صفر بالسلوك الطفل الوديع
بمناسبة ستين عاماً من الشتات
بمناسبة ستين عاماً من الشتات
مرة أخرى تعود ذكرى النكبة لنكتشف أن علينا مجددا أن نقول ونكتب عنها المزيد والمزيد من نفس السطور والكلمات نفسها التي لم تحمل منذ أن حدثت النكبة شيئاً جديداً، دائماً هنالك نغمة التفجع والبكاء على الأرض السليبة والوطن الضائع (اللذين يكتسبان دائما في الوجدان الجمعي السمات الأسطورية والخيالية للفردوس المفقود)، المترافقة مع نزعة قوية لجلد الذات التي تركت الوطن يضيع ويتلاشى، فضلا ًعن التشكي من بغي وعدوان الآخر الذي أوصلنا إلى هذه الحال.
تحت شعار «علم أكبر لوطن أغلى» قام مجموعة من الشباب الفلسطينيين والسوريين بالتعاون مع رابطة العودة الفلسطينية، واللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة ومواجهة المشروع الصهيوني, بإنجاز أكبر علم فلسطيني، وأكبر علم في العالم، بمقاييس 232م طول 116م عرض، وبمساحة قدرها 27ألف م2، لما لهذا الرقم من دلالة رمزية، كون مساحة فلسطين كاملة هي 27ألف كم2 وتسعة أمتار، بهدف لفت الانتباه إلى قضية الشعب الفلسطيني بمناسبة الذكرى الستين للنكبة.
تضمن عدد أيار من مجلة«العربي» الكويتية ملفاً خاصاً عن الذكرى الستين لنكبة فلسطين، وجاء تحت عنوان: «فلسطين عربية». وقد كتب فيه عدد من الكتاب والباحثين، حيث كتب سلمان أبو ستة تحت عنوان: «أطول حرب ضدّ شعب» مستعرضاً تاريخ المأساة التي حلت على شعب فلسطين..
رغم أن اسم فلسطين مغرق في القدم، وهو الاسم الذي منحته شعوب البحر (الفلستيين) لأرض كنعان، واستعمله الرومان لاحقاً، كما كان معروفاً في الحقبة العربية، إلا أن تبلور هوية فلسطينية مستقلة عن الهوية العربية والشامية (من بلاد الشام) ، تأخر كثيراً فهناك من يرجعه إلى القرن التاسع عشر عبر مؤثرات كالحكم المصري وارتباط فلسطين بالاقتصاد العالمي، إضافة إلى كثافة الحضور الأجنبي عبر الإرساليات المسيحية أو الدراسات التوراتية وصولاً إلى بواكير الاستيطان الصهيوني.
على الرغم من مرور أكثر من 800 فيلم سينمائي ومئات المخرجين من جنسيات مختلفة على فلسطين وقضيتها منذ عام 1948م إلى الآن، إلا أن حضور النكبة في السينما لم يتعد حضورها في الذاكرة العربية أي مبتوراً ناقصاً، ولم تستطع بكرات الأفلام على طولها أن تكون جسراً يعبر هذا الحدث المرحلة ويتعداه إلى منابعه الأولى ليكشف سيرورته كلها بتفاصيله الإنسانية والاجتماعية والمكانية، واكتفت هذه الأفلام بأن تكون حبلاً بنهاية مفتوحة مشدوداً ببدايته إلى عام 1948م، ولذلك فيما عدا استثناءات قليلة لم تكن النكبة إلا لحظة تبتدئ من عندها الحكايا، أو خلفية زمانية لأحداث أخرى لا علاقة لها بهذا الحدث، فبعد النكبة بأسابيع ظهر في مصر فيلم «فتاة من فلسطين» لمحمود ذو الفقار كأول فيلم عربي ترد فيه فلسطين وما جرى فيها، وقصة الفيلم لا تتعدى قصة حب بين فتاة فلسطينية وطيار مصري تسقط طائرته في حرب 1948، التي تغيب بعدها فوراً لصالح حكاية الحب التي تنقل الحدث إلى مكان آخر في مصر.
وفيما تشارف قضية فلسطين على الذكرى الستين لنكبتها، أغمض جورج حبش عينيه على مشهد فادح، هو أيضاً نكبة عشرون أو مائة في سيرة النكبات الفلسطينية.