفاض أجورهم من جهة والتأخير في الحصول على رواتبهم لمدة أشهر عدة من جهة ثانية، إضافة إلى أن هؤلاء المكلفين لا أحد له صلاحية في محاسبتهم حيث يأتي واحدهم ويذهب من المدرسة بلا حسيب ورقيب، وفي الوقت الذي يشاء هو!! إلى جانب تعقيدات حالات الأمومة التي تزيد من هذه الشواغر ليدفع الثمن كلٌّ من الموجه الاختصاصي ومدراء المدارس، والنتيجة التراجع في المستوى العلمي للطالب.
ثانياً ـ مدراء بعقلية لا مبالية: من المعروف أن نجاح العملية التربوية والتعليمية وقيادتها بصورة دقيقة تبدأ من المدارس، وبالتالي فإن هذا التغيير من أحد جوانبه، قد خلق فرصة جديدة للمدراء لشن المزيد من الانتقاد والهجوم على القرارات التي تصدرها وزارة التربية واصفين إياها بـ«قرارات مدمرة للعملية التربوية» وخاصة أن ذلك الوضع الجديد قد سبب تراجعاً للحوافز المادية من خلال الحصص الإضافية التي كانت تغطي في السابق والتي تساوي مبلغاًَ قدره /1500 ل.س/ شهرياً، في حين أن الوضع الحالي لن يسمح له إلاّ بالحصول على مبلغ قدره /500 ل.س/ شهرياً مقابل أن يعطي المدير /5 حصص/ مجاناً في الأسبوع على الأقل، أي أنه تم توفير مبلغ /1000 ل.س/ شهرياً على الدولة لكل مدير.. كل ذلك على حساب ضعف الإدارة المدرسية وإهمالها.
ثالثاً ـ الخلل في البرنامج المدرسي: لن يكون بمقدور مدير المدرسة تكليف المدرسين الذين شملهم تخفيض النصاب بحصص إضافية، وفي الوقت ذاته لن يأتي مدرس من خارج الملاك لإعطاء حصتين لن تكون كافية حتى لأجور مواصلاته!
وأخيراً لا بد من القول: إن هذه الخطوة لا تساعد على تحقيق الأهداف المرسومة من أجلها بشكل ملموس، بل على العكس تماماً، فقد تظهر مشكلات تربوية وإدارية جديدة تضاف إلى جملة المشاكل المستعصية التي تساعد على توجيه المزيد من الضربات للمكانة الاجتماعية والاقتصادية للمعلم عموماً.
■ عابدين رشيد