شارع الوادي في «حي الجورة» بدير الزور يستغيث

إذا كانت المنطقة الشرقية ككل، وهي المنبع الأول لمعظم ثروات الوطن الاستراتيجية، مهمشة ومهملة طيلة العقود الماضية.. فدير الزور كجزء منها لا تقل تهميشاً وإهمالاً أيضاً رغم الوعود الكاذبة بالتنمية..

ومن المعروف أن الأحياء الشعبية البسيطة وأحزمة الفقر في كل المدن تكون هي الأكثر تهميشاً.. وحي الجورة في دير الزور هي اسم على مسمى فعلاً، ولو أنّ مجلس المدينة سماه حي الثورة لذر الرماد في العيون لكن دون أن ينجح بذلك لا من قريب ولا من بعيد.. حاله كحال المتغولين من الفاسدين  الذين حولوا كثيراً من المفاهيم والمسميات لتكون بغير صورتها وماهيتها، حيث أصبحت الرشوة والسرقة فهلوة وشطارةً، والشرف غباءً.. هذا الحي يقطنه عشرات الآلاف من الفقراء وأبناء الريف، وأغلبهم من الريف الغربي من المدينة، الذين هجروا أرضهم نتيجة السياسات الاقتصادية - الاجتماعية الليبرالية وخاصةً في السنوات الأخيرة، وفيه نسبة عالية من الشباب العاطلين عن العمل، وبالتالي فقد أصبح هذا الحي مرتعاً لكل موبقات البطالة (أم الرذائل) ومآسيها واستغلال الفاسدين للمصائب، وآخرها إصابة عددٍ كبير من المواطنين بحالات تسمم.. وهو يعاني من الإهمال الشديد في جميع أنواع الخدمات الحكومية ناهيك عن استغلال تجار البناء والأراضي للحي وأهله في السكن العشوائي..

وعلى سبيل المثال لا الحصر نبين أن الشارع الرئيس المسمى «شارع الوادي» وهو أهم شارع في الحي وطوله حوالي 3 كم، حيث يبدأ من سوق تابع لاتحاد عمال دير الزور - استثمره أحد المدعومين من المتنفذين وحوله إلى مول - ووصولاً إلى آخره، وهو يحتوي على محلات وورش حدادة ونجارة وألمنيوم وإصلاح سياراتٍ مع عدد كبيرٍ من المطاعم الشعبية ومحلات الخضار والفواكه والبقاليات وأفران الخبز.. ناهيك عن خمس صيدلياتٍ وعياداتٍ للأطباء.. وهو لا يخدم الحي فقط، وإنما يُخدم (حي القصور) القريب منه، وكذلك حي مساكن الدير العتيق، وفيه حركة سيرٍ كبيرة بما فيها ميكرو باصات النقل الداخلي ذهاباً وإياباً.. ومع ذلك فإن هذا الحي، وهذا الشارع بالذات، ينقصه فقط وببساطة أول معلم لإطلاق عليه اسم شارع: التزفيت!! أي في المفهوم الشعبي كل الأمور (زفت)، خصوصاً إذا عرفنا أنه لا وجود للإنارة المناسبة والأرصفة كما هو الحال في الشوارع القريبة من أماكن تواجد المسؤولين.. لذا لا عجب أن تكون نسبة عالية من شباب هذا الحي المهمشين مشاركين في التظاهرات والاحتجاجات وبأسلوب عنيف يتناسب مع حجم المعاناة والمعاملة التي تنتقص من كرامتهم ومن حقوقهم المشروعة التي يصر البعض على التعامي عنها، وكأنه يقول لهم: هذا أقصى ما سنقدمه لكم، وافعلوا ما شئتم..

أبعد ذلك هل يستغرب أحد لماذا وصلت البلاد إلى هذا المنعطف الخطير المفتوح على المجهول؟!.

ماجد الخاشع /دير الزور