حرائق منفلتة والمجرمون طلقاء
حريق جديد يطال جبل المشهد المطل على مدينة مصياف، وذلك في يوم الجمعة الواقع في 12/8/2016، مذكراً سكان المدينة والقرى المحيطة بها بالحرائق كل التي أتت على أعداد كبيرة من الأشجار المعمرة والأحراج الطبيعية.
يشار إلى أن رجال الإطفاء استطاعوا السيطرة على الحريق وإخماده بالتعاون مع الأهالي في المنطقة في اليوم نفسه، ولكن بالمقابل فإن الأهالي باتوا ليلتهم وهم متخوفون من إعادة اشتعال النيران في الغابات والأحراج مرة أخرى، كما سبق أن جرى في مرات سابقة، وخاصة الحرائق التي امتدت واتسعت على مدار أكثر من عشرة أيام بتاريخ 19/4/2016، والتي كانوا متأكدين بحينها أن جملة الحرائق التي تلتهم الغابات المرة تلو الأخرى ما هي إلا بفعل فاعل، بدليل الاشتعال المتزامن للحرائق في مناطق متباعدة، وبدليل آخر هو إعادة الاشتعال مرة أخرى بعد أن يتم إخماد الحريق، كما تم تأكيد ذلك أيضاً على لسان مدير زراعة حماة في حينها حيث قال: «الحرائق التي حدثت مفتعلة كلها» في إشارة للحرائق الثلاث التي امتدت على مدى الأيام المذكورة أعلاه.
صمت رسمي وتقصير مريب
أهالي مصياف والقرى المحيطة يستغربون هذا الصمت الرسمي الذي أصبح مريباً تجاه التقصير بإيجاد الفاعلين ومحاسبتهم من قبل الجهات الرسمية بتعددها وتنوع اختصاصاتها، حيث لم يعد هناك من شك لديهم بأن جملة الحرائق المفتعلة في المنطقة خلال السنين الماضية كلها، لم تكن إلاّ لغايات مصلحية وتجارية، لحساب البعض من التجار والسماسرة والمتنفذين، عبر هذا الشكل من التدمير للطبيعة والغطاء النباتي، وما تحمله تلك الحرائق من آثار ونتائج بيئية آنية وبعيدة المدى على مستوى الحياة نفسها، وخاصة على مستوى الثروة الحيوانية والحياة البرية في المنطقة، بل وفي بعض الأحيان تطال منازل وبساتين وأحراش الأهالي، ما يعني خسارة على المستوى الفردي الخاص، وخسارة على المستوى الاقتصادي الوطني العام، والبيئي والطبيعي الحالي والمستقبلين باعتبار أن بعض أنواع الأشجار التي تأتي عليها النيران وتلتهمها لا يمكن تعويضها بسنين قليلة، فمنها من الأنواع المعمرة التي لا تعوض ولا تقدر بثمن.
حرائق سنوية تلتهم مئات الهكتارات
مئات الهكتارات من الغابات والأحراج والمحميات تأكلها النيران والحرائق سنوياً في هذه الرقعة أو تلك، من المناطق التي تتكاثف فيها الغابات في منطقة مصياف، وسهل الغاب، وفي المنطقة الساحلية، وفي كل مرة يتوقع الأهالي أن يتم إلقاء القبض على أحد الفاعلين، ولكن دون جدوى على مرّ تلك السنين كلها، كما وفي كل مرة يتم الحديث عن المطالب المتعلقة بضرورة كبح جماح التجار والمستغلين والمنتفعين من هذه الحرائق، بالإضافة إلى الحديث عن ضرورة تطوير وسائل وأدوات الإطفاء وزيادة أعدادها في هذه المناطق، مع زيادة أعداد حراس الغابات والأحراج، وغيرها من المطالب القديمة الجديدة التي تصل لمسامع الجهات الرسمية دون جدوى، حيث ما زال الواقع على حاله منذ سنين.
تأكيد مطالب
هنا نعيد ما تم إيراده عبر جريدة قاسيون بتاريخ 1/5/2016، وذلك في المادة المنشورة بعنوان «غابات وقلوب تحترق» حيث جاء فيها: «موضوع الحفاظ على الغابات والحراج ومنع التعديات عليها ومحاسبة الفاعلين والمستفيدين منها على اختلافهم وتنوعهم، تعتبر واحدة من المهام الوطنية واجبة التنفيذ والمتابعة الجدية، ولعل ذلك يبدأ بتأمين المستلزمات والتجهيزات الكفيلة بتطويق الحرائق ومنع انتشارها، مع تأهيل وتدريب الكادر الكافي من العاملين بمجال المراقبة والمتابعة للغابات والأحراج، مع إعادة النظر بالقوانين والتعليمات الناظمة لقمع المخالفات والتعديات والجرائم بحق الغابات والأحراج، وبما يحقق الردع الفعلي لتلك المخالفات والجرائم، مع السعي من أجل توسيع الرقعة الحراجية عبر زيادة المساحات المزروعة، وإعادة تشكيل وتكوين الغابات والأحراج والمحميات، الطبيعية والصناعية.