صحنايا: جولة للفساد.. وقرارات «ظالمة»!
تستغل بعض الجهات الوصائية في الدولة الفوضى التي تعيشها البلاد لكي تمرّر تجاوزات غير قانونية تتماشى مع مصالحها. وتبلغ تلك التجاوزات، أحياناً، درجة الاستخفاف بالدستور والقوانين العامة، وإحلال التقديرات الشخصية للمسؤولين محلّها، والتي تأتي بدورها بدفعٍ من قوى فاسدة، تبذل قصارى جهدها لضمان استمرار نهبها وفسادها، وتقويتهما في ظلّ الظروف الصعبة التي تعصف بالبلاد
حد فصول التعدّي على القوانين العامة، جاء في قرار صادر عن وزير الإدارة المحلية، رقم /52/ن/ تاريخ 2/3/2014، الذي جرى بموجبه إعفاء رئيس بلدة صحنايا من منصبه، وتكليف رئيس مجلس بلدية مجاورة بتسيير شؤون مجلس البلدة.
ذرائع «قانونية»
انتخبَ مجلس بلدة صحنايا من أهالي البلدة على نحوٍ مباشر، بموجب قانون الانتخابات العامة، وقانون الإدارة المحلية، الذي صدر في المرسوم 107 بتاريخ 2011. وبعد تسمية الفائزين بعضوية المجلس، تقدّم بعض من الذين ترشحوا لعضوية المجلس بدعوى لمحكمة القضاء الإداري، طالبوا فيها بـ«إلغاء القرار الصادر عن وزير الإدارة المحلية لجهة تسمية الفائزين بعضوية المجلس»، بسبب وجود أشخاص شاركوا في الانتخابات يحملون سندات إقامة جماعية، كانوا قد نزحوا من بلدات مجاورة.
نظرت المحكمة بالدعوى، وأصدرت حكماً (رقم 181 لعام 2012) بإلغاء القرار نتيجة الخلل القانوني الذي رافق عملية الانتخاب، وأرسلت حكمها إلى وزير الإدارة المحلية ومحافظ ريف دمشق لتنفيذ الحكم.
بقي الحكم مدّة عام وثلاثة أشهر بدون تنفيذ، إلى أن أصدرت وزارة الإدارة المحلية قراراً بـ«تنفيذ» حكم المحكمة، جرى بموجبه تنفيذ إجراء يختلف عن قرار المحكمة، ويتمثل بإعفاء رئيس مجلس بلدة صحنايا فقط، وهو واحد من عشرة فائزين، وتكليف رئيس بلدية مجاورة بتسيير شؤون المجلس، بدلاً من تكليف نائبه بتلك المهمّة.
ثلاثة تجاوزات.. على التسلسل
لا بد من الإشارة في البداية، إلى إحدى المسائل الطريفة في مجمل القضية، يؤكّد السيد موسى عرموش، نائب رئيس مجلس بلدة صحنايا، لـ«قاسيون»، أن «الجهة المدّعية هي التي سعت بالتوسط لدى مختار البلدة لاستصدار سندات إقامة جماعية لمواطنين من بلدات مجاورة، وذلك بهدف تغيير نتيجة الانتخابات لمصلحتهم، ولدى صدور النتائج، اتّخذت مما فعلته هي ذريعةً لإبطال مفعول الانتخابات»، يضيف عرموش: «أنا شخصياً كنت أحد الذين تقدموا بدعوى، بعد أن ضبطنا إحدى الحالات على صندوق الانتخاب».
إلّا أن هذا التلاعب ليس من ضمن التجاوزات الثلاثة، غير القانونية، والتي تتمثّل بـ:
أولاً، لم يجرِ إبلاغ الجهة المدّعى عليها بحضور الجلسة الأولى من جلسات المحكمة، حيث يؤكّد السيد إسماعيل عقل، رئيس مجلس بلدة صحنايا، لـ«قاسيون»: «لم أبلّغ شخصياً بموعد الجلسة الأولى من المحكمة، بالرغم من كوني من المدّعى عليهم. بل طلبت مني محافظة ريف دمشق شفهياً تنظيم ردّ على الدعوى بدون تحديد موعد الجلسة».
ثانياً، نصّ حكم المحكمة على إلغاء قرار تسمية كل الفائزين، إلّا أن وزارة الإدارة المحلية نفذت الحكم على رئيس مجلس البلدة فقط، وهذا خرق غير مفهوم لقرار المحكمة.
ثالثاً، وفي حال التسلّيم بالطريقة التي نفّذت بها وزارة الإدارة المحلية حكم المحكمة، يجب أن يتولّى نائب رئيس المجلس تسيير شؤون المجلس، أصولاً وقانوناً، وهذا الأمر لم يجرِ، بل تمّ تكليف رئيس بلدة مجاور لتسيير شؤون المجلس.
وراء الأكمة: تحامل شخصي.. وفساد!
بحسب رئيس المجلس ونائبه، تؤكّد التجاوزات الثلاثة، المذكورة آنفاً، وجود حالة من التحامل الشخصي عليهما، من جانب بعض الجهات الوصائية، وبدفع من بعض العناصر الفاسدة، التي حال مجلس البلدة المنتخب دون مواصلة فسادها.
هذا التحامل لمساه من خلال العديد من المؤشّرات التي سبقت انعقاد المحكمة وتلتها، وصولاً إلى إعفائهما من منصبيهما، الأمر الذي حدا برئيس المجلس بطلب توضيح للصيغ غير القانونية والغامضة لقرار وزارة الإدارة المحلية، فلم يحصل على أي ردّ من الوزارة المعنية، ما دفعه إلى توجيه رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء بتوضيح طبيعة الإجراء لردّ الاعتبار إليه، مع إبدائه الاستعداد الكامل لأي مساءلة قانونية حقيقة لأي تجاوز نُسب إليه.
إلى ذلك، يشيد قسم واسع من أهالي صحنايا بطريقة عمل مجلس البلدة المنتخب، والتي تمحورت حول قضيتين أساسيتين:
أولاً: جلب خدمات أساسية إلى البلدة، فرن ومستوصف، وهو أمر لم تعمل عليه المجالس السابقة، التي انتخبت وفق قانون الانتخابات القديم، قبل عام 2011، حيث كانت تلك الانتخابات أشبه بتعيينات لأشخاص على علاقة وثيقة بمسؤولين في الدولة.
وثانياً: إغلاق أقنية الفساد الإداري والمالي المرتبطة بعمل المجالس المحلية، وهو أمر بات ملحوظاً للمتابعين للشأن العام في صحنايا.
هذان الأمران بالذات يقفان وراء سعي مجموعة فاسدة من تجار العقارات لإزاحة المجلس المنتخب، يقول بعض المطّلعين لـ«قاسيون»، إن خطة عمل المحافظة تقضي بتخصيص 975 مقسماً سكنياً جديداً في صحنايا، بالإضافة إلى إنشاء منطقة صناعية وأخرى حرفية، وإن فرص الفساد والنهب لتلك المجموعة الفاسدة، من خلال مخطّطات المحافظة، شبه معدومة في ظلّ بقاء المجلس المنتخب، الأمر الذي دفعها إلى العمل لاستصدار قرارات مجحفة بحق رئيس المجلس المنتخب ونائبه، فأفلحت في ذلك.
برسم وزارة الإدارة المحلية
واستناداً إلى كل ما سبق، تضع «قاسيون» كل البيانات الواردة في هذا المقال برسم إجابة وزارة الإدارة المحلية، وتطلب توضيحاً لقانونية إجراءاتها بحق مجلس البلدة المنتخب!.