المقاومة تستنزف الاحتلال بالضفة ردّاً على فاشيّته السافرة
أعادت جريمة الاحتلال الجديدة بإعدام شاب جريح أعزل في حوارة قرب نابلس، تبديد الوهم بوجود معسكر «للمعتدلين» وآخر «للمتطرّفين» في كيان الاحتلال، واضطرّ حتى داعمو «إسرائيل» الغربيون، كواشنطن والاتحاد الأوروبي، للتعبير عن قلقهم – عليها بالطبع – من عواقب جرائمها، حيث قتلت 10 فلسطينيين، 7 منهم مدنيون خلال أقل من 80 ساعة. وأعادت جريمة إعدام الشاب عمّار مفلح التأكيد على أن هذا الكيان تجاه الدم الفلسطيني ينحّي خلافاته الثانوية جانباً ويشجّع الممارسات الفاشية لقواته ومستوطنيه، فليس «بن غبير» وحده الذي تفاخر بالجريمة الشنيعة الموثقة بالصوت والصورة الجمعة، بل واصطف معه وزير حرب الاحتلال بيني غانتس رغم خلافات سابقة بينهما فضلاً عن قائد شرطته. أما المطبّعون والمنسّقون أمنياً مع الاحتلال، فيوغلون في سقوطهم؛ ففي مطلع الشهر تم استقبال بن غبير بحفاوة وعناق في سفارة الإمارات لدى الاحتلال، ووسط نزيف دماء الشهداء، استقبل ملك البحرين الأحد رئيس كيان الاحتلال، أما أجهزة سلطة أوسلو الأمنية فتواصل اعتقال وتعذيب مقاومين مطارَدين رغم قرار قضائي بالإفراج عنهم مما دفع ثمانية منهم للإضراب عن الطعام.
يبدو أنّ الاحتلال لا يجد للتغطية على فشله بقمع المقاومة المتوسّعة في الضفة عموماً، وفشله باكتشاف المقاومين وراء تفجيري القدس خصوصاً رغم مضي أكثر من 10 أيام عليهما - لا يجد سوى الانتقام الجبان.
ذكر «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» تقريراً عن تفاصيل جريمة إعدام الشهيد مفلح، قائلاً إنه في حوالي الساعة 4:00 مساء الجمعة الموافق 2/12/2022، أقدم شرطي مما يسمى حرس الحدود «الإسرائيلي» على إعدام الشاب عمار حمدي نايف مفلح 23 عاماً، من سكان نابلس، بإطلاق النار المباشر تجاهه من المسافة صفر على الشارع الرئيسي في بلدة حوارة جنوب شرقي نابلس، إثر عراك بينهما خلال محاولة الشاب مفلح تخليص نفسه من قبضة الجندي الذي أطبق الخناق على رقبته بذراعه محاولاً اعتقاله بعدما سحبه الشرطي عن الأرض إثر إصابته بشظايا بعد تعرضه لإطلاق نار من مستوطن كان يستقل سيارة في المكان.
ولم تسمح قوات الاحتلال للأهالي أو طواقم الإسعاف من الوصول للشاب وتركته ينزف لمدة 20 دقيقة قبل نقله بسيارة إسعاف «إسرائيلية» من المكان، وبعد نحو ساعة تم الإبلاغ عن استشهاده رسميّاً. وتراجع الاحتلال عن روايته الكاذبة التي روّجها في البداية والزاعمة بأنّ الشاب كان ينفّذ عملية طعن.
ونقل المركز شهادة شاهد عيان على الجريمة من سكان نابلس، يؤكّد أن شرطي الاحتلال قتل الشاب رغم أنه كان أعزل وجريحاً وبالتالي لم يكن يشكل حتى أيّ خطر عليه، حيث قال الشاهد بأنّ مستوطناً «إسرائيلياً»: «أطلق ثلاثة أعيرة نارية من مسدس نفذ من النافذة، وشاهدتُ الشاب الذي طرق الزجاج يسقط على الأرض وكان هناك دماء في وجهه». وأضاف: «بعد لحظات وصل أحد جنود حرس حدود الاحتلال مسرعاً لوحده قادماً من الجهة الغربية للشارع أي جهة مدينة نابلس وسحب الشاب المصاب عن الأرض وحاول اعتقاله، فتدخل عدد من الشباب لمحاولة إفلاته من يدي الجندي الذي أطبق بذراعه على رقبة الشاب وسحبه لمسافة مترين أو ثلاثة، وكان الشاب يحاول تخليص نفسه».
وأردف: «وخلال ذلك، سقطت بندقية الجندي (الإسرائيلي)، وأفلت الشاب من يديه، مباشرة سحب الجندي مسدسه عن جانبه وأطلق تجاه الشاب عدة رصاصات في الجزء العلوي من جسده، ولم يسمح لأحد بالاقتراب منه».
وفي تغريدة له على حسابه في تويتر، قال عضو الكنيست «الإسرائيلي» والوزير المرتقب في حكومة نتنياهو الجديدة «إيتمار بن غفير»: «كل الاحترام للجندي البطل الذي أعدم فلسطينياً بعملية دقيقة وسريعة وحاسمة». واتصل بن غفير بالجندي القاتل، قائلا له: «أحسنت، عمل دقيق، لقد فعلت ما تم تكليفك به». وبدوره شكر الجندي القاتل «بن غفير» قائلاً: «أنا سعيد لأننا تمكنا من فعل ما هو متوقع منا وأن الأمر انتهى بهذه الطريقة».
وكذلك قال وزير حرب الاحتلال، بيني غانتس: «دعمي الكامل للجندي الذي قَتَل الفلسطيني وحيّده في حوارة».
ومن جهته لم يخفِ قائد شرطة الاحتلال الوجه الفاشي المتعمّد لسلوك عناصره بل وفاخر به قائلاً عن مقتل الشاب الفلسطيني: «أنْ يموت... هذا ما أريد أنْ أراه».
المقاومة تستنزف العنصر البشري في قوات الاحتلال
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في 4 كانون الأول 2022 قائلةً: «لفهم حالة التصعيد وما يجري في الضفة يمكن الإشارة أنه في آذار 2022 كان هناك 13 كتيبة من قوات الجيش، بينما اليوم يوجد 25 كتيبة بالإضافة إلى وحدات النخبة».
وأوضحت خطورة ذلك على الكيان بالقول إنّ العبء على جنود الاحتياط في جيش الاحتلال هذا العام سيكون كبيراً، وأن الجيش سيقدم طلباً إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن في «الكنيست» لتجنيد عشرات الكتائب للعمل الميداني، مخالفاً بذلك القانون الحالي للاحتياط، الذي لا يسمح بتجنيد أكثر من كتيبة احتياط واحدة للعمل مرة كل ثلاث سنوات، لكن تبيّن أن جيش الاحتلال تجاوز هذا الحد العام الماضي فجنّد حوالي 50 كتيبة احتياطية للعمل!
ولفتت يديعوت إلى أن هناك مسألة أخرى مهمة، وهي أنه في حالة سحب صلاحيات الجيش بإدارة وحدات «حرس الحدود» في الضفة، كما يخطط إيتمار بن غبير، فإن العبء على جنود الاحتياط سيزداد، واليوم تعمل 16 سرية من «حرس الحدود» في الضفة مع الجيش ولكن انسحابها من العمل المشترك يعني تجنيد عشرات الكتائب الاحتياطية للعمل في الضفة.
وفي هذه الأثناء حذّر وزير الأمن الداخلي للاحتلال، عومر بارليف بأنه في حال أقنع بن جبير نتنياهو بإجراء تغييرات على وضع المسجد الأقصى وفي مسألة اقتحامات المستوطنين فستكون هناك انتفاضة جديدة.
فإذا كان هذا حال قوات الاحتلال بسبب نجاح المقاومة بمشاغلتها في كثير من النقاط الأساسية بالضفة والقدس لوحدهما، وسقوط بعض الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة بين فترة وأخرى، كما حدث بعد استهداف الاحتلال مؤخراً لموقعين للمقاومة في خان يونس، فماذا سيحدث إذا توسّعت المعركة عبر كامل الساحات؟ إنّ جميع المؤشرات تدلّ على ارتفاع احتمالات انتفاضة واسعة وغير مسبوقة، وتحمل مؤشرات عناصر نوعية جديدة من حيث تطوّر مستوى عمليّات المقاومة والالتفاف الشعبيّ الكبير حولها، والذي يتجلّى مؤخراً على نحو ملحوظ بتلبية الجماهير لنداء مجموعات المقاومة الجديدة (كعرين الأسود نموذجاً) للتحرك للاشتباك مع العدو بأشكال متنوّعة، وعدم تفويت جريمة للاحتلال دون الردّ عليها بشكلٍ أو بآخر.