جمعة خزيم جمعة خزيم

مشروع جر مياه دجلة.. هل يصبح حقيقة؟!

مدير الموارد المائية في الحسكة:

المشروع ذو أهمية بالغة من الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية

«... تعمل الهيئة العامة للموارد المائية على تقليص الفجوة بين الطلب على المياه والموارد المائية المتاحة من خلال رفع درجة تنظيم هذه الموارد وزيادة الاستفادة منها بما ينسجم مع التنمية المستدامة لها، وتعمل مديرية الموارد المائية في الحسكة على تنظيم إدارة الموارد في الأحواض المائية بالمحافظة للحد من استنزاف المياه الجوفية مع تأمين متطلبات الأمن الغذائي والاجتماعي، حيث يستهلك حوض دجلة والخابور جميع موارده المائية، وبناء عليه، لا يمكن إيقاف الاستنزاف إلا عن طريق الاستفادة من مياه نهر دجلة، حيث تنتظر مساحات شاسعة من أخصب الأراضي في الجزيرة العليا تنفيذ المشاريع الزراعية فيها»..

هذا ما شرحه المهندس سمير مورا مدير الموارد المائية في الحسكة، مبيناً أن مشروع ري دجلة يعد حالياً من أهم المشاريع المنتظر تنفيذها في سورية بكلفة مئة مليار ل.س، ويمتاز بأهمية بالغة من الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية، بالإضافة لمساهمته في الحد من البطالة عبر تأمين آلاف فرص العمل الجديدة في المحافظة، وزيادة رقعة المساحات المروية، وزيادة إنتاج المحاصيل الاستراتيجية، وتحسين الوضع المعاشي والاجتماعي للمواطنين، وبالتالي تخفيف هجرة الأيدي العاملة، وتأمين الاستقرار الاجتماعي للسكان، وزيادة فرص الاستثمار وإقامة مشاريع سياحية وزراعية في المنطقة.

وتتمثل أهداف مشروع جر مياه نهر دجلة إلى الخابور باستخدام جزء من حصة سورية من مياه نهر دجلة، وتأمين مياه الشرب للمدن والقرى الواقعة ضمن زمام المشروع، إضافة إلى ري نحو 120 ألف هكتار من الأراضي الزراعية الجديدة، ودعم مساحة تقارب 60 ألف هكتار من مشاريع الري الحكومية في مشروع الخابور، وتأمين جزء كبير من متطلبات الأمن الغذائي، والحد من الاستنزاف الحالي للمياه الجوفية في أغراض الري.‏

ومن ناحية ثانية، فإن مبررات دعم مشروع ري الخابور من نهر دجلة تتمثل في الاستفادة القصوى من موارد النهر الطبيعية لإرواء نحو 150 ألف هكتار بتكثيف زراعي عال للأراضي الممتدة من مدينة رأس العين حتى ناحية الصور في محافظة دير الزور، حيث يتألف مشروع ري الخابور من ثلاث مناطق رئيسية، المنطقة الأولى تمتد من ينابيع رأس العين حتى سدي الحسكة، وتمتد الثانية من سدي الحسكة وحتى سد الباسل جنوب الحسكة، أما المنطقة الثالثة فتمتد من سد الباسل جنوب الحسكة إلى ناحية الصور في محافظة دير الزور.

وتنبع أهمية المشروع من تزايد انخفاض تصريف الينابيع المغذية لنهر الخابور في مركز رأس العين، ما أدى إلى انعدام الجريان الحر من الينابيع كلياً، وهو ما انعكس سلباً على مشاريع الري الحكومية والخاصة التي تعتمد في ريها على مياه نهر الخابور وينابيعه، فبسبب نقص المياه فإن قسماً كبيراً من مشاريع الري الحكومية والخاصة التي تعتمد في ريها على مياه نهر الخابور وينابيعه لم تروَ، وأصبحت الخطط الزراعية على الشبكات الحكومية خاضعة للوضع المائي في كل سنة، إضافة للعجز الحاصل في المياه الجوفية بسبب الاستجرار المتزايد للمياه من آلاف الآبار الزراعية المحفورة في الحوض.

أمام هذا الواقع، يعد المشروع بمثابة الحل الاستراتيجي لأزمة العجز المائي في حوض الخابور لوقف الانخفاض الحاصل في منسوب المياه الجوفية بالحوض من خلال ربط مشروع ري دجلة مع مشروع ري الخابور وتغذيته بحجم مائي يقارب 500 مليون متر مكعب سنوياً.

جدوى أكيدة

ويوضح مدير الموارد المائية أن مشروع جر مياه دجلة يهدف إلى تحديث دراسة سابقة أجرتها شركة بلغارية في عام 1980 لري 150 ألف هكتار، وإعداد التصميم الفني للمأخذ المائي على نهر دجلة ومحطة الضخ الرئيسية في عين ديوار، حيث يشكل المشروع الحالي منظومة ري متكاملة تشمل منشآت مائية هامة تتضمن محطات ضخ وسد تخزيني ونفق ضخم، مع الاستفادة من بعض السدود القائمة حالياً، إضافة إلى أقنية وشبكات ري حديثة، والاستفادة من المياه الجوفية، مؤكداً أن جميع الدراسات الاقتصادية أثبتت جدوى هذا المشروع. وتشمل مكونات مشروع ري دجلة الحديث إنشاء محطة ضخ عين ديوار على نهر دجلة عند موقع عين ديوار على الحدود السورية التركية، ويبلغ تصريف المحطة من 10 - 100 م3/ثا، ويقع أمامها حوض الترسيب وقناة عين ديوار التي يبلغ طولها 5.20 كم، وغزارتها 100 م3/ ثا، ولا يوجد عليها حقول إروائية لمنع توجيه الصرف نحو الأراضي العراقية، ومحطة ضخ المالكية والتي تضخ المياه من قناة عين ديوار إلى سد المالكية بغزارة 10 - 100 م3 / ثا، ثم سد المالكية على وادي السفان، ونفق كراتشوك الذي ينقل المياه من بحيرة سد المالكية عبر مأخذ النفق وتصب مياهه في قناة رملية تنتهي في سدي باب الحديد والجوادية، وتتفرع منهما القناتان الرئيسيتان اللتان تنقلان المياه إلى نهر الخابور، ومن المقرر تعديل القناة الرئيسية الأولى على ضوء تحديث الدراسة وكمية المياه المنقولة إلى مشروع ري الخابور، وفي نهايتها سيتم تنفيذ قناة دعم مشروع ري الخابور. وبالنسبة للقناة الرئيسية فسيتم حذف المساحات التي يتجه تصريفها نحو الأراضي العراقية، وفتح مساحات إضافية، وسيتم تعديل بارومترات القناة وفق تحديث الدراسة، وتتضمن مكونات المشروع كذلك محطات التحويل وخطوط نقل القدرة لتأمين التغذية الكهربائية ومنظومة القيادة والتحكم الإلكتروني بعناصر المشروع لحمايتها من الأعطال، نظراً للامتداد الكبير للمشروع والمسافات الشاسعة بين مكوناته الأساسية، وحفاظاً على سلامة المنشآت وتحسين ظروف تشغيلها واستعمالها. 

التنفيذ على مراحل

وبيّن (مورا) أن الخطوات المتخذة لإنجاز تحديث المشروع تضمنت وضع الاتفاقية السورية العراقية التركية موضع التنفيذ من خلال التعاقد مع الشركة العامة للدراسات المائية بحمص لدراسة تحديث المخطط العام لمشروع ري دجلة بهدف إرواء مساحة 150 ألف هكتار، ووضع التصميم الفني للمأخذ المائي ومحطة الضخ الرئيسية في موقع عين ديوار، حيث باشرت الشركة أعمالها بنهاية شهر تموز المنصرم، وتم تنظيم الدراسة للمشروع بشكل كامل على ثلاث مراحل، تتضمن الأولى مراجعة الدراسة والمخطط العام والمؤشرات الفنية للمكونات الرئيسية الأخرى على ضوء المعطيات الجديدة، وتشمل الثانية تنفيذ عدد من الأعمال على ضوء نتائج المرحلة الأولى وتنفيذ التحريات الحقلية الإضافية للمنشآت الرئيسية، والتصميم الفني لقنوات الري ومحطات الضخ والتوليد، بينما تتضمن المرحلة الثالثة وضع المخططات التنفيذية لقنوات وشبكات الري والصرف والتصميم الفني لمحطات الضخ الفرعية.‏

وأشار مدير الموارد المائية إلى أن الشركة العامة للدراسات تعاقدت مع شركة (مهاب قدس) الإيرانية لوضع التصميم الفني لمحطة الضخ الرئيسية في موقع عين ديوار خلال 12 شهراً، حيث باشرت الشركة بتنفيذ أعمال التصميم لمحطة الضخ وتسيير الأعمال المتفق عليها، والمدة الزمنية المتوقعة لإنجاز المشروع تتراوح بين ست إلى ثماني سنوات، وحالياً تقوم الشركة العامة للدراسات وفقاً للعقد الموقع بالعمل في موقع عين ديوار عن طريق الحفارات لإجراء سبور وتحريات نهائية لإنشاء الأعمال المدنية للمحطة..

آخر تعديل على السبت, 30 تموز/يوليو 2016 15:14