تضع المؤشرات الدولية سورية في رأس قائمة مؤشر الفساد، ويعلم السوريون أن المؤشرات الدولية مسيسة، ولكنهم يعلمون أيضاً أن هذه المؤشرات (لا تعطي فسادنا حقّه)، فالفساد في سورية هو بنية متكاملة ومنظمة، وليس (ضربات شطارة استثنائية). إنه عمود أساس في تهاوي البلاد وتراجعها منذ عقود مضت، مقابل تراكم ثروات شخصية ضخمة سيكون الزمن كفيلاً بكشف عورتها.
يصعب الوصول إلى تقدير ملموس لأرقام النهب المنظم في سورية، لأن الإثباتات الرقمية والقانونية حول الملفات الكبرى تبقى في الغرف المغلقة، وفي دوائر الولاءات الضيقة. وإن وصلت فإنك لن تجد منظومة سياسية قانونية تتفاعل جدياً، إذ قد تتحرك فضائح ولكن بناء على تناقضات قوى المال غالباً، ويذهب ضحيتها (موظفو فساد) من الدرجات الثالثة وما دون وزير هنا ومدير هناك... وهذا في أحسن الأحوال، لأنه في أغلب الأحوال الأخرى ينكفئ العارفون مقدرين عواقب المسّ بمنظومة قائمة على النفوذ والمال والقوة، دون حريات سياسية ومنظومة قانونية تحميهم.