لا يموت حق : مجلس الدولة الحصن القضائي للقطاع العام
يقوم النظام القضائي على أساس وجود جهتين قضائيتين إحداهما تتولى الفصل في المنازعات بين الناس «القضاء العادي» وأخرى تفصل في المنازعات الإدارية «القضاء الإداري»
وهو أصبح ملاذاً للأفراد في مواجهة الدولة ومن المفترض أن يكون صرحاً عالياً في مواجهة كل مستبد وفاسد وأن يبقى ملاذاً للمظلومين.
ويجب أن لا يرضخ لأي ضغوط من السلطة التنفيذية مما يجعل مجلس الدولة قوياً في مواجهة السلطة التنفيذية بحيث يستطيع أن يردها إلى جادة الصواب في حال الخطأ، وليظل كافلاً للحريات مناضلاً من أجل حق الوطن والشعب في أن تقوم نظمه على القانون والعدل. ولا بد أن يقف بوجه إصدار قرارات وقوانين جائرة.
وبدون شك القضاء الإداري ليس قضاءً تطبيقياً كالقضاء العادي، وإنما هو في الأغلب الأعم قضاء تكويني إنشائي خلاق يبتكر الحلول والمخارج لما يعترض سبيله من مآزق فيبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة- في تسييرها للمرافق العامة- وبين الأفراد، وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص، ومن ثم يجب أن يبتدع القضاء الإداري نظرياته التي يستقل بها في هذا الشأن، وذلك كله يقتضي من القائمين بأمر القضاء الإداري مجهوداً شاقاً ومضنياً في البحث والتمحيص والتأهيل ونظراً ثاقباً بصيراً باحتياجات المرافق العامة للمواءمة بين حسن سيرها وبين المصالح الفردية الخاصة فالقاضي الإداري في معظم دول العالم يتميز بصفات خاصة يكتسبها من خلال عمله يفترق بها عن غيره تتمثل في: الشجاعة، الصلابة، الثقافة، الدرجة العلمية الأعلى لمزاولة عمله، المرونة حسن التقدير فضلاً عن الصفات التي يجب توافرها في كل قاض والمتمثلة في العلم والخلق الرفيع والمنطق السليم.فاختصاص مجلس الدولة سياج منيع لا يجوز الاقتراب منه كضمانة أساسية لحقوق المتقاضين، ومن لم يقتنع بدوره فعليه أن يفسح المجال للآخرين، كما أن مجلس الدولة عبر تاريخه كان وسيظل حصناً للحقوق والحريات بكل أقسامه شاهراً سيفه في وجه الباطل أياً كان موضعه وموقعه.
وأخيراً كثر الحديث في أيامنا هذه عن محاولات وعمليات بيع شركات القطاع العام وخصخصتها، وباعتقادي أن هذا الأمر إن حصل سيكون هدراً كبيراً لحقوق المواطنين والدولة بآن معاً, وهنا ننظر ونترقب دور القضاء الإداري ليظل كافلاً لحقوق الشعب بالمحافظة على شركات القطاع العام ومنع خصخصتها وبيعها.