منطقة الغاب: هل تجرؤ الحكومة الحالية على رفع الظلم الواقع على الفلاحين؟
تتعمق معاناة المواطنين يوماً بعد يوم،وتتعقد تفاصيل حياتهم المعيشية اليومية صعوبة وفاقة، وتتراكم مشاكلهم ومطالبهم دون أن تجد طريقها لاستجابة عاجلة وفورية من الجهات المختصة،وصولاً لأنْ تطرح الأزمة السياسية الشاملة التي تفجرت منذ عامين،وتداعياتها الكارثية على الشعب السوري،تساؤلات عدة حول إمكانية وفعالية الدور الوظيفي الحالي للدولة ومؤسساتها تجاه المواطنين وقضاياهم،وهل هذا الدور على قدر من المسؤولية الوطنية فيما يتعلق بإيجاد حلول للمطالب والمشاكل العاجلة للشعب السوري؟
على قدر أهل العزم تأتي العزائم...
وفي سياق المشاكل والقضايا المطلبية المحقة للمواطنين،المتراكمة دون تسويتها ومعالجتها بحلول عاجلة مناسبة،على أرضية ترحيلها إلى ملفات النسيان،وصلت لجريدة «قاسيون» رسالة من فلاحي منطقة الغاب في محافظة حماة،الذين تمت سرقة خطوط الإمداد المائي من أراضيهم،وسرقت معها مفاتيح الفتحات والمآخذ المائية المتفرعة من «حوض العاصي» منذ شهر حزيران من العام 2011،كما تم الهجوم في حينه على مقرات « مؤسسة الموارد المائية ــ حوض العاصي» والسيارات التابعة لها من مجموعات مسلحة.
فما كان من الأهالي إلا أن قاموا،في تلك الفترة،بإخبار الشرطة ومديرية منطقة الغاب بشكل فوري عن هذه الأعمال الإجرامية المرتكبة من هذه المجموعات التي مارست وتمارس التشليح والسرقة وضرب البنى التحتية والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة في وضح النهار،مستغلة ظروف الأزمة السياسية الشاملة التي تمر فيها سورية وتداعياتها الكارثية على تركيبة البنية الاجتماعية السورية.
الأهالي وهم يقومون بمراجعة إحدى مؤسسات الدولة (قسم الشرطة ومديرية منطقة الغاب في محافظة حماة) وإخبارها عن هذه الأعمال الإجرامية المرتكبة بحقهم وبحق مصدر عيشهم ودخلهم الوحيد،توقعوا من هذه الجهات الاستماع إلى شكواهم والاستجابة العاجلة لمعالجة المحنة التي وقعت عليهم،والمتابعة الجادة من قبلها في توفير أسباب حمايتهم وحماية ممتلكاتهم وممتلكات الدولة،والإسهام في رفع الضرر عنهم بإيصال صوتهم ومعاناتهم إلى الجهات المسؤولة في الدولة لتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم وبأراضيهم.
بين نار السلب والتشليح ونار تعسف القضاء...
إلا أن فلاحي منطقة الغاب تلقوا الصدمة الموجعة،وتفاجؤوا بفعل الاستجابة الفورية لشكواهم،ولكن على خلاف ما استبشروه،حيث قامت «مؤسسة الموارد المائية ــ حوض العاصي»،في سلوك تعسفي غير محق،بتحويل أسماء كل من تم تشليح وسرقة خطوط الإمداد المائي ومفاتيح الفتحات والمآخذ المائية المتفرعة من «حوض العاصي» من أراضيهم تحت تهديد السلاح من هذه العصابات،وفي ظل غياب من يفترض فيه أن يقوم بحمايتهم وحماية الممتلكات الخاصة والعامة،أي الغياب الواضح لدور مؤسسات الدولة،بتحويل أسمائهم إلى القضاء للحصول على غرامات مالية وتسويات مادية من فلاحي منطقة الغاب دون أي وجه حق، وفي تصرف غير قانوني لا يتسم بأي مضمون أخلاقي البتة.
وبعد الصدمة التي تلقوها،واستمراراً للغة العقاب دون أي وجه حق،تم تبليغهم من الجهات القضائية بمذكرات تبليغ بالدعوى الظالمة المرفوعة ضدهم،للحضور أمام القضاء لتغريمهم بالغرامات المالية المجحفة بحقهم تعويضاً عن السرقات والأعمال التخريبية التي طالت أراضيهم ومعدات الجهة العامة معاً،ولتحميلهم مسؤولية أعمال لم يرتكبوها إلا في أوهام الضبوط الملفقة والمعدة استناداً على ما قدمته الجهة المدعية «مؤسسة الموارد المائية ــ حوض العاصي» من مغالطات واتهامات تجافي الواقع،وتجاهل واضح لما تعرض له فلاحي منطقة الغاب تحت تهديد السلاح من العصابات الإجرامية من أعمال سلب ونهب وتشليح واعتداء في وضح النهار،وعلى مرأى من الجهات المختصة التي لم تحرك ساكناً لدفع هذه الأعمال عنهم وصون حياتهم وحماية ممتلكاتهم الخاصة والعامة.
جملة تساؤلات برسم الحكومة الحالية
ــ هل الاستجابة العاجلة لشكاوى فلاحي منطقة الغاب تقتضي قانونياً وأخلاقياً تحويلهم إلى القضاء لتحميلهم غرامات مالية تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بمعدات «مؤسسة الموارد المائية ــ حوض العاصي»،نتيجة أعمال المجموعات الإجرامية في منطقة الغاب؟ وماذا عن الأضرار التي لحقت بأراضيهم،ومن يعوضهم؟
ــ لم التغاضي عن المجموعات الإجرامية وأعمالها المرتكبة بحق المواطنين،والتقاعس في ملاحقتها وضربها بيد من حديد ومحاسبتها على هذه الأعمال التخريبية؟
ــ ألا يجدر بالجهات المختصة ومؤسسات الدولة أن تنظر بجدية في شكاوى ومشاكل ومطالب فلاحي جميع المناطق في المحافظات السورية،وتعويضهم عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم خلال الفترة السابقة،نتيجة السياسات الاقتصادية الليبرالية التي اتبعتها الحكومات السابقة،وبشكل خاص حكومة « عطري ــ الدردري » مهندسي السياسات الاقتصادية الكارثية التي دمرت الاقتصاد الوطني،بدل أن تقوم بمعاقبة الفلاحين وتحميلهم أوزار غيرهم،في تصرف يفتقد إلى أي مضمون قانوني وأخلاقي،كما يفتقد إلى أي حس بالمسؤولية الوطنية تجاه المطالب المحقة للمواطنين.
مطالب محقة... واستجابة غائبة
كل ما يطلبه فلاحومنطقة الغاب في محافظة حماة،رغم كثرة مطالبهم المحقة المتراكمة خلال السنوات السابقة والتي لم تجد طريقها للمعالجة والحل بعد،هوجبر الضرر عنهم بإعفاء جميع الفلاحين الذين تعرضوا لأعمال التشليح والاعتداء والسلب وسرقة خطوط الإمداد المائي من أراضيهم،وسرقت معها مفاتيح الفتحات والمآخذ المائية المتفرعة من «حوض العاصي»،من هذه الغرامات المالية غير المحقة،علماً أنهم لم يطالبوا بالتعويض عن الأضرار التي نجمت عن المحصول المروي (قطن ـــ شوندر)،رغم أن هذا المحصول مع محصول القمح قد تم توريده إلى الدولة بأسعار غير عادلة لا تغطي تكلفة الإنتاج وجهدهم المبذول. وعانوا الأمرين من ارتفاع أسعار الأسمدة والمحروقات وأجور النقل دون الحصول على تعويض من الدولة عن هذه الأضرار والأكلاف.
فهل تجرؤ الحكومة الحالية على الاستجابة الفورية الجادة لمطالبهم المحقة،وتكون على قدر من المسؤولية الوطنية تجاه الأعمال الإجرامية المرتكبة بحق المواطنين،وتصون كرامتهم ولقمة عيشهم؟