حدث في مشفى القامشلي... وبانتظار التحقيق
توفى يوم 19/1/2008 المواطن السوري بطرس بطرس في المشفى الوطني بالقامشلي، وقد بلغ مكتب «قاسيون» أن الوفاة ما كانت لتحدث لولا اللامبالاة التي أبداها ذوو العلاقة من طاقم المشفى، حيث وقفت حائلاً دون إسعافه بالسرعة المطلوبة، ما أدى إلى حدوث الوفاة.. ونتيجة مطالبة بعض المطّلعين على الحادثة صحيفتنا بفتح الموضوع للوقوف على تفاصيله، ارتأت «قاسيون» أخذ رأي الطرفين (طاقم المشفى الطبي والتمريضي والإداري من جهة، وذوي الفقيد من جهة أخرى)، لكي تحافظ على موضوعيتها.
في زيارتنا للمشفى أبدى السيد مدير المشفى استعداداً للتعاون، وسهّل لنا إجراء هذا التحقيق المقتضب..
المشفى: قمنا بما يلزم.. والخطأ ليس خطأنا
أفادنا طبيب مقيم مناوب إسعاف يوم حدوث الوفاة بما يلي :
فور وصول المريض إلى المشفى, دخل المرافق إلى غرفة الإسعاف ومعه ورقة موقعة من د. دنحو يعقوب مشخصاً المرض على أنه (خذل شقي أيسر) يحتاج إلى تصوير طبقي محوري إسعافي، ونظّمت أنا وأحد الممرضين أوراق قبول للمريض فوراً، ولم يطلب المرافق أية إجراءات إسعافية، بل رفض القيام بإجرائها مطالباً فقط بتصوير طبقي محوري لعرضها على طبيبه الخاص, وفي مكتب القبول تبيّن أن للمريض إضبارة سابقة، وأنظمة المشفى تتطلب استكمال تلك الإضبارة وإضافة الوضع الطارئ عليه لاستكمال الحالة المرضية, وتبين أن الإضبارة غير موجودة لدى قسم القبول في المشفى (أي أنها ضائعة), ورغم ذلك (يتابع الطبيب نفسه) استدعيت طبيب أخصائي عصبية للكشف عن حالته, وتم تحويله إلى العناية المشددة.. وتوفي المريض حوالي الساعة الخامسة, بعد أن قمنا بكل ما يتطلبه واجبنا المهني والوظيفي»..
ويتساءل طبيب آخر: «كيف يقوم الدكتور دنحو بتحويل المريض إلى المشفى وهو في مثل هذه الحالة الإسعافية, إن في ذلك خطأ طبياً, والمشفى ليس موقع خدمات للقطاع الخاص»..
كما يضيف طبيب آخر من المشفى: «بعضهم يحوّل الحالات الميؤوس منها إلى المشفى الوطني للتشكيك بسمعته لصالح المشافي الخاصة»!..
هنا تنتهي شهادة طاقم المشفى، ونحن إذ نعرضها لا ندعي صحتها أو عدم صحتها، لكننا نؤكد أنها تختلف جذرياً عما تفضل به ذوو المرحوم بطرس..
ذوو المتوفى: قتلوه بالروتين!
الرجل الذي قام بإسعاف المريض المتوفى إلى المشفى قال: «كنا في المشفى الساعة التاسعة والنصف, وفور وصولنا، طلبتُ إسعافه، فطلبوا مني أوراق قبول، ولدى مراجعتي مكتب القبول قالت لي الموظفة: ابحث عن إضبارتك بين الأضابير، فبحثت عنها ولم أجدها, وبعد نقاش حاد بيني وبين الموظفة، ذهبت إلى المدير الإداري وأفهمته أن المريض في حالة إسعافية, وهذه الإجراءات روتينية سننفذها بعد إسعافه، فقال لي: (شو بدي أساويلك إضبارتك ضايعة.. روح لاتدوخني ماني فاضيلك..). واتصلت مع الدكتور دنحو فقال لي: اجلب دفتر العائلة لإحالته مرة جديدة إلى المشفى عن طريق المستوصف، فعدت إلى البيت وأخذت دفتر العائلة، وقمنا بالإجراءات، وحوالي الساعة الثانية عشرة والنصف تم إدخاله إلى غرفة الطبقي المحوري، وجاء أخصائي عصبية، وفهمت من ملامح وجهه أن حالة المريض خطيرة».. ويتابع قائلا: «كل ما قلته عليه شهود، حتى أن السيد مدير الصحة الذي كان في المشفى لتكريم الممرضات حضر بعض الوقائع التي تحدثت عنها»..
حسب هذه الرواية فان إجراءات القبول امتدت ثلاث ساعات على الأقل, وهذه المدة الطويلة وحدها بمثابة حكم بالموت على مريض في مثل هذه الحالة.. وشكوى الأهل تركز بالدرجة الأولى على تلك التعقيدات واللامبالاة التي أبداها مكتب القبول والمدير الإداري الذي تصرف مع مرافق المريض بطريقة بدائية متخلفة دون أن يراعي وضع المريض, ولا الحالة النفسية للمرافق، وهذا يتنافى مع القانون وشرف المهنة..
إننا وقد عرضنا موقف الطرفين، نأمل من السيد وزير الصحة التدخل وتشكيل لجنة لإجراء تحقيق سريع في الواقعة، وبيان الحقيقة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.. فهذه الحادثة كما نعتقد هي مرآة لما آل إليه الوضع الصحي في المحافظة، فبين جشع القطاع الخاص, وبيروقراطية العام والفوضى والتسيب والإهمال يكون المواطن هو الضحية, وكثيرة هي الحالات التي نسمعها عما يسمى سرقة المرضى من المشفى الوطني لمصلحة المشافي الخاصة.. ولنا وقفة خاصة مع هذا الموضوع في الأعداد القادمة..
■ القامشلي – مكتب قاسيون