قانون الحراج مجدداً.. السم بالدسم!
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

قانون الحراج مجدداً.. السم بالدسم!

ناقشت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بتاريخ 24/8/2022، خلال ورشة عمل أقامتها في مجمع صحارى بريف دمشق، مسودة قانون الحراج الذي تقوم الوزارة بإعداده بأسلوب عصري متطور يحافظ على التنوع الحيوي في الحراج ويمنع التعديات ويعتمد مبدأ التشاركية مع المجتمع المحلي.

فبعد أكثر من عام على فتح الحديث عن الورشات الحوارية من أجل تعديل قانون الحراج برعاية وزارة الزراعة، وتوقفها أو سيرها البطيء لأسباب مجهولة طيلة هذه المدة، يبدو أنّ هناك تسارعاً من أجل إنهاء التعديلات المطلوبة على القانون الآن!

فقد تم الانتهاء من إعداد مسودة القانون بحسب ما ورد أعلاه، ولم يبقَ إلا تحويله للحكومة للنظر فيه واعتماده من قبلها، وإحالته تالياً إلى مجلس الشعب كخطوة قبل نهائية لإقراره!

مع الأخذ بعين الاعتبار أن قانون الحراج الحالي كان قد صدر في عام 2018، ومن الملاحظات على متن مواده ونصوصه أنه سجّل تراجعاً في حينه على قانون الحراج الصادر في عام 2007 على مستوى حماية الحراج، وقد سبق لقاسيون أن أفردت بالتفصيل جملة الملاحظات على قانون 2018، مع التركيز على نقاط التراجع فيه، من خلال سلسلة مواد تحت عنوان «ملاحظات أولية على قانون الحراج الجديد».

فما الجديد المتوقع من التعديلات المزمعة على قانون الحراج الآن، إن لم تكن مزيداً من التراجع على مستوى حماية الحراج؟!

مبررات وذرائع

بحسب وزير الزراعة، استناداً لما ورد على صفحة الحكومة بتاريخ 25/8/2022، فإن: «الورشة استكمال لسلسلة ورشات سابقة أقامتها الوزارة في المحافظات بهدف الإعداد لقانون حراج متطور وعصري يحقق مبادئ الحماية والحفاظ على التنوع الحيوي في الحراج ومنع التعدّيات وتطبيق مبدأ التشاركية مع المجتمع المحلي بالتوافق مع إجراءات حكومية تهتم بالمجتمع جوار وداخل الحراج من خلال التأسيس لمشاريع تنموية تلبي حاجات السكان ومتطلباتهم».

وأوضح الوزير أنه «نتيجة التعديات التي تتعرض لها المواقع الحراجية والتي تساهم في حدوث الحرائق والأضرار على الحراج أو حدوث بعض القطعيات نتيجة الحاجة غير المنظمة جاء القانون لينظم الحراج من حيث الاستثمار والحماية والرعاية والتشاركية مع المجتمع المحلي، ولكن مع استمرار التعديات وبعد حدوث الحرائق الإرهابية في 2020 التي أدت إلى خسارة مساحات كبيرة من الحراج كان لا بد من إعادة النظر في استراتيجية الحراج والقوانين والتعليمات الناظمة لقانون الحراج والعمل على إعادة صياغته ليكون قانوناً عصرياً يتوافق مع احتياجات السكان».

وقد أكد كل من رئيس الاتحاد العام للفلاحين، ورئيس اتحاد غرف الزراعة، مشاركتهما في الورشات التي عقدت لهذه الغاية.

«المكتوب مبين من عنوانه»!

من الواضح أن الأسباب الموجبة للتعديل لم تتغير عن سابقتها مما ورد لتبرير صدور القانون في عام 2018، والتي تمحورت حول مفردات وعبارات مثل «حماية الحراج واستثمارها بشكل أفضل»، مع فارق تجدر ملاحظته بهذا الشأن يتمثل بسلاسل الحرائق الكارثية الواسعة التي جرت خلال عام 2020.

أما على مستوى الجوهر والمطلوب فعلاً من التعديلات، فمن المتن المصوغ والوارد أعلاه، ربما من الهام التوقف عند بعض المفردات والعبارات مثل: الاستثمار- التشاركية- جوار وداخل الحراج- المجتمع المحلي- احتياجات السكان- المشاريع التنموية.. وغيرها، والتي قد تعتبر بوابات العبور لمزيد من التعدي على الحراج استناداً للتعديلات المزمعة على القانون الحالي، ولمصلحة أصحاب الأرباح والمستثمرين والتشاركيين، بموجب نصوص قانونية تحمي مصالحهم بالنتيجة!

فهذه المفردات والعبارات، وفقاً للمنظور الرسمي وجملة السياسات الليبرالية المعمول بها، والنماذج التنفيذية المجربة من العمل الحكومي طيلة العقود والسنوات الماضية، هي تماماً كالسم في الدسم الذي يؤمن ويضمن فقط مصالح أصحاب الأرباح والمستثمرين على طول الخط، مع استمرارها وزيادتها وتوسيعها، على حساب ما تبقى من حراج وغابات، كما على حساب البيئة والمصلحة الوطنية بالنهاية.

ومن كل بد بالنتيجة أنه لا رهان على جملة السياسات الليبرالية المجربة والمختبرة طيلة العقود الماضية، بنتائجها التدميرية الملموسة على كافة المستويات، فهي لن تسفر إلا عن مزيد من التردي والسوء والتوحش!

معلومات إضافية

العدد رقم:
000
آخر تعديل على الخميس, 01 أيلول/سبتمبر 2022 11:34