بعد أن تم عزلهم.. رموز الفساد يعودون إلى مواقعهم الإدارية في شركة الأسمدة فساد معلن على حساب الوطن!!
دراسة تاريخ الشركة العامة للأسمدة هي دراسة لواقع تحولت فيه مؤسسات اقتصادية كبرى إلى بيئة خصبة لنمو وانتشار الفساد وثقافته والمتمثل في هدر المال العام بدءاً من الاستلام الفني غير المكتمل لبعض الوحدات الإنتاجية، وصرف مئات الملايين من الموازنةالاستثمارية على مشاريع وهمية وأخرى ذات جدوى اقتصادية معدومة وبمبالغ أضعاف قيمتها الحقيقية، وعمليات شراء قطع غيار لتتراكم في المستودعات عشرات السنين ومشتريات داخلية مفبركة بأضعاف القيمة الحقيقية وهدر الموارد وتخريب البيئة وذلك بغيةتكديس المال العام في جيوب بعض المتنفذين وأدواتهم
تجاهل الحقائق
خلال السنوات العشر الماضية كتبنا في «قاسيون» أكثر من عشر مواضيع عن الشركة العامة للأسمدة.. عن فساد عن هدر عن تخريب عن سرقات وبالأرقام التي لا يستطيع أي مهتم أن يتجاهلها، لا يستطيع أي مسؤول تجاهلها وتم التجاهل من جميع الوزراء الذينتواكبوا على وزارة الصناعة كل ما كتب لم يحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الشركة.. وبناء على ذلك لم يعد هناك أية فائدة من التحدث بالأرقام والمؤشرات الاقتصادية لبيان الفساد الذي مارسته وتمارسه بعض الإدارات في المنشأتالاقتصادية الهامة. كما أن لغة الأرقام رغم دقتها ووضوحها وسهولة التأكد من مطابقتها مع بيانات الشركة لم تجد من يرغب في فهمها بما يتناسب مع أهميتها في اتخاذ الموقف المناسب لوقف تكاثر الفساد وما يسببه من تخريب للاقتصاد الوطني.
رموز الفساد
وقولاً للحقيقة فإنه نتيجة ما كتب خلال سنوات سابقة وما شكلته هذه الكتابات من ضغط على أصحاب القرار. فقد تم عزل بعض رموز الفساد ومعاقبتهم بعقوبات شكلية حتى لا تعيق عودتهم إلى مناصبهم لاحقاً. كما تم معاقبة الكثير من الشرفاء معهم ظلماً وعدواناًللتغطية على حجم الفساد الكبير الذي كان يمارس وقطع الطريق على الشرفاء مستقبلاً لمنع تسلمهم أي مراكز مهمة.
اتخذت إدارة الشركة قرارات بعودة رموز الفساد إلى الشركة. والسؤال: إذا كان للفاسدين كل هذا الدعم فمن ينصف الشرفاء ويعيد لهم حقوقهم.
هذا سؤال موجه:
واقع الشركة
ليس غريباً ما حدث وما يحدث في الشركة العامة للأسمدة في حمص.. خسارات سنوية بالمليارات.. مناقصات خلبية.. قطع تبديل مزورة.. معامل متوقفة.. تلوث بيئي.. عشرات القرارات التفتيشية التي تدين وهي مجمدة في الأدراج.
وكان السؤال الذي طرح خلال السنوات الماضية هل أصبح التاجر والسمسار هو الذي يتحكم في قرار تعيين الإدارة؟
يبدو ذلك كذلك وإلا ماذا يعني عندما توقفت أرزاق تجار وسماسرة وعندما انتقلت الشركة من الخسارة السنوية بمئات الملايين إلى ربح مئات الملايين تم عزل مدير عام الشركة وتعيين آخر لتعود الشركة إلى الخسارة.
وجه آخر
سألت مديراً سابقاً في الشركة قبل 30 عاماً لماذا تخسر الشركة؟
قال لا يهمني ذلك لأنني سوف أترك وأذهب إلى مجلس الشعب!!
وسألت مديراً جاء بعده نفس السؤال وكان جوابه أنه سيصبح سفيراً.. وآخر مسؤول كبير... وهكذا.. إنها قصة نهب وسلب وفساد على مرأى الجهات المسؤولة.
اتصل مسؤول كبير ومتعاون مع (م.ح) وهو متعهد البرمجيات بالشركة بالسيد مدير عام الشركة (أ.خ) وأبلغه أنه مرسل من مسؤول كبير وأعطاه قائمة بأسماء مجموعة من العاملين ومدراء في الشركة وطلب منه تعديل مناصب بعضهم وإعادة البعض إلى مناصبهمالقديمة التي كان وزير صناعة سابق أقالهم منها.
فيما بعد تبين أن المسؤول الكبير على إطلاع كامل بالفساد الكبير الموجود في الشركة من خلال صديقه متعهد البرمجيات في الشركة ويعرف مفاصل الشركة وقد قام المذكوران باستغلال هؤلاء المفسدين لمصالحهم الشخصية واستجرار أكبر قدر ممكن من الأموال التييتم نهبها من خلال مناصبهم الحالية والسابقة ووضعهم في مناصب أعلى تحقق لهم مكاسب أكثر آنذاك تم توقيف المسؤول وشريكه.
السؤال الأكبر
إذا كانوا يدفعون مبالغ كبيرة للعودة إلى مناصبهم التي وضعهم بها مدير عام سابق، كم دفعوا من أموال حتى استطاعوا تضليل أصحاب القرار لعزل المهندس هيثم شقيف من منصبه عام 2002 علماً أنه هو من حاربهم وأبعدهم عن مواقع المسؤولية عند توليه إدارةالشركة في 9/4/2000.
شركة الأسمدة استراتيجية هامة، منذ نشأتها وهي تخسر سنوياً بالمليارات بسبب السرقة والنهب والفساد، وقد سبق لوزير الصناعة د. فؤاد عيسى الجوني أن زار الشركة في العام 2003 وقال حرفياً لماذا أخسر 131 مليون ل.س عام 1999 ولماذا أربح 336 مليونل.س عام 2000 وقال الوزير السابق نعم يوجد فساد بوضع دفاتر الشروط وفي ترسية العقود ويتابع الوزير السابق لقد قاتلنا لمنع القطاع الخاص من استيراد الأسمدة والآن القطاع الخاص يستورد.
ويصمت الوزير
تابع الوزير موجهاً حديثه لإدارة الشركة أن موازنتكم 400 مليون ل.س أنفقتم منها 15 مليون ل.س وهذا شيء مخجل. وطالب بتشكيل لجنة فنية لتحديد أسباب الهدر بمئات الملايين وقال: من أين تأتى ذلك؟ ولماذا يحصل؟
السؤال هنا:
لماذا صمت وزير الصناعة؟
ولماذا صمتت الجهات الوصائية عن الواقع؟
الجواب واضح تماماً، هناك حفنة من السماسرة والتجار وهم على علاقة بجهات مسؤولة تعين مدراء وتقيل مدراء حسب الحصص وبهدف التخريب وسرقة المال العام، تريد هذه الفئات أن تبقي الشركة باب رزق على حساب الوطن.
وهنا نتساءل:
لماذا استطاعت الشركة في أعوام 2000، 2002 أن تنتقل نقلة نوعية من حيث كمية الإنتاج وتخفيض وحدة المنتج وتخفيض استهلاك قطع الغيار مقارنة مع سنوات سابقة.
ولماذا انتقلت الشركة إلى أن تربح مليار ل.س سنوياً بعد أن كانت تخسر هذا المبلغ.
وكانت المكافأة عزل المدير العام هيثم شقيف وتعيين آخر وتمت محاسبته أيضاً.
الجواب الواضح، أجيب بكل وضوح:
لقد تمكن المهندس شقيف من إشباع حاجة السوق من السماد في عام 2002 وأصبحت معامل الشركة تعمل بطاقتها التصميمية وتوقف المصرف الزراعي عن استجرار السماد وأصبح هناك فائض في الإنتاج في المستودعات يمكن تصديره ولأنه طالب بوقف الاستيرادتمت إقالته لأن كل الذين يستفيدون من عمليات الاستيراد على اختلاف مواقعهم سواء كانوا تجاراً أو سماسرة أو مسؤولين تضررت مصالحهم وخسروا مصدراً أساسياً من مصادر زيادة ثرواتهم على حساب الوطن والاقتصاد الوطني.
ومازالت مراكز الفساد مستمرة في المحافظة على أدواتها وتطويرها وهي التي أسست البيئة الحاضنة لما يحدث في سورية الآن