الحلم الأمريكي ضدّ الحلم الصيني
جون والش جون والش

الحلم الأمريكي ضدّ الحلم الصيني

هل لدى الصين والولايات المتحدة أهداف متناقضة جوهرياً بشكل لا يجعلها قادرة على التحقق معاً؟ الإجابة البسيطة: نعم. لكن هل هذا التناقض قائمٌ على أساس معنوي أو أخلاقي، أم أنّ أبعاده أكثر وضوحاً ومباشرة؟ علينا أن نقف عند الهدفين لنفهم ذلك.

ترجمة: قاسيون

الهدف الصيني

الهدف الأهم هو التنمية الاقتصادية، وهي السياسة التي التزمت بها الصين وتعلن التزامها المستقبلي بها أيضاً. ليس هذا أمراً مفاجئاً، فهو هدف كلّ دولة نامية، ويمكننا أن نطلق عليه: «الحلم الصيني».

لو كان هذا الحلم مجرّد حبر على ورق، لما كان هناك مشكلة. لكنّ الصين تنجح في تحقيقه، الأمر الذي بات الجميع يعرفه. تخطّى الاقتصاد الصيني من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاقتصاد الأمريكي منذ تشرين الثاني 2014 بحسب صندوق النقد الدولي، وهو يستمرّ بالنمو بسرعة. تمّ انتشال أكثر من 700 مليون إنسان من ربقة الفقر، مع إعلان القضاء بشكل كلي على الفقر المدقع في 2020. تضمّ الطبقة الوسطى الصينية اليوم أكثر من 400 مليون إنسان. كما تحتلّ الصين مرتبة أكبر مُصنِّع وتاجر في العالم.

وفقاً للبنك الدولي، احتلّت الصين المرتبة السابعة في أعلى مجموعة مداخيل فوق المتوسط في 2020، وتقدّمت إلى المرتبة 59 في قائمة البلاد الأعلى دخلاً. لدى الصين اليوم هدف جديد: رفع معايير الحياة لمواطنيها لتضاهي الموجودة في بلدان الغرب الثريّة، الهدف الذي حددوا له تاريخاً هو العام 2049.

 

الهدف الأمريكي

فلنتوجه الآن إلى الهدف الأمريكي؛ للولايات المتحدة تاريخ طويل من التوسّعية والإمبريالية، ولكن لم يظهر طموح الهيمنة العالمية بالشكل الذي ندركه اليوم إلّا في عام 1941، والذي عبّر هنري لويس عنه بشكل جيّد في مقالته عام 1941 بعنوان: «القرن الأمريكي» الذي جاء فيه قوله بلسان حال الولايات المتحدة: «يجب علينا أن نقبل برحابة صدر واجبنا وفرصتنا كأقوى دولة في العالم، وبالتالي أن نمارس التأثير الكامل على العالم. تأثيرنا لتحقيق الأغراض التي نراها مناسبة، وبالوسائل التي نراها مناسبة».

هذه العقليّة استمرّت ووجدت أقصى سيادة لها في الحقبة التالية للحرب الباردة، حيث يعبّر عنها ما بات يُعرف باسم مبدأ وولفويتز القائل: «يجب أن نحافظ على آلية ردع المنافسين المحتملين من مجرّد التطلّع لحيازة دور إقليمي أو عالمي أكبر».

ينطبق تعريف «المنافس المحتمل» على الصين، مع فارق أنّها لا تطمح فقط لدور إقليمي أو عالمي أكبر، بل كونها حققته بالفعل. هذا هو جوهر التناقض غير القابل للحل.

التناقض الحقيقي يكمن في تناقض مصالح نخب الولايات المتحدة مع مصالح جميع الشعوب، بما فيهم الشعبان الأمريكي والصيني. وإضافة إلى التناقض الداخلي الأمريكي، يمثّل تناقض النخبة الأمريكية مع الجانب الصيني تناقضَ قلّة قليلة مع 1.4 مليار حالم صيني. ففي الجوهر، أحلام الشعبَين الأمريكي الصيني أحلامٌ واحدة.

الطريقة الوحيدة لتحقق نخب الولايات المتحدة أحلامها هي في قتل أحلام وطموحات 20% من سكان العالم، فهل سيقبل هؤلاء بذلك؟ من هنا يمكننا استخراج التناقضات الأخلاقية والمعنوية بين الحلمين. فهل يستحق حلم النخبة الأمريكية أن تشنّ لأجله الحروب ويعمّ الدمار، على حساب حلم الشعب الصيني ومعه الشعب الأمريكي وبقية شعوب العالَم؟

 

بتصرّف عن: The Chinese Dreamers vs. the U.S. Hegemon