الحلول الصينية لإطفاء الحرائق تثبت تفوُّقها... ودولٌ عربية تتبنّاها

الحلول الصينية لإطفاء الحرائق تثبت تفوُّقها... ودولٌ عربية تتبنّاها

يتزايد تهديد حرائق الغابات عالمياً، وتبرز الحلول الصينية كخيار عَمليّ للدول النامية والفقيرة التي تواجه تحدّيات مالية وتقنية. وهناك عدد من الدول العربية (كالإمارات والسعودية وعُمان والجزائر) توفّرت لدى صنّاع القرار فيها القناعة العِلمية والإرادة السياسية للإقدام على الاستفادة الاستراتيجية من الصين في هذا المجال. فحصلت على حلولٍ متكاملة تجمع بين التكلفة التنافسية والتكنولوجيا المتقدمة، ممّا أنتج تحسّناً ملحوظاً في معالجتها لأزمات الحرائق، من خلال تبنّي التكنولوجيات الصينية، كالطائرات المسيَّرة، وأنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ المبكر، والروبوتات المتخصصة في الإطفاء، وشاحنات الإطفاء الذكية. وتتميز الحلول الصينية بتكلفة أقل بنسبة 50-75% مقارنة بالخيارات الغربية، مع كفاءة تشغيلية عالية، مثل تقليل وقت الاستجابة بنسبة 35% في الإمارات، ورفع دقّة التنبؤ إلى 87% في السعودية. كما تؤمِّن الصين دعماً تقنياً وتمويلياً عبر مبادرة الحزام والطريق بفوائد صفرية أو أقلّ من فوائد مشاريع البنك الدولي.

في البداية نذكر بإيجاز أنّ من مزايا الحلول الصينية أنّ تمويلها غالباً ما يكون ضمن قروض مبادرة الحزام والطريق بفائدة 0–2%، بينما تفرض مشاريع البنك الدولي فوائد 5–7%. كما أنّ تكاليف صيانة طائرات الإطفاء الصينية 5 آلاف دولار سنوياً مقابل ما يزيد على 20 ألف دولار للأجزاء الاحتكارية الغربية. كما وتتميز بعض التكنولوجيات الصينية لإطفاء الحرائق بواجهات أبسط وقدرة على العمل دون اتصال بالإنترنت. بالمقابل تذكر المصادر بعضَ القيود، مثل افتقار الطائرات الصينية لتقنيات التصوير الحراري المتقدمة، وتحدثت بعض الدول وخاصةً في الغرب عن مباعث قلق (تبدو مسيَّسة) تتعلق بـ«سيادة البيانات» بسبب توجيه البيانات عبر خوادم صينية.

والآن ننتقل إلى عرض أمثلة ملموسة من تجارب عدة دول عربية استفادت من التقدم العلمي والتكنولوجي الصيني في إطفاء الحرائق والوقاية منها، استناداً إلى تقارير منتديات التعاون الصيني-العربي، وإدارة الطيران المدني الصيني. ثم نعرض أمثلة أخرى من دول آسيوية غير عربية، ونختم ببعض حسابات التكلفة والجدوى العمليّة.

1. الإمارات العربية المتحدة طائرات مسيَّرة ذكية

استخدمت الإمارات طائرات صينية من طراز DJI Matrice 300 RTK مجهَّزة بكاميرات حرارية وأجهزة استشعار لرصد الحرائق في المناطق الصحراوية والغابات مثل وادي «الوريعة» وجبال «حتا». أمّا التكلفة فهي 50 ألف دولار تقريباً للوَحدة، مقارنة بأكثر من 200 ألف دولار لنظيراتها الأمريكية مثل Skydio X2. (ولمعرفة المقصود بـ«الوحدة» انظر القسم الأخير من هذا المقال حول الحسابات). وكانت النتائج: خفض وقت الاستجابة بنسبة 35% في حرائق العام 2023، وتغطية 500 كم مربّع شهرياً عبر 15 طائرة مسيَّرة. وذلك بتمويل من مشاريع مبادرة الحزام والطريق، مع دعم صيني لتدريب الكوادر المحلية.

2. السعودية - الذكاء الاصطناعي والتنبؤ بالحرائق

طبّقت السعودية تقنية Random Forest الصينية للتنبؤ بمناطق اشتعال الحرائق في غابات عسير والمنتزهات الوطنية، باستخدام بيانات الأقمار الصناعية الصينية Gaofen7 مع تأمين تكامل النظام مع مركز القيادة والتحكم في الرياض. التكلفة: 1.2 مليون دولار، مقارنة بـ5 ملايين دولار لنظامٍ كنديٍّ مماثِل. والنتائج: دقّة تنبؤ تصل إلى 87%، مع تقليل المساحات المحترقة بنسبة 40% في العام 2024.

3. عُمان - روبوتات إطفاء متطورة

نشرت عُمان روبوتات صينية من طراز XFirebot في ميناء «الدّقم»، وهي مجهزة بمدافع مياه ذات نطاق 60 متراً وأجهزة كشف عن الغازات السامة. التكلفة: 80 ألف دولار للروبوت، مقارنة بـ150 ألف دولار للأنظمة الأوروبية. النتائج: إخماد 90% من حرائق المنشآت الصناعية خلال دقائق، وتقليل الاعتماد على العنصر البشري في المناطق الخطرة.

4. الجزائر - أنظمة الحَرق المخطَّط

تمّ تدريب 300 خبير جزائري على تقنيات «الحَرق الموسمي النُّقَطي» الصينية في غابات القبائل والأوراس، بالشراكة مع معهد «يونان لتدبير الحرائق البرّية» في الصين. التكلفة: 700 ألف ألفدولار (مموَّلة بالكامل ضمن منحة صينية). النتائج: انخفاض الحرائق غير المسيطَر عليها بنسبة 50% عام 2024، وإنشاء أول خريطة «وقود غابيّ» رقمية بالتعاون مع الصين.

5. قطر - شاحنات إطفاء متكاملة

اشترت قطر 20 شاحنة إطفاء صينية من طراز XCMG AP45 مزوَّدة بخزانات رغوة مضغوطة (بسعة 10 آلاف لتر)، مع طائرات مسيرة للاستطلاع (بنطاق 10 كم). التكلفة: 120 ألف دولار للوَحدة، مقارنة بـ300 ألف دولار لشاحنات Rosenbauer النمساوية. النتائج: استخدامها في حماية محميّة «الذخيرة» ومنشآت الغاز الطبيعي.

هذا وتشير دراسات حالات من ميانمار ولاوس وكمبوديا وزيمبابوي إلى تفوق التقنيات الصينية من حيث التكلفة والفعالية، حيث تقدم أنظمة مراقبة بالطائرات المسيرة بأسعار تصل إلى خُمس مثيلاتها الغربية، مع تحقيق نسب دقة تبلغ 89% في التنبؤ بالحرائق، وتوفير ما يصل إلى 90% من التكاليف إضافة إلى تميّزها بالقدرة على التكيُّف مع البنى التحتية المحدودة، مما يجعلها خياراً مثالياً للدول التي تعاني من شح الموارد.

6. ميانمار - أنظمة مراقبة بالطائرات المسيّرة

نشرت ميانمار طائرات صينية من طراز Wing Loong2 UAV لمراقبة الحرائق في الغابات النائية. التكلفة: 100 ألف دولار للوحدة، مقارنة بأكثر من 500 ألف دولار لنظيراتها الأمريكية (مثل MQ9 Reaper) أو «الإسرائيلية» (Hermes 900). النتائج: تخفيض وقت الاستجابة بنسبة 40% في حرائق ولاية شان عام 2023، بتغطية أكثر من 50 ألف هكتار بتكلفة تشغيل تعادل خُمس النظم الغربية.

7. لاوس - نظام إنذار مبكر بالذكاء الاصطناعي

اعتمدت لاوس على نموذج التنبؤ الصيني بنسبة دقّة 89.2% ليحل محل الدوريات اليدوية. التكلفة: 2 مليون دولار للنشر الكامل (عام 2022)، بينما يكلّف نظام كندي مماثل (هو Prometheus) عدة ملايين من الدولارات. وبذلك خفضت تكاليف إدارة الحرائق السنوية بنسبة 60% في المقاطعات الشمالية.

8. كمبوديا - تدريب على الحَرق المخطَّط

قدّم خبراء صينيون مبادرةً لتدريب أكثر من 200 حارس غابات على تقنيات الحرق الموسمي (2021–2024). التكلفة: 1.5 مليون دولار (ممولة بالكامل من الصين)، بينما تكلّف البرامج المماثلة المموَّلة من الاتحاد الأوروبي 4 ملايين دولار. النتيجة: تخفيض الحرائق غير المقصودة بنسبة 35% في مناطق محمية مثل «بري لانغ».

9. زيمبابوي - معدات إطفاء الحرائق

استوردت عام 2023 شاحنات إطفاء صينية من طراز XCMG AP35/G2 مع طائرات مسيَّرة مُلْحَقة. التكلفة: 120 ألف دولار للوحدة الصينية، بينما تكلّف الوحدة من الموديلات الألمانية (روزنباور) مبلغ 300 ألف دولار. النتيجة والأداء: أخمدت 80% من حرائق 2024 في «ماتابيلي-لاند» خلال 12 ساعة، بينما كانت تستغرق أكثر من 24 ساعة قبل تبنّي هذه التقنية.

حسابات وأمثلة عَمليّة

في هذا المقال يُقصَد بـ«الوَحدة» في سياق إطفاء الحرائق: كل قطعة من المعدات أو النظام التكنولوجي الكامل المطلوب لتشغيله بشكل مستقل.

  • في الطائرات المسيَّرة (الدرونز) تشمل الوحدة: (طائرة واحدة + محطة تحكم + شحن + برامج تحليل البيانات)، وتغطي مساحة 50-100 كم مربّع، وتحتاج 3-5 وحدات (للمراقبة المستمرة). مثال: غابة مساحتها 500 كم مربّع (كغابات عسير السعودية) تحتاج 15 وحدة تقريباً.
  • في أنظمة الذكاء الاصطناعي (التنبؤ بالحرائق)، تشمل الوحدة منظومة كاملة (خوادم + برمجيات + أجهزة استشعار). وتغطّي الوحدة الواحدة 200-300 كم مربّعاً إذا كانت متصلة بأقمار صناعية. مثال: الجزائر (مساحة غابات 40 ألف كم مربَّع) تحتاج 20 وحدة تقريباً.
  • في شاحنات الإطفاء المتكاملة، تعني الوحدة: شاحنة واحدة + طاقم تشغيل. وتغطي كل وحدة 10–15 كم مربّعاً في حالات الطوارئ. مثال: حرائق بمساحة 150 كم مربّع (كمحمية الذخيرة القَطَرية) تحتاج 10–12 وحدة.
  • في روبوتات الإطفاء، تعني الوحدة: روبوتاً واحداً + نظام شحن. وتحتاج المناطق الصناعية إلى روبوت لكل 5–8 كيلومترات مربّعة. مثال: ميناء الدّقم العُماني (30 كم مربّع) يحتاج 4-6 وحدات.

حساب التكلفة الإجمالية لمثال عملي: غابة مساحتها 1,000 كم مربّع (كغابات الأطلس الجزائرية) تحتاج: طائرات مسيرة: 20 وحدة × 50,000$ = 1 مليون دولار + أنظمة ذكاء اصطناعي: 5 وحدات × 1.2 مليون$ = 6 ملايين دولار + شاحنات إطفاء: 15 وحدة × 120,000$ = 1.8 مليون دولار. المجموع: 8.8 مليون دولار تقريباً لهذه المنظومات الصينية، بينما كانت ستحتاج 25 مليون دولار تقريباً لو استخدمت تقنيات غربية. الصيانة: تكلفة صيانة الوحدة سنوياً 10% تقريباً من سعرها (مثلاً: طائرة مسيرة بـ50 ألف دولار تحتاج 5,000 دولار سنوياً للصيانة). هذه الأرقام تقديرية وتختلف حسب التضاريس والمناخ وسياسات كل دولة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1239