ضربة «ميرسر ستريت» والرسالة الضمنية
لا تزال تتفاعل آثار الهجوم الأخير الذي تعرضت له الناقلة «إم تي ميرسر ستريت» المرتبطة بالكيان الصهيوني قبالة ساحل عُمان أواخر الشهر المنصرم، وهو الهجوم الذي تحمّل الولايات المتحدة وحلفاؤها مسؤوليته لإيران، بينما تنفي الأخيرة رسمياً أي علاقة لها به.
المُلفت في الضربة الجديدة أنها ليست تقليدية كما يجري في العادة، حيث تشير التقارير إلى أن الطائرة المسيرة دون طيار التي قامت بعملية الاستهداف ألقت عدداً من العبوات الناسفة على الناقلة التي كانت متوجهة من تنزانيا إلى الإمارات، ولم تتوقف الضربات إلا عندما قُتل اثنين من أفراد الناقلة (بريطاني، وروماني) وأصيب ما لا يقل عن ثلاثة، ما أعطى انطباعاً أن الجهة المنفذة للعملية أرادت إرسال رسالة بأن الضربة ليست رمزية هذه المرة، وأن هنالك قرار واضح بالتصعيد.
ورغم النفي الرسمي الإيراني وقوف طهران خلف العملية، إلا أنه بعد ذلك نقلت قناة «العالم» الإيرانية عن مصادر مطلعة لم تسمها إن الاستهداف جاء رداً على هجوم «إسرائيلي» على مطار الضبعة قرب محافظة حمص السورية. وهو ما دفع كثيرين للترجيح بأن لدى إيران الإرادة لدفع الأمور نحو تطور جديد في قواعد الاشتباك.
في المقابل، تلقى المحور الغربي هذه الإشارة، وترجمها مباشرة على شكل حملة سياسية وإعلامية منسّقة ضد طهران في محاولةٍ لإعادتها إلى قواعد الاشتباك السابقة، ومن ذلك تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الذي توعّد بـ«الردّ المتناسب» وأكد: «نتشاور مع حكومات دول المنطقة وخارجها حول الرد المتناسب، وهذا الرد قادم».
وفي هذا الصدد، ثمّة في واشنطن من يعتقد أن لهذا التصعيد انعكاسات على الملف النووي الإيراني، منطلقاً من تقديره أنه قد لا يكون لدى القيادة الإيرانية الجديدة مصلحة بتوقيع الاتفاق النووي إلا وفق شروط جديدة يمكن انتزاعها بما يتناسب مع التغيّرات التي حصلت في موازين القوى الدولية منذ 2015 إلى اليوم، ولا سيما أن الضرورات الأمريكية للانسحاب من المنطقة آخذة بالتصاعد بشكلٍ كبير. حيث لا تجد الولايات المتحدة القدرات الضرورية لخوض الصراع على أكثر من جبهة في العالم، بل وهنالك من يقدّر بأنه حتى لو نجحت واشنطن في الانسحاب من مناطق العالم المختلفة للتركيز على الصين فإن قواها غير كافية لإنجاز حجم المهمة المطلوبة هناك.
عند هذه النقطة ينفتح باب التكهنات والتساؤلات، وتحديداً فيما لو كان السلوك الإيراني في منطقة الخليج ناتج عن حسابات إيرانية صرفة، أم أنه منسَّق أيضاً مع قوى أخرى...