ابراهيم العريس

ابراهيم العريس

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

«فولبوني» لبن جونسون: المجتمع إذ يهبط إلى أسفل السافلين

في أيامه كان يعتبر أكبر كاتب إنكليزي على الإطلاق، وهي صفة لم تمنح لمعاصره ومواطنه وغريمه أحياناً، ويليام شكسبير إلا بعد رحيل الاثنين بزمن طويل. حين كان على قيد الحياة، كانت سمعة بن جونسون تطغى على سمعة شكسبير، حتى وإن كان قام تعاون خلاق بينهما أحياناً.

«عمال البحر» لفيكتور هوغو: توازن دقيق بين التقدّم والرومانطيقية

إذا استثنينا رواية فيكتور هوغو الضخمة «البؤساء» التي هي حال على حدة في تاريخ الفن الروائي على أية حال، يمكننا أن نقول إن رواية هذا الكاتب «عمال البحر» هي الأشهر بين أعماله الكثيرة، والأكثر إثارة للمشاعر. وكذلك هي الرواية التي نالت، في زمنها، من إجماع النقاد ما لم ينله أي عمل آخر لهوغو.

«عطيل» لأورسون ويلز: جحيم الغيرة وظلماتها المرعبة

خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة تبدأ في العاصمة الفرنسية باريس كما في عدد آخر من المدن الأوروبية، عروض النسخة الجديدة المرمّمة من فيلم أورسون ويلز «عطيل» المقتبس عن مسرحية شكسبير الكبيرة. ومن البديهي أن تترافق هذه العروض لعمل سينمائي أساسي، غاب طويلاً عن الصالات مع تجدّد الاهتمام بالفيلم وصاحبه...

«الأوقات الصعبة» لديكنز: الطبقات الاجتماعية في ميزان كاتب نبيه

كان الزمن زمن الثورة الصناعية بامتياز، وكان زمن الفوارق الطبقية التي راحت تظهر أمام الجميع أكثر وأكثر، مغيّرة حياة البعض مصعّبة حياة الكثر منهم. وإضافة إلى هذا، وبسببه أيضاً، كان الزمن زمن الانتفاضات العمالية والشعبية.

«حكايات قاسية» لدي ليل آدام: جثث رجال الأعمال وأرواحهم

إذا كان النقاد والباحثون قد قارنوا دائماً بين كتابات الفرنسي أ. فيلييه دي ليل آدام من ناحية، وكتابات ادغار آلن بو والرومانسيين الألمان من ناحية ثانية، فإن أياً من الباحثين لم يتمكن من التشديد على ان الأميركيين والألمان يمكن ان يكون بينهم من تمكن من رسم المناخات المقابرية التي عرف الفرنسي كيف يرسمها ولا سيما في مجموعتيه الروائيتين اللتين صدرتا تباعاً في العامين 1883 و1885، وفي عنوان متطابق تقريباً «حكايات قاسية» و«حكايات جديدة قاسية»، ذلك ان الرعب في حكايات دي ليل آدام، لا يأتي من المواقف المتعمّدة او من الخطر الداهم، أو حتى من اي صراع بين الشخصيات.

«الثمن» لآرثر ميلر: عمّا يختبئ خلف الحلم الأميركي

ربما تكون مسرحية «الثمن» الأقل شهرة بين أعمال آرثر ميلر. وعلى الأرجح، هي المسرحية التي تقدّم عادة أقل من غيرها من بين مسرحياته، على مسارح أميركا والعالم. ولا يعود السبب إلى ضعف في المسرحية، بل ربما لأنها كتبت متأخرة عن المرحلة التي توصف بأنها فترة العصر الذهبي في حياة هذا الكاتب الذي كان واحداً من كبار كتاب المسرح الاجتماعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ومع هذا علينا أن نلاحظ، في صدد الحديث عن آرثر ميلر، أن شهرته لدى العامة ربما تعود إلى انه كان آخر أزواج النجمة مارلين مونرو التي ارتبط اسمه باسمها، أكثر مما تعود إلى انتشار أعماله الدرامية. غير أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن بعض مسرحياته، مثل «مشهد من على الجسر» و «موت بائع متجول» و «كلهم أبنائي» و «البوتقة» تعتبر دائماً أعمالاً شعبية ذات مكانة لدى الجمهور العريض، خصوصاً أن السينما والتلفزيون عمدتا إلى اقتباس هذه الأعمال وإعادة تفسيرها. وفي هذا السياق أيضاً، تبدو مسرحية «الثمن» أقل حظوة من غيرها.

«حي بن يقظان» لابن طفيل: العودة الى معرفة الذات السقراطية

في واحد من حوارات أفلاطون السقراطية، يرينا الفيلسوف استاذه وقد شاء أن يثبت ان المعرفة الحقة موجودة في داخل الانسان، لا تأتيه من خارجه، وأنه يكفي أن يوجد الظرف والدافع حتى تطلع من داخل الكائن البشري الواعي ولو بصورة عفوية، معارفه وقدرته على الربط بينها لاستخلاص افكار جديدة، بل حتى معارف سابقة الوجود ليس من الضروري ان تكون قد لُقّنت من طريق معلم ما. ففي ذلك الحوار، وإذ يتحدى البعض سقراط أن يؤكد هذا، يلتفت سقراط الى عبد فتى كان في المكان ويروح طارحاً عليه جملة أسئلة متشابكة ومترابطة، يجيب عنها الفتى بالتدريج، من دون أن يكون هو، أصلاً، عارفاً بقدرته على الإجابة، وذلك أمام ذهول الحاضرين.

«الحب الأول» لتورغنيف: الغرام مسألة سيكولوجية

لم تكن له حدة غوغول، ولا قوة تولستوي، ولا رؤيوية دوستويفسكي ولا عمق تشيكوف. ومع هذا ظل الكاتب الروسي ايفان تورغنيف لفترة طويلة من الزمن، أكثر شهرة في الغرب من مواطنيه هؤلاء. فهو، إن لم يكن متميزاً عن أي منهم في مجال خاص، عرف كيف يجمع في بوتقة واحدة بعض ميزات كل واحد منهم. فكان فريداً في كتابته، عاش للرواية وللقصة. وكتب عن الحياة الروسية، ربما اكثر مما كتب أي روسي آخر. ومع هذا كانت تهمته الأساسية في بلاده نزعته الغربية. اما الغربيون، والانكليز والفرنسيون منهم على وجه الخصوص، فأحبوه وقرأوه على نطاق واسع، لأنه عاش بينهم وتعرّف الى كبار أدبائهم، ونقل روائع أدبهم الى الروسية. كما انه هو، لفترة طويلة من الزمن، كان من نقل بوشكين وغوغول وليرمنتوف الى الفرنسية. لقد جعل تورغنيف من نفسه، ولفترة حاسمة في تاريخ العلاقات الأدبية بين روسيا والغرب الأوروبي، ضابط ارتباط تلك العلاقة. ولا بد من ان نضيف هنا ان ما ساهم ايضاً في «عالميته» المبكرة انه عاش جزءاً كبيراً من سنوات حياته، في أوروبا، بين بادن بادن وباريس، لا سيما في باريس التي مات فيها ودفن في العام 1883.

«ماكبث» لويليام شكسبير: أليست مسرحية الشرّ المطلق؟

من المؤكد اننا لو تأملنا العدد الأكبر من الأعمال الإبداعية في تاريخ الفن وتساءلنا عن العمل الذي يمكن ان يكون من بينها جميعاً، الأكثر امتلاء بالشر، وربما ايضاً الأكثر «احتفالاً» به حتى من دون ان يكون مجبّذاً له، سنجدنا أمام تلك المسرحية الشكسبيرية الرائعة التي لا تزال حتى اليوم بعد قرون طويلة من السنين مرت على تقديمها للمرة الأولى في حياة صاحبها، شاعر الإنكليز الأكبر، تعتبر واحدة من أكثر المسرحيات حداثة ومعاصرة وتعبيراً، الى درجة ان فنانين كثراً من بعد شكسبير اقتبسوها لتتماشى مع ازمانهم فاجتازت الإمتحان بنجاح مذهل: إنها مسرحة «ماكبث» من دون منازع، التي تحتل هذه المكانة.

«فاوست» لغوته: الفن يؤرخ لولادة إنسان العصور الحديثة

كما هي الحال بالنسبة الى العديد من الشخصيات الأخرى التي ابتدعتها مخيّلات المبدعين على مدى التاريخ الإنساني مثل هاملت ودون جوان ودون كيشوت وغيرها من الشخصيات، تنتمي شخصية «فاوست» الى تلك الفئة من الشخصيات التي بها يؤرخ دخول الانسانية العصور الحديثة: انها الشخصيات الاشكالية التي انبعثت من قلب الإنسان، من طريق المبدعين، لتحمّل هذا الإنسان المسؤولية عن نفسه ذات عصر، وشعوره بالقلق والتجاذب إزاء تلك المسؤولية التي كان ألقاها قبل ذلك على قوى الماوراء مرتاحاً الى يقينات سهلت حياته وألغت اسئلته لا سيما منها تلك الأسئلة الوجودية التي كان قد بدأ يطرحها على نفسه وعبّر عنها في اساطير البدايات ثم بخاصة في السؤال الأساس المنسوب الى سقراط حول معرفة النفس.