خارج الخدمة.. «مؤقتاً»
عند مطلع كلّ شهر، وبمجرد رفع رواتب الموظفين (لصرفها آلياً)، تمتلئ قلوب الناس بالغضب بدل الارتياح، بينما تنهار جيوبهم على سكانها، وعلى قدر ما يبدو هذا غريباً، إلا أنها الحقيقة المرّة، فمع تتوالي الشهور يتكرّر تجمهر المواطنين الموظفين، بأعداد كبيرة حول كوّّات الصرف الآلي، ودون جدوى، لأن الصراف خارج الخدمة، مؤقتاً!.
هذه العبارة التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها طارئة، خاصةً كونها تنتهي بـ (مؤقتاً)، لا تتعدى كونها مجرد عبارة كاذبة، والقصد منها الإزعاج أولاً، وهدر وقت الناس في الانتظار اللامجدي ثانياً، وكشف ضعف الشبكات الآلية في مصارفنا الوطنية ثالثاً.
لهذا، فإننا ننصح باستخدام كلمة (مطولاً) لإنهاء هذه العبارة، لأن هذا أصدق. مما قد يدفع الناس للتجمهر في مكان آخر، قد يكون مباني المصارف نفسها (ليعبّروا عن مدى حنقهم المستعر إزاء هكذا استهتار)، ولتحفظ المصارف ماء وجهها (أمام الأجانب) على الأقل، ولا مانع من الاعتراف (ولو إلكترونياً) بأن هذا الخلل سيستمر ساعات طويلة قبل أن يتم إصلاحه، ولا مانع حتى من الاعتراف بأن المصارف الفاعلة في سورية، لم تساعد في تخفيف عبء صرف الرواتب، بل ساهمت في خلق عبء جديد للمواطنين (وكأن ما فيهم لا يكفيهم)، ناهيك عن أن هذه المصارف أثبتت أنها لا تحترم نفسها أبداً!.
والمؤلم في الموضوع، أن أهلنا اعتادوا المسالمة في طباعهم، مما يدفعهم لأن يدوروا الشوارع باحثين عن أمل ضائع بالعثور على صراف داخل الخدمة، ولو مؤقتاً!، لكنهم للأسف وبعد أن (تحفى أقدامهم)، يفقدون البريق في أعينهم، ليرجعوا خائبي الأمل، فارغي الأيدي، إلى بيوتهم الصغيرة الفارغة بدورها، من فرحة أول الشهر!..
فهل هذا ما حصدناه من تطوير آلية صرف الرواتب؟ أليس أجدى بنا، قبل القيام بتحويل رواتب الموظفين إلى المصارف (لتعزّز أرباحها)، أن نضمن فعالية هذه المصارف؟
ومن المستفيد (طمئنونا)، من هذا الاستهتار بأوقات الناس، وآمالهم، وأموالهم؟!.
وهل سينتظر الموظفون (مطوّلاً)، أن يجف عرقهم تحت أشعة الشمس (ويطقطق جلدهم)، قبل أن يوفّوا أجرهم؟!!..
ونهايةً، نأمل لهذه الطائلة، أن (تنذكر وما تنعاد).
■ وسيم الدهان