العلاقة بين التعليم وسوق العمل.. علاقة تبادلية
أقامت هيئة تخطيط الدولة بالتعاون مع معهد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ورشة عمل حول ربط التعليم بسوق العمل في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات استمرت يومين، وشارك فيها ممثلون من وزارة التعليم العالي والتربية والصناعة، بالإضافة إلى أساتذة من جامعة دمشق، كما تم استعراض التجربتين المصرية والألمانية في هذا المجال بحضور ممثلة من المعهد القومي للتخطيط في مصر وممثل من الهيئة الألمانية للتعاون التقني.
تناولت الورشة عدة محاور منها: النمو السكاني وانعكاسه على التدفقات الطلابية حاضراَ ومستقبلاً، تحليل الوضع الراهن للتعليم بكل فروعه (عام، فني، تقني) وعلاقته بسوق العمل، التعليم في الخطة الخمسية العاشرة، دراسة تحليلية للتعليم الجامعي وتوزعه على الفروع المختلفة، التعليم التقني في المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى التركيب التعليمي لقوة العمل والبطالة.
خلصت هذه الورشة إلى عدة نتائج وتوصيات وهي:
التوسع أفقياً وعمودياً في التعليم لاستيعاب الأعداد المتزايدة الناتجة عن النمو السكاني، وتطوير أساليبه ومناهجه بما يتناسب مع التطور التقني والواقع العملي لرفع مستوى الكفاية الخارجية للتعليم وتناسب المستوى العلمي والفني لمخرجاته مع احتياجات المجتمع والعملية الإنتاجية.
انتهاج سياسة تعليمية تحقق التوافق بين مخرجات التعليم بما يلبي احتياجات عملية التنمية وسوق العمل بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات المسؤولة عن التعليم وعملية التدريس.
العمل على إيجاد قاعدة بيانات خاصة بمخرجات المؤسسات التعليمية لتتم متابعتها بعد التخرج ودراسة مدى توافقها كماً ونوعاَ مع احتياجات سوق العمل وذلك لوضع استراتيجية تعليمية صحيحة مبنية على الاحتياجات الفعلية من العمالة المؤهلة والمدربة بعيداً عن الهدر في الطاقات البشرية والمادية.
زيادة أعداد الطلاب في التعليم المهني والتقني للحد من الأعداد الكبيرة من خريجي العلوم النظرية في الجامعات التي لم تعد تلقى القبول المناسب لها في سوق العمل.
نشر ثقافة التدريب والتعليم المهني والتقني بين أفراد المجتمع وخاصة من العاطلين عن العمل وذلك حسب خصوصية المناطق الموزعة على كافة الأراضي السورية.
تعزيز مفهوم العمل بوصفه قيمة وليس وسيلة للدخل.
إحداث هيئة للتعليم الفني والمهني والتقني تضم ممثلين عن جميع الجهات المعنية وتنسيق جهودها في مجال وضع السياسات والبرامج التعليمية والتدريبية وتحديثها باستمرار لموافقة التطورات والتغيرات العلمية والتكنولوجية.
الاهتمام ببرامج إعادة التدريب والتأهيل لمختلف التخصصات والمستويات التعليمية لاستقطاب التسربات الطلابية من المدارس والكليات.
تطوير العلاقة مع سوق العمل تضمن مشاركته الفعلية في تدريب الطلاب وتطوير المناهج من خلال إقامة اتفاقيات مع مؤسساته المختلفة.
إعادة النظر في الخطط الدراسية للأقسام العلمية في الجامعات والمعاهد بحيث يتم تضمينها برامج تعمل على متطلبات الإعداد العلمي ومتطلبات شغل الوظائف المختلفة.
هذه التوصيات التي خرجت بها ورشة العمل بما تضمنته من تمثيل تربوي تعليمي وتخطيطي في سورية، قد توجهت نحو التعليم لجعله أكثر ملاءمة لمتطلبات سوق العمل والعملية الإنتاجية.. فهل سنشهد بالمقابل توصيات من الجهات المعنية توجه لسوق العمل وممثليه من القطاع الخاص تدفعه لممارسة دوره في تطوير التعليم والبحث والتوظيف، وبالتالي في عملية التنمية ككل؟
إن نسبة المشتغلين في القطاع الخاص من حملة الشهادة الإعدادية ومادون هي 86 % حسب المجموعة الإحصائية لعام 2007، وهذا يضمن لرب العمل أقل قدر من الأجر وأعلى نسبة من الأرباح ضمن الواقع الصناعي للقطاع الخاص السوري، الذي يركز على الاستثمار في التجارة والخدمات التي تشكل ما يقارب 50 % من مشاريعه، دون أن يلتفت إلى توظيف أمواله في مشاريع صناعية وزراعية متطورة وعصرية، وهذا يقلل من امتصاص الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل والمقدرين بنحو 300 ألف عامل سنوياً بمن في ذلك العمالة المتعلمة وذات الإمكانات المعرفية الكبيرة.. فلم لا يتم السعي لدفع القطاع الخاص للاستثمار في الصناعات المتطورة التي تحتاج الأكفاء والخريجين أصحاب الاختصاصات العلمية؟
إن عدم مطالبة قوى السوق بمسؤولياتها تجاه العملية التعليمية يدفعها إلى المزيد من التهرب وعدم تحمل المسؤولية تجاه المجتمع والعملية التنموية.