طلاب سورية يدفعون ثمن سياسات الترقيع التعليمي
خلال لقاء مع وزير التعليم العالي عبر قناة «سما» الفضائية الخاصة، بتاريخ 14/1/2018، صرح الوزير بأن السنة التحضيرية التي فرضت على الكليات الطبية خلال السنوات الماضية (طب بشري- طب أسنان- صيدلة) سوف يتم تعميمها لتشمل كليات الهندسة ربما خلال العام الدراسي 2018-2019 حسب ما تخطط له الوزارة.
وقد ربط الوزير بين السنة التحضيرية والمفاضلة، حيث قال بأنه عسى نتخلص من المفاضلة من خلال تعميم السنة التحضيرية وصولاً للتسجيل المباشر في الكليات مستقبلاً.
حديث الوزير عن خطة الوزارة بشأن تعميم الالزام بالسنة التحضيرية للطلاب، ربما يشير إلى انعدام ثقة التعليم العالي، ليس بالطلاب وامكاناتهم ومقدرتهم فقط، بل بالشهادة الثانوية الممنوحة من وزارة التربية، وآليات وطرق التقييم والتقويم المتبعة والمعتمدة من قبلها للطلاب، والتي تظهر كنتيجة عبر العلامات المحصلة من كل منهم، وإن لم يتم التصريح بذلك رسمياً.
بمعنى آخر أكثر وضوحاً، فإن المشكلة الحقيقية التي بسببها يوضع الطلاب على مفترق طرق المفاضلة الجامعية منذ عقود استناداً لسياسات الاستيعاب المقرة من قبل التعليم العالي، أو عبر الزامهم بالسنة التحضيرية من قبلها خلال السنوات القريبة الماضية، سببها الأساس هو العلاقة بين التعليم العالي والتربية، والحلقة المفقودة في هذه العلاقة التي يدفع ضريبتها العملية الطلاب بنهاية المطاف على حساب جهدهم وعمرهم، كونهم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، وليس أي سبب آخر ربما!
طبعاً مع عدم اغفال مصالح الجامعات الخاصة المرتبطة بشكل أو بآخر بهذه الحلقة الفجوة، كما بسياسات الاستيعاب المعتمدة، والتي تصب كلاهما في خدمة تراكم المزيد من الأرباح في جيوب مستثمري هذه الجامعات عبر استقطاب المزيد من الطلاب لكنفها، وعلى حسابهم، وهو أمر لا نتصور بأنه غائب عن واضعي السياسات التعليمية أو سواها بجميع الأحوال، وهم وحدهم من يتحمل مسؤولياتها، بغض النظر عن آليات الالزام بما سمي بالامتحان الوطني الذي يتوقف بحسب نتيجته اعتمادية تخرج الطلاب من عدمها بعد كل سني دراستهم وتعبهم وتحصيلهم العلمي، وما له وما عليه، كمؤشر آخر على سوء السياسات التعليمية المتبعة، وآليات الترقيع المعمول بها لسد بعض فجواتها.
والنتيجة العملية من كل ذلك هي أن الطلاب سيبقون تحت جملة هذه العوامل من الضغوط الممارسة بحقهم رسمياً، والأهم وفقاً للاستراتيجيات المقرة من قبل التعليم العالي كخطط مستقبلية على مستوى تعميم السنة التحضيرية، هي أن سنة دراسية ستفوت من عمر هؤلاء وجهدهم على أمل تحقيق حلم ورغبة كل منهم باستكمال تحصيله العلمي في الكلية التي يطمح بها، وربما يحققها وربما لا!
فهل ستبق هذه الحلقة المفقودة بين التعليم العالي والتربية دون ترميم كذريعة يدفع ضريبتها الطلاب، وثغرة لتغلغل المزيد من الخصخصة في التعليم على كافة مستوياته؟
ومتى سننتهي من آليات الترقيع المتبعة وصولاً لتعديل السياسات التعليمية جملة وتفصيلاً بما يحقق مصلحة الطلاب والمصلحة الوطنية معاً؟
برسم التعليم العالي والتربية والحكومة ككل!