هل الحرب الأمريكية ضدّ روسيا هي «حرب يهودية»؟
فيليب جيرالدي هو ضابط استخبارات سابق في المخابرات المركزية الأمريكية، وصحفي معروف، وعمل مستشاراً سياسياً في عدة إدارات أمريكية، وكذلك كان الرئيس التنفيذي لواحد من أهم مراكز الأبحاث الأمريكية وهو Council for the National Interest وكان كاتباً رئيسياً في Conservative magazine، قبل أن يطرد من كل الموقعين بتهمة «معاداة السامية».
ترجمة : قاسيون
لطالما كان هناك تواطؤ هائل بين الحكومة «الإسرائيلية» واليهود في البنتاغون والبيت الأبيض ومجلس الأمن الوطني ووزارة الخارجية، وخاصة في أعقاب أحداث 11/9. أيام بوش الابن، كان لطاقم السفارة «الإسرائيلية» حقّ الوصول بكامل الحرية إلى مكتب نائب وزير الدفاع بول وولفويتز، ولم يكن عليهم أن يوقعوا أو يلتزموا بأيّ إجراءات أمنية. كان ذلك إشارة واضحة على الوضع الخاص الذي تتمتع به «إسرائيل» مع اليهود المرموقين في إدارة بوش.
اليوم أكبر ثلاثة مسؤولين في الإدارة الأمريكية «توني بلينكن، وويندي شيرمان، وفيكتوريا نولاند» جميعهم يهود صهاينة. رئيس وزارة الأمن الوطني التي تعمل على ملاحقة «الإرهابيين» المحليين المنشقين، يهوديّ بدوره، وكذلك المدعي العام ورئيس الديوان الرئاسي. يبدو أنّهم لا يهتمون، لا هم ولا رئيسهم بايدن، بأنّ أوكرانيا ليست ديمقراطية. حكومة أوكرانيا الحالية حصلت على السلطة في 2014 إثر انقلاب 2014 الذي هندسته وزارة الخارجية الأمريكية بكلفة تقديرية 5 مليار دولار. تمّ تغيير النظام بدفع من المعادية للروس فيكتوريا نولاند من وزارة الخارجية، مع قليل من العون من المعولم الدولي جورج سوروس. لقد أزالوا رئيساً منتخباً بشكل ديمقراطي لأنّه صديق لروسيا.
أوكرانيا هي البلد الأكثر فقراً وفساداً في أوروبا. الرئيس الحالي فولوديمير زيلينسكي، وهو اليهودي الذي يدعي الانتساب لعائلة من ضحايا الهولوكوست، هو كوميدي سابق فاز بالانتخابات عام 2019. حلّ مكان اليهودي الآخر بيترو بوروشينكو، بعد أن تلقى الدعم الثقيل من يهودي أوكراني من أثرياء الأولغارش إيهور كولومويسكي، وهو الذي يحمل جنسيّة «إسرائيل» ويعيش فيها اليوم.
يبدو الأمر بأكمله مثل ديجافو لغزو العراق من جديد، تحديداً لأنّ الكثير من الجناة لا يزالون هم أنفسهم، مثل نولاند، يضخون للذهاب إلى الحرب من جديد دون أيّ سبب. معهم اليوم صحفيون أمثال بريت ستيفنز في نيويورك تايمز، وولف بليتزر وجيك تابر من سي ان ان، وكذلك ماكس بوت في واشنطن بوست. جميعهم يهود ويمكن الاعتماد عليهم ليكتبوا مواد دورية تعمل على شيطنة روسيا ورأسها بوتين، ما يعني بأنّ الأمر لم يعد يتعلق بالشرق الأوسط فقط. يرتبط الأمر أيضاً بإضعاف وإحداث تغيير في النظام في روسيا المسلحة نووياً ورسم خطوط يمنع تعديها من قبل الصين المسلحة نووياً أيضاً. لكن يمكنني أن أضيف بأنّ ممارسة الألعاب مع روسيا هو جحيم أكثر خطورة بكثير من العبث مع العراق.
بشكل صريح، يكره العديد من اليهود الأمريكيين في الحكومة والإعلام روسيا وذلك رغم استفادتهم بشكل كبير كمجموعة من دورهم البارز في نهب الاتحاد السوفييتي السابق تحت قيادة بوريس يلتسن، واستمرارهم في كونهم جزء من أبرز أفراد الأوليغارشية الروسية. الكثيرون من أصحاب المليارات من الأولغارش، مثل بوريس بيريزوفسكي، قاموا بنفي نفسهم عندما وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة وبدأ في اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ التهرب الضريبي والأنشطة غير القانونية الأخرى. انتقل الكثيرون منهم إلى أوروبا الغربية حيث اشترى البعض فرق كرة قدم، بينما ذهب آخرون جنوباً وحصلوا على الجنسية «الإسرائيلية». تعكس مظالمهم الحالية إلى حد ما مطالبة «عشيرتهم» بكونهم ضحية دائماً واحترام جميع الخطايا التي تنقلها والتسامح معهم، مع حكايات الاضطهاد التي يروجونها والتي تعود إلى أيام القياصرة، والمليئة بالادعاءات حول المذابح والقوزاق الذين يصلون في الليل، وجميعها قصص تنافس من حيث افتقارها للمصداقية الكثير من تلفيقات المحرقة.
المحافظون الجدد
يجد العديد من اليهود، ولا سيما اليهود الأصغر سناً، صعوبة في دعم الفصل العنصري في «إسرائيل» والحروب المستمرة التي يتمّ شنها وخوضها بدون سبب حقيقي من قبل كلّ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري عندما يكون رجالهم في السلطة، وهذا أمر جيّد. لكنّ سطوة اليهود في واشنطن وعلى طول العالم يصعب تجاهلها، وهذه الجماعات والأفراد اليهود بالتحديد هم الذين تمكنهم ثرواتهم واتصالاتهم من أن يكونوا أكثر دعاة الحرب صخباً فيما يتعلق بالشرق الأوسط وروسيا.
وفقاً لليهود المنشقين مثل مجموعة اليهود الداعية للسلام: تيكون Tikkun، فالمحافظون الجدد مسؤولون عن الحروب والكوارث، وإدارة بايدن مليئة بالمحافظين الجدد، ولهذا فسياستها توجيه أوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى كارثة جيوسياسية أخرى. تشرح تيكون: «حركة المحافظين الجدد نشأت في السبعينيات من مجموعة من المثقفين العموميين، والذين كان بعضهم متأثراً بعالم مدرسة شيكاغو السياسي ليو شتراوس وكلاسيكي جامعة يال دونالد كاغان. شمل قادة المحافظين نورمان بودهوريتز وإيرفنغ كريستول وبول وولفويتز وروبرت كاغان وفريدريك كاغان وفيكتوريا نولاند وإيليوت أبرامز وكيبرلي آلين كاغان». يمكن إضافة أنّ كيمبرلي كاغان ترأس معهد دراسات الحرب، والذي يتمّ الإشارة عادة إليه في التغطيات الإعلامية وحتّى في الكونغرس لشرح السبب الذي يجب فيه قتال روسيا.
أدرك الكثيرون منذ فترة طويلة أنّ كراهية خاصة موجهة ضدّ روسيا تتخلل ما يسمى بوجهة نظر المحافظين الجدد إلى العالم. المحافظون الجدد ممثلون بشكل مفرط في المستويات العليا للحكومة. يديرون وزارة الخارجية بينما يشغلون أيضاً مناصب رفيعة المستوى في أماكن أخرى في إدارة بايدن وكذلك مراكز أبحاث السياسة الخارجية، بما في ذلك ريتشارد هاس في مجلس العلاقات الخارجية شديد التأثير. وبالمثل، فوسائل الإعلام والمؤسسات ومواقع الشبكات الاجتماعية الأمريكية الغربية التي تعاني من رهاب روسيا بشكل كبير هي يهودية بشكل مفرط في ملكيتها وموظفيها.
اليهود وأوكرانيا
علاوة على ذلك، تعتبر أوكرانيا إلى حد ما مكاناً مهماً جداً لليهود. كانت وسائل الإعلام اليهودية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى تمدح زيلينسكي مشيرة إلى أنّه «بطل يهودي حقيقي»، مكابي عصري يقاوم الطغيان، داود ضد غوليات. تباع قمصان تحمل صورته مكتوب عليها: «مقاومين للطغاة من أيام فرعون»، وقد كانت الجالية اليهودية الأرثوذكسية في مدينة نيويورك تجمع بالفعل ملايين الدولارات لمساعدة أوكرانيا.
ذكرت وكالة تلغراف اليهودية أنّ «مسحاً ديموغرافياً لعام 2020 قدّر أنّه بالإضافة إلى السكان الأساسيين البالغ عددهم 43 ألف يهودي، هناك حوالي 200 ألف أوكراني مؤهلون تقنياً للحصول على الجنسية «الإسرائيلية»، ما يعني أنّ لديهم أصول يهودية واضحة. يقول الكونغرس اليهودي الأوروبي أنّ هذا العدد قد يصل إلى 400 ألف». إن صحّ هذا، فهي واحدة من أكبر الجاليات اليهودية في العالم وتضمّ ما لا يقلّ عن 8 آلاف «إسرائيلي» ذهب الكثيرون منهم بالفعل إليها.
بما أنّ المفاوضات الأمريكية الروسية التي سبقت القتال الحالي كانت مصممة من قبل إدارة بايدن كي تفشل بوضوح، فعلى المرء أن يتساءل عمّا إذا كانت هذه الحرب ضد روسيا هي إلى حد كبير نتاج كراهية عرقية ودينية طويلة الأمد مقترنة بالاعتقاد بضرورة وجود جيش أمريكي قوي يتمّ نشره حسب الحاجة ليهيمن على العالم، وبالتالي يحمي «إسرائيل». المحافظون الجدد هم الأكثر بروزاً، ولكن بالقدر ذاته من بثّ السم هناك اليهود الذين يفضلون وصف أنفسهم: نيوليبراليون أو تدخليون ليبراليون، وهم الليبراليون الذين يروجون لدور قيادي أمريكي قوي وحازم لدعم المصطلحات الزائفة أساساً مثل الديمقراطية والحرية. يدعم كلّ من المحافظين الجدد والنيوليبراليين السياسات نفسها بشكل حتمي، لذا فهم يملكون كلا طرفي الطيف السياسي المخفي، وتحديداً فيما يتعلق بالشرق الأوسط وضدّ روسيا. إنّهم يسيطرون حالياً على تفكير السياسة الخارجية لكلّ من الأحزاب السياسية الرئيسية بالإضافة للسيطرة على تغطية الإعلام وصناعة الترفيه وتوجييها للقضايا التي تهمهم، ما يترك عموم الأمريكيين إلى حدّ كبير مع وجهة نظرهم فقط.
خطاب بايدن يعكس وجهات النظر هذه، وإلا كيف يمكن تفسير الرحلة السخيفة التي قام بها المدعي العام ميريك غارلاند إلى كييف في أواخر حزيران للمساعدة في إجراء تحقيق في جرائم حرب موجه ضدّ روسيا؟! نظراً لأنّ غارلاند من المفترض أن يكون المدعي العام للولايات المتحدة، فقد يكون من المفيد أولاً أن يحقق في جرائم الحرب التي ترتكبها الولايات المتحدة. بأيّ حال، أعلن غارلاند أثناء وجوده في كييف أنّ إيلي روزنباوم، يهودي بالطبع، وموظف قديم في وزارة العدل مسؤول عن تحديد مجرمي الحرب النازيين وترحيلهم، سيقود فريق المساءلة عن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان الروسية. وإن كان هناك دليل آخر مطلوب لإثبات مدى يهوديّة ذلك الأسبوع في كييف، فالممثل الأمريكي بين ستيلر، يهودي أيضاً، زار زيلينسكي وعانقه كثيراً أمام الكاميرات.
إن كان روزنباوم مهتماً بالفعل بإيجاد مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، فهناك الكثير من النازيين الجدد حوله في أوكرانيا، أكثر منهم في الجيش الروسي. لذا فعلى الفرد أن يسأل: حرب من هذه وما الذي يجعلها تحدث؟ هل يمكن لبايدن أن يشرح لنا السبب؟ أو بالنظر إلى مظهره الفارغ دوماً يجب علينا أن نسألت ميريك غارلاند أو توني بلينيكن أو ربّما حتى فيكتوريا نولاند.
بتصرّف عن: