د.أسامة دليقان

د.أسامة دليقان

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كفاءاتنا الطبّية المُغتَرِبة: كيف نستعيدها على المدى القصير والطويل؟

بحسب تقرير حديث لإحدى الصحف الألمانية، يعمل في ألمانيا أكثر من 6000 طبيب سوري، مع تقديرات بأن «إجمالي الأطباء الذين لديهم تاريخ هجرة سوري ويعملون في ألمانيا يقارب 10 آلاف طبيب». وبعد سقوط السلطة السابقة، تعود إلى الواجهة الحاجة الماسّة لإجراءات ملموسة وخطط جدّية لإعادة الكفاءات السورية في المجالات العلمية والمهنية والتخصصية كافةً، ليس فقط لمرحلة إعادة الإعمار التي قد لا تبدأ بالسرعة المأمولة، بل حتى لما هو أقلّ وأقصر مدى حالياً: الإغاثة والإسعاف من التدهور المستمر في الخدمات والمؤسسات، والذي يتطلب تغييراً سريعاً للسياسات الخاطئة، حتى الآن، ولا سيّما الفصل التعسفي والخصخصة وتدنّي الأجور الحقيقية، فضلاً عن حالات أمنية مقلقة للعاملين وتعطي رسائل خاطئة للراغبين بالعودة، مثل الاعتداءات المتكررة على الكوادر الطبية في المشافي.

دراسات حول اقتصاد السوق والخصخصة في وصفات «الانتقال السياسي»

درجت العادة في معظم بلدان العالَم أن تستخدم السلطات عندما تريد الإقدام على مشاريع تغييرات كبيرة في البلاد أو المؤسسات، تعبيرات من قبيل «سنتبنّى دراسات وخطط وفق أعلى المعايير العالَمية المتبعة». وهنا لا بد من طرح ثلاثة أسئلة أساسية حول هذا السلوك: 1- من الذي صنّف المعايير «الأعلى» بأنها كذلك، ومصالح أيّ قوى أو طبقات اجتماعية تخدم تلك المعايير؟ 2- وهل يوجد نوع واحد من المعايير في العالَم أم أن معايير متناقضة بين بعضها. 3- ما هو الأصلح للسياق المحلّي والخصوصية الوطنية لكل بلد ومرحلة تاريخية؟ وبالتالي هل من السليم استيراد معايير ومخططات معلّبة وجاهزة مسبقاً؟ وخاصةً أنه من المعروف أنّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت القوة التي هيمنت عالمياً طوال عقود مضت منذ التسعينيات وحتى العقد الأول من القرن العشرين، وبالتالي معظم الدراسات و«الوصفات» التي صنّفت بأنها «الأرقى» عالمياً، هي الوصفات الأمريكية-الغربية في الحقيقة.

إضرابات العمّال بالقطّاع الصحّي: هل تضرّ المرضى؟ ماذا تقول الدراسات؟

لا شكّ بأنّ الإضراب في قطاع الصحة بالذات (كإضراب الأطباء أو التمريض) يحمل خصوصية تختلف عن إضرابات العمّال في قطاعات أخرى صناعية أو أنواع أخرى من الخدمات. وهذه الحساسية للقطاع الصحي يستغّلها بعض المتواطئين مع مصالح رأس المال كذريعة لقمع أصوات واحتجاجات العمال بأجر في القطاع الصحي عندما يتعرّضون للظلم والانتقاص من حقوقهم، لدرجة أنّ البعض يطرح تحريم وحظر الإضراب مثلاً في هذا القطاع! ولكن التجارب التاريخية والمعاصرة تبرهن على أنّ تنظيم عمّال الصحة لاحتجاجهم وإضرابهم بأشكال وطرائق وتكتيكات مناسبة، بحيث لا تعرض حياة وصحة المرضى إلى الخطر، هو أمر ممكن تماماً، بل وهو وسيلة ضرورية في كثير من الأحيان للضغط لنيل حقوقهم المشروعة. وفيما يأتي نستشهد ببعض الدراسات العلمية ذات الصلة.

طوابير الموت جوعاً والحِرمان المُفتَعَل في سورية

بلغت الحصيلة النهائية لحادث «تَدافُع الجِياع» المؤسف على مأدبة طعام «خَيريّة»، الذي وقع بعد ظهر الجمعة (10 كانون الثاني 2024) في المسجد الأموي الكبير بدمشق ومحيطه، 4 وفيات و16 إصابة بينهم أطفال بكسور ورضوض شديدة، وفق ما أعلنته مديرية صحّة دمشق. تأتي هذه الفاجعة لتذكّر كلّ من ينبغي أن يتذكَّر ويعتبِر منها بشأن مغزاها الأهم والأعمق، والذي لا يكمن في مجرّد سوء تنظيم أو خلل بالمسؤولية عن الحماية الأمنية لحشود الناس، أو ضيق الأفق لدى بعض طالبي الشهرة –رغم الدور السلبيّ لهذه العوامل– بل المغزى الأعمق يكمن في أنّها تبرهن بقسوة على مستوى الفقر والتجويع الذي عاناه الشعب السوري وما يزال من السياسات الإجرامية «لاقتصاد السوق الحر» التي طبقتها السلطة الساقطة والتي يبدو أنّ السلطة المؤقتة تستكملها أيضاً، وكأنّ البعض لا يريد أن يعتبر من نتائج هذه السياسات الكارثية على سورية وشعبها، ويريد «إعادة تجريب المُجرَّب»! فيما يلي ربّما ما يزال صالحاً للعِبرة والفائدة إعادة نشر المقال الآتي الذي نُشر سابقاً في قاسيون بتاريخ 4/10/2020 وكان بعنوان «سيكولوجيا الحِرمان المُفتَعَل في سورية».

الاستراتيجية والتكتيك في العِلم الماركسي-اللينينيّ (1)

كتب كبار منظّري الماركسية في عدّة مناسبات حول مسألة الاستراتيجية والتكتيك، وخاصّة فيما يرتبط بالسياسة ونشاط الحزب الشيوعي في مراحل مختلفة قبل وأثناء وبعد الثورة. فيما يلي نقدّم تعريباً لمقتطفات من مقالة هامّة لستالين حول الموضوع، كان قد كتبها في صحيفة البرافدا (آذار 1923)، وذلك قبل نشر كتابه «أسس اللينينية» الذي احتوى بدوره على فصل حول الاستراتيجية والتكتيك، ولكن في مقالة البرافدا هذه نجد عرضاً مفهوماً مُحْكَماً وشديد التعميم، قد لا نجد مثله في مؤلَّفاته الأخرى حول الموضوع.

التفريق اللينينيّ بين «التسوية» و«المُساوَمة»

في مقاله «بصدد التسويات» الذي كتبه عام 1917، قال فلاديمير لينين: «يعني مصطلح التسوية في السياسة التنازلَ عن مطالب معينة، وأنْ يتخلّى طَرفٌ عن جزءٍ من مطالبه بالاتفاق مع طرف آخَر». وكتب لينين عام 1920 في «مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية» بأنه ينبغي بذل الجهود الضرورية لإجراء التقييم المناسب للطبيعة الفعلية لهذه «التسوية» أو تلك.

هل ستصبح مولدوفا هزيمة جديدة لـ«السياسة الزرقاء»؟ stars

أكد استفتاء مولدوفا الأخير للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتزامن مع الجولة الأولى من انتخاباتها الرئاسية، تراجع نفوذ الغرب على أوروبا الشرقية. فالاستفتاء في هذه الدولة الصغيرة المجاورة لأوكرانيا لم يستطع الانتهاء بنتيجة «نعم» إلّا بشق الأنفس وبأغلبية ضئيلة هي 50.38%، وبفارق 11400 شخص فقط عن المصوِّتين بـ «لا»، رغماً عن كلّ التدخّلات الغربية. كما تزامن مع تقدُّمٍ غير مريح للرئيسة الحالية مايا ساندو الموالية للغرب والخبيرة الاقتصادية السابقة في البنك الدولي بالجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، مما يهدّدها بمعركة صعبة في الجولة الثانية المقرَّرة في الثالث من الشهر المُقبِل.

فلسطين واستحالة «الحياد» في الدَّوريات العلمية

تشكِّلُ القضايا الكبرى، وخاصة في أوقات الأزمة الشاملة، محكّاً كاشفاً واستقطابيّاً ليس في السياسة العلنيّة أو المباشَرة فقط، بل وتخترق في قوّة مغنَطتِها حتّى أكثر الجهات التي تُصَوَّر تقليدياً على أنّها «حياديّة» لأنّها «عِلميّة»، بينما الحقيقة هي أنّ من الخطأ الشائع اشتراطُ أن يكون العلمُ «حيادياً» اجتماعياً وسياسياً كي يُعتَبَر «غير زائف»، وهو وهمٌ ينبع من مطابقةٍ خاطئة بين مفهومَي «الموضوعية» و«الحيادية»، ووفق هذا المعيار الخاطئ يصنِّف بعضُ النقّاد البرجوازيين الماركسيةَ «علماً زائفاً» لأنّها منحازةٌ للطبقة العاملة والكادحين والشعوب المُضطَهَدة والمُستَعمَرة.

ضدّ «صنميّة النقاء»... المقاومة بين العِلم التحرّري والأيديولوجيا

«إن كان ولعك بـ(صنميّة النَّقاء) يطالبُ بثورةٍ مناهضة للاستعمار بلا دماء، فسوف يكون مصيرك إدانةَ حركات التحرر التي تشنّها الشعوب المستعمَرة. وسوف تكون مقيداً بلعب دور المدافعين عن الإمبريالية... وسيكون (انحيازك) إلى المضطهَدين مشروطاً دوماً ببقائِهِم مضطهَدين؛ فلن تكون معهم إلا بقدر ما يبقون ضحايا، ولكنك لن تكون معهم أبداً عندما يقاومون ويصبحون قوة تحررية». بهذا الانتقاد افتتح الشيوعي الكوبي-الأمريكي كارلوس غاريدو مقالاً هامّاً من حيث وضوح الموقف تجاه «طوفان الأقصى» بعد أيام قليلة من السابع من أكتوبر 2023.

إنجلس وغرامشي عن استراتيجية حرب الاستنزاف بدلاً من «ضربة واحدة»

في مقدمة إنجلس لكتاب ماركس «النضال الطبقي في فرنسا»، والتي كتبها إنجلس في العام الأخير من حياته، بتاريخ 6 آذار 1895، نراه يلفت انتباهنا إلى أنّ ظروفاً وتغيّرات تاريخية معيّنة تضطرّ المناضلين إلى استراتيجية الكفاح الطويل، سواء السياسي أو العسكري، عبر «حرب استنزاف»، أيْ بالنضال عبر ما وصفه بـ«كسب موقع تلو الآخر في غمرةٍ من النضال العنيد القاسي... عوضاً عن إحراز النصر بضربةٍ حاسمة واحدة»، وهي فكرةٌ عبّر عنها إنجلس في مناسبات أخرى كذلك، ولاحظ باحثون بأنّها كانت استباقاً لفكرة «حرب المواقع» لدى غرامشي.