قانون تنظيم مهنة المحاماة الجديد.. أين التحديث والتطوير؟

لابد من الحديث عن قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010 الذي صدر أخيراً عن مجلس الشعب، لأنه شكّل خيبة أمل واضحة وصفعة للمحاماة، تكاد أن تثلم العدالة، إذ لا تجديد ولا تطوير ولا تحديث، وقد تبين أن القانون السابق ببعض مواده أفضل لمهنة المحاماة من القانون الجديد.

ففي عام 2007 عقد مؤتمر استثنائي في مدينة حماة لمناقشة وتعديل قانون مهنة المحاماة رقم 39 لعام 1981، لأنه منذ ثلاثين عاماً لم يطور أو يعدل، وفي المؤتمر تم اقتراح تعديل خمس وخمسين مادة من أصل 114 مادة، والتي هي بمجملها تؤلف قانون تنظيم مهنة المحاماة، ورفع هذا المشروع وتعديلاته إلى الجهات المختصة من وزارة عدل ومجلس وزراء وقيادة قطرية ومجلس الشعب، لما لهذا القانون من دور مهم وأساسي في مفاصل العدالة، ولمكانة نقابة المحامين ورياديتها في المجتمع والدولة. إلا أنه صدر منقوصاً وغير ملب لطموحات الزملاء المحامين، بل لقد ولد ميتاً. والسؤال إذا كان صدور القانون قد تم بعام 1981، وتم تعديله عام 2010، فمتى يعدل هذا القانون الجديد بشكل مناسب وفي أي عام؟ هل بعد نصف قرن؟ فقد تم تعديل ما يقارب عشرة مواد منه وهي مواد عادية وغير مهمة وجاءت مخالفة لمشروع التعديل، وهذا التعديل من خارج المقترحات التي أوصى فيها المؤتمر العام بمدينة حماة!!.

 فمثلاً، المادة 9 فقرة 3/انتساب إلى نقابة المحاميين، لا يتجاوز 45 سنة، هذا في النص القديم واقترح تعديل هذه المادة إلى 40 سنة، وفي القانون الجديد صدر المادة 9-فقرة 3 الانتساب إلى نقابة المحامين  غير متجاوز سن الخمسين (والذي تابع نقاش مجلس الشعب لقانون تنظيم مهنة المحاماة رأى العجائب، فمثلاً هذه المادة طرح بعض أعضاء مجلس الشعب أن يكون المنتسب إلى نقابة المحاميين لا يتجاوز الستين، وفي المقترح من اللجنة ألا يتجاوز الأربعين، ولدى التصويت والنقاش يتدخل رئيس مجلس الشعب ويقول بالحرف الواحد: نقسم البيدر بالنصف بين الستين والأربعين، ليقترح خمسين ويوافق عليها أعضاء المجلس!! هذه المناقشات في قبة مجلس الشعب، وليست في مكان آخر، فأين الأسباب الموجبة لهذا التعديل؟.

لقد أصبحت نقابة المحامين بهذا القانون الجديد مأوى للعجزة والمتقاعدين والعاطلين عن العمل، ولكل من حمل شهادة الحقوق، فالقانون القديم صدر عام 1981 وفي ظل ظروف صعبة وقاسية على البلاد تعرض خلالها بلدنا إلى محاولات من بعض المندسين لتفرقة الوحدة الوطنية وضرب البلاد والعباد، لذلك صدر القانون في وقت عصيب، وكان لزاماً على الدولة أن تتشدد آنذاك، وتصدر قانون مهنة المحاماة لما لها من دور طليعي وقيادي في المجتمع والدولة، فكان القانون رقم 39 لعام 1981 والذي شدد على هيبة الدولة، وقد يكون مناسباً للظروف التي نشأ فيها، فنص ببعض مواده مثلا المادة 107 يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء أن يحل مجلس النقابة ومجالس الفروع.. وهذا القرار قطعي لا يقبل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن.

والمادة 108 تخول رئيس مجلس الوزراء بعقد مؤتمر وتشكيل نقابة محامين من مجلس وفروع. هذه المواد غير قانونية ولامنطقية في الوقت الراهن، فليس من المعقول منطقياً وعقلياً أن يحل رئيس مجلس الوزراء نقابة كاملة بمجلسها وفروعها بقرار أو توقيع منه بالرغم من أن هذا المجلس والفروع منتخبون ديمقراطياً من الزملاء المحامين أعضاء الهيئات العامة.. هذا ظلم وإجحاف بحق نقابة المحامين أعرق النقابات في سورية، نقابة تدعي الدفاع عن المظلومين وتفقد حقها وحريتها.

نحن في عام 2010 ولسنا في عام 1981، وهذه المواد وما شاكلها يجب أن تلغى نهائياً من كافة القوانين والأنظمة لأنها أصلاً مخالفة للقانون والدستور.

المادة 101 لجنة الشطب كانت مؤلفة من رئيس قاض وقاضيين أعضاء ومحاميين أعضاء، أي ثلاثة قضاة ومحامين، مهمة هذه اللجنة مناقشة الطعون لشطب المحاميين وفصلهم من النقابة.. اقترحنا تعديلها بقاضيين وثلاثة محامين باعتبار أن عمل هذه اللجنة من صلب واختصاص عمل النقابة، وعلى مبدأ أهل مكة أدرى بشعابها، إلا أن هذه المادة لم تعدل وبقيت على حالها..

طلبنا في المؤتمر الاستثنائي لتعديل قانون مهنة المحاماة جعل مدة التمرين ثلاث سنوات بدلاً من سنتين /مادة25/ وذلك للحد من التسجيل في النقابة إلا أن هذه المادة لم تعدل.

طلبنا تعديل المادة 51/40/ ينتخب مجلس الفرع لمدة أربع سنوات وإضافة لا يجوز تجديد انتخاب أي عضو منهم أكثر من دورتين متتاليتين، وهذا بالنسبة للمادة 40 أيضاً المختصة بمجلس النقابة.

عدلت هذه بإضافة: ينتخب مجلس الفرع والنقابة لمدة خمس سنوات...

طلبنا تعديل المادة34 فقرة 8/(...) إقرار النظام الداخلي والمالي ونظام التمرين والأنظمة المتعلقة بصناديق التعاون والإسعاف والمكاتب التعاونية والأنظمة المركزية الأخرى المقترحة من مجلس النقابة، وتعتبر هذه الأنظمة نافذة بعد تصديقها من وزير العدل..) كان المقترح إضافة (من تاريخ صدورها تعتبر هذه الأنظمة نافذة وتشطب باقي الفقرة، إلا أن هذه المادة لم تعدل فلماذا؟

المؤتمر العام لنقابة المحامين هو أعلى سلطة في النقابة وليس من المعقول والمنطق أن كافة قراراته المالية والإدارية والتنظيمية لا تعتبر سارية إلا بعد أن يتم تصديقها من وزير العدل..                

أما عن مشروع قانون تعديل الرسم الإضافي، فإن طوابع دور المحاكم زادت ألف بالمائة، على أساس أن طابع دور المحاكم يعود ريعه لإصلاح دور المحاكم وإنشاء محاكم جديدة بأبنية جديدة، فطابع الليرتين أو الثلاثة أصبح 57 ليرة، وإن استئناف قرار التنفيذ يكلف 1000ل.س، ودعوى مخاصمة القاضي تكلف أكثر من عشرين ألف ليرة، وإن تصوير أية ورقة بطابع 50 ل.س... هذه الظاهرة خطيرة وقد أصبح المواطن يصرف على الدولة والحكومة ووزارة العدل التي هي من أغنى الوزارات والتي أخذت تفرض رسوماً وطوابع على المتداعين المواطنين لتبني قصور محاكم وتفرض لصيقة على المواطن لتزيد راتب القاضي.. فأين ميزانية هذه الوزارة؟

ووزارة المالية أرهقت كاهل المواطن بقيمة طوابعها ورسومها، وكأن المواطن هو الذي يجب أن يملأ خزينة الدولة؟ وهل ستفرض وزارة الصحة مستقبلاً طابع صحة لبناء مشافي؟ ووزارة التربية طابع لإنشاء مدارس، والوزارات الأخرى تفرض طوابعها أسوة بوزارة العدل العتيدة، حتى يصبح المواطن هو الذي يصرف على الحكومة؟..

 

■ المحامي رياض الهفل