القوى الظلامية: حلولٌ جاهلية بلبوسٍ «إسلامي»!

القوى الظلامية: حلولٌ جاهلية بلبوسٍ «إسلامي»!

قامت القوى الطائفية الحاكمة والمعارضة معاً، والمدعومة من الإمبريالية الأمريكية والدول الإقليمية، باغتصاب إرادة المجتمع العراقي، في محاولة منها لإعادة عجلة التأريخ إلى الوراء، عن طريق التلطي خلف شعار «الإسلام هو الحل»

هذا الشعار الذي ترجم بأعمالٍ وحشية، من الذبح والاغتصاب والتفجير والتهجير والخطف والاعتقال والقمع والتكفير، ناهيكم عن التشريعات المخالفة لحقوق الإنسان، ابتداءً بمحاولة عبد العزيز الحكيم إلغاء قانون الأحوال الشخصية التقدمي «188» لسنة 1959، وإعادة العمل بقانون العشائر الاستعماري، المناهض لسلطة الدولة وحقوق المواطنة والمساواة أمام القانون، مروراً بفتاوى أتباع «بن لادن» الإرهابية، وأعمالهم الإجرامية الوحشية لمصلحة الأمريكي، وانتهاءً بمشروع القانون الجعفري، الذي يشرع اغتصاب الفتيات الصغيرات! ويلغي وطنية ومدنية قانون الأحوال الشخصية، لمصلحة قوانين دينية وطائفية متعددة تمزِّق الوحدة الوطنية العراقية.

إن ترجمة القوى الظلامية لشعار «الإسلام هو الحل» ، ما هي على أرض الواقع إلا ردة سوداء تهدف إلى ليّ عنق التاريخ، وهي محاولة مهزومة موضوعياً، فالتاريخ يسير إلى الأمام، ولعلَّ برامجها وأساليبها وممارساتها تعبِّر عن مشهد العصر الجاهلي في نزاعاته القبلية، واستعباد الإنسان واحتقار المرأة ووأد البنات وكنز الذهب والفضة. «فالإسلام وضع الإنسان في القمة بين الكائنات.. وقد جعل القرآن خلق آدم من مادة الحياة رمزاً لظهور الإنسان على الأرض ورفعه فوق الملائكة.. إنسان الطين الأرضي، مجبولاً من مادة هذه الأرض، ورغم ذلك هو جدير أن تسجد له «الملائكة» وهي الكائنات الروحانية في أدب القرآن.... وبأن على كل إنسان أن يتحمل مسؤولية عمله، إن خيراً وإن شراً، صغيراً كان أم كبيراً «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» ــ سورة الكهف، الآية 29»

إن القوى الإسلامية الظلامية الحاكمة والمعارضة تمارس على حد سواء، كل أنواع الفساد والاحتكار وسرقة الأموال وكنزها في البنوك الغربية ، وتؤمل الفقراء بالجنة وترهبهم بالنار...وتتحالف مع «الشيطان الأكبر- أمريكا وكيانها الصهيوني في فلسطين»، و«الشيطان الأصغر - الدول الإقليمية» لمنع الشعب العراقي من تحقيق حريته، وإقامة دولته الوطنية الديمقراطية.... هذا هو «الحل الإسلامي» المزعوم!

إن الدولة الإسلامية التي انتصرت، ونقلت مجتمع الجزيرة العربية من حياة القبلية الجاهلية إلى رحاب الدولة، التي تساوي بين الأجناس وتحرم الربا وكنز الذهب والفضة، قد بدأت بالانهيار، كدولة إسلامية، إثر وفاة مؤسسها النبي محمد بن عبد الله، عام 632م، ومقتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين، آخرهم الإمام علي بن أبي طالب عام 661م. وظهرت بذور المذهبية الإسلامية، خصوصاً بعد استشهاد الإمام الحسين، وتحولت إلى إمبراطورية عائلية وراثية، علماً «أن حركة الفتح التي استمرت أكثر من سبعين عاماً، حتى شملت دولة العرب مساحات شاسعة من ثلاث قارات..» كانت دوافعها «اجتماعية أكثر منها دينية.. وإن للظروف الموضوعية في البلدان المفتوحة، وللظروف الذاتية لدى الفاتحين تأثيراً فعالاً في تحقيق هذه الانتصارات.. ضعف دولتي بيزنطة وفارس حينذاك بعد الحروب الطويلة بينهما، وإثقال السكان في سورية وفلسطين ومصر والعراق بالضرائب الباهظة، والاضطهاد الديني من جانب الكنيسة البيزنطية سورية..».

«الحل الإسلامي» الذي تتاجر فيه القوى الظلامية، لا يتعدى سوى قناع تتستر به، لتمرير سياسات طبقية استغلالية تضطهد، بموجبها، الطبقات العمالية والفلاحية وعموم الشعب. وما الصراع المذهبي، المشتعل على مدى قرون، والمنافي لأسس الدين الإسلامي، إلا الغطاء لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، والمستثمر من قبل القوى الاستعمارية «القديمة والجديدة»، للحفاظ على مصالحها الاستغلالية، ومصالح الطبقة التابعة لها، مشعلةً الفتن والحروب المذهبية والطائفية. معتمدةً الأساليب القمعية الدموية الإرهابية ضد القوى التحررية في المجتمع، الطامحة لتأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية القادرة على النهوض بطاقات الناس الإنتاجية والإبداعية، واستثمار الثروات الوطنية، قبل نضوبها، لبناء بنية اقتصادية تفضي، موضوعياً، إلى تحقيق العدالة الاجتماعي. 

 

*منسق التيار اليساري الوطني العراقي

*تنويه: تعود الاقتباسات الواردة في المقال أعلاه، إلى المفكِّر الشيوعي، الشهيد حسين مروة، في كتابه «النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية».