عشتار محمود
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
(هل ستفلس البنوك اللبنانية؟) العنوان الرئيس في الصحافة الاقتصادية السورية اليوم، ويأتي هذا وضوحاً من موقع تحريض الأموال السورية في لبنان وغيرها للعودة، تحت غطاء الخطر المالي في لبنان. ولكن ما يجري لا يرتبط بلبنان كثيراً، بل ربما بعمليات تفاوض مالي سوري- سوري، حول تموضع الأموال واستثماراتها المستقبلية.
يقدر اقتصاديون سوريون بأن الأموال السورية في الخارج قاربت 100 مليار دولار عام 2002 (قدري جميل- قضايا اقتصادية). ولذلك فإن التقديرات التي تقول اليوم بأن الأموال السورية في الخارج تقارب 200 مليار دولار اليوم، لا تعتبر أرقاماً مبالغاً بها.
بعد أن أفرجت الأرقام الحكومية عن بيانات ومُسوح المكتب المركزي للإحصاء، فإن قطع الموازنات قد بدأ بالصدور. أي: بدأت وزارة المالية تعلن ما أنفقته فعلياً من الموازنات التي رصدتها بآلاف المليارات سنوياً.
يقف الاقتصاد العالمي على عتبات أزمة اقتصادية مركبة: الدّيون والركود والتجارة، ويتوقع العديدون أن الفقاعة القادمة في أزمة المال العالمية، لن تكون جزئية، بل ستمثل انفجار أزمة الديون العالمية، وستكون أكبر من أن يكون بالإمكان انتشال بنوكها الكبرى، كما حدث في أزمة عام 2008، وقد تطيح هذه الأزمة بقطاع المال العالمي المتضخم، بل والدولار ذاته!
كان ترامب واضحاً في حملته الانتخابية عندما قال: «أمريكا أولاً» وهو ما يعني ضمناً: «الحلفاء وبقية العالم تالياً» ولا يقول الرئيس الأمريكي هذا إلا تعبيراً عن استراتيجية مواجهة «ما هو أعظم» فأمريكا وسط الأزمة العالمية القائمة والقادمة تريد أن تُسرع بالهرب... علّها تكون أقل الخاسرين الكبار خسارة.
تزداد اللوحة المالية الإقليمية قتامة عاماً بعد عام... حيث إن العجوزات المالية كسِمة عالمية، تتجلى بوضوح في «الشرق الأوسط» ولدى حلفاء الغرب. وهذا العجز المالي لا يمكن إلّا أن ينعكس عجزاً سياسياً، سيكون له أثر كبير على «الأفق التمويلي» للإعمار السوري، الذي يحتاج ما بين 300-500 مليار دولار، ولا يمكن إلا أن يكون دولي الطابع.
الناتج المتداول في سورية خلال سنة ينبغي أن يتوزع بين جانبين أساسيين الأول: هو الاستهلاك، أو الإنفاق الاستهلاكي، والثاني: وهو الاستثمار أو بشكل أدق التكوين الرأسمالي الثابت. ويقوم بهذه العمليات طرفان من حيث الملكية: الحكومة من جهة، وجهات القطاع الخاص كافة من جهة أخرى.
يصر مجلس الوزراء على إزالة سريعة لآثار الدمار، ولا تتوقف التصريحات الحكومية حول النشاط العقاري: فمسؤول يتحدث عن تنظيم المناطق العشوائية التي تبلغ 40-50% من مناطق السكن السورية، وآخر عن حماس الشركات الأجنبية والعربية للاستثمار في السوق العقارية السورية، وغيره يفند مزايا القانون رقم 10 ونموذج إعمار منطقة خلف الرازي.
منذ أن تولى ترامب الرئاسة الأمريكية ببرنامجه الناري، وبكاريزما الرئيس (البزنس مان الأرعن)... والولايات المتحدة تنتقل بقوة إلى سياسة (الانسحاب النشط): حيث تستبق أمريكا كل خطوة للوراء، بأكبر قدر من الضجيج. ولكن هذا الأسلوب الهوليودي الجديد ليس أكثر من ديكور حرب ودخانٍ مصطنع، لمنتجين بميزانية أقل، ولم يعد مقنعاً لأحد!
كلما علا الضجيج الأمريكي، كلما كانت خطوة الانسحاب أكبر. ولكن ما يمكن أن يسري على المزاج السياسي العام للناس، لا يتحول إلى قوى واقعية، فالتراجع هو التراجع. وأصبح واضحاً أن كل استعراض للقوة والرعونة الأمريكية مؤخراً، يعقبه حكماً خسائر أمريكية، ومكاسب للآخرين، وضرره لم يعد يتعدى التأخير وإدامة الاشتباك.
يعتبر البعض أنه كلما توسع نشاط المؤتمرات، وغلا ثمن البدلات الرسمية التي تنشط فيها... كلما ازدادت القناعة بأن (إعمار) سورية قد بدأ! فمن مؤتمر لرجال الأعمال هنا، إلى المؤتمر الاستثماري هناك، إلى الندوة التعريفية والتحفيزية للمستثمرين في مكان آخر، وكلها بغرض (التحضير لإعادة الإعمار) وتهيئة الجو للمستثمرين كي (يتشجعوا ويبدؤوا).
ظهرت في الفترة الماضية تصريحات إعلامية حول استهلاك السوريين الوسطي من الخبز ليتبين أن الاستهلاك السنوي يقارب 1،18 مليون طن من الخبز تقريباً، كما أشار وزير المالية إلى أن تكلفة إنتاج الربطة تقارب 200 ليرة وهي مدعومة بمقدار 150 ليرة للربطة. فبماذا تعلمنا أرقام الخبز السابقة؟
لا يزال سعر ربطة الخبز السوري، ذات الـ 1 كغ وسبعة أرغفة، ثابتاً نظرياً منذ عام 2016 عند سعر 50 ليرة، بينما تم تخفيض وزنها من 1300 غرام إلى 1000 غرام، وفق ما وضحه وزير التجارة الداخلية، ما يعني رفع سعر الكغ بنسبة 30%. ورغم أن بعضاً من التغيرات الاقتصادية التي دفعت إلى رفع أسعارها وتخفيض عبء دعمها قد تغيرت، إلا أن هذا لم يغير من سعر الربطة أو يزيد من وزنها.
اجتمع المانحون الدوليون من أجل مستقبل سورية بدعوة من الاتحاد الأوروبي، وحضور أمريكي وخليجي واسع، طبعاً بوجود الأمم المتحدة. واستغل المانحون الفرصة ليكرروا شروطهم للمساهمة في إعادة الإعمار في سورية، وربطها بتوقيتات سياسية، وبأماكن دون أخرى وفقاً للسيطرة السياسية...