شايلوك.. يأتينا من جديد (2)
رأينا في المقال السابق كيف كان اقتحام رأس المال اليهودي لمصر. ونورد في هذا المقال ما طرأ من تطورات على هذا الاقتحام.
رأينا في المقال السابق كيف كان اقتحام رأس المال اليهودي لمصر. ونورد في هذا المقال ما طرأ من تطورات على هذا الاقتحام.
لم يترك الفلاح طوال الأيام المنصرمة صيدلية زراعية أو خبرة أو مشورة تعتب عليه، في محاولات مستمرة منه لينقذ محصول قطنه الذي هاجمته جيوش الحشرات.. ولكن مؤخراً تقطعت به السبل وضاقت الوسيلة به بعد أن فقد الأمل من مغيث ينجده.. يحدث معه هذا ولا تزال آثار طعنات حراب الماضي في جسده مما حصل له من محصول القمح العام الفائت والحالي، حيث أن وزارة الزراعة آنذاك لم تقم بأداء الدور المطلوب، وبالنتيجة فقد وقعت الأضرار والخسائر على رأسه وحده لا شريك له. والآن جاء دور محصول القطن وما يتبعه من أسمدة وفلاحات ومبيدات وأسعار محروقات وغيرها.. ولكن الأعظم آفة اللوز الحشرية، وارتفاع درجات الحرارة التي أصابته من بداية أول طور ولا تزال بارتفاع إلى الآن.
بعد حالة الكمون التي سادت السوق السورية، وعمليات تصدير الغزول في السنوات الأخيرة إلى الخارج، فجأة ودون سابق إنذار تلقت سورية عروضاً كثيرة لتصدير غزولها إلى العالم، والأهم أن الصين قدمت عرضاً للسوريين لاستخدام وتصدير الغزول والأقمشة السورية إلى بكين بغض النظر عن السعر ، بعد أن أغرقت الأسواق العالمية ببضائعها، ونحن من هذه الدول التي قدم صناعيوها شكاوى بالجملة لوزارة الصناعة إثر تدفق المنتجات الصينية؟!
يتعرّض الفلاحون والجمعيات الفلاحية إلى عملية سرقة موصوفة، من موظفي مصلحة الزراعة في ناحية تل حميس جنوب القامشلي، ويجري الأمر كالتالي: فلاح لديه ترخيص زراعي للقطن في مجال عمل المصلحة بمساحة ما يقارب 70 دونماً، تم تقدير الإنتاج بـ465 كغ للدونم الواحد في موسم 2004، وبلغ إنتاجه فعلاً هذا الرقم، وقام بتوريد إنتاجه حسب الأصول المتبعة، وعند صرف الفواتير فوجئ بوجود فاتورتين إضافيتين باسمه بقيمة مئات آلاف الليرات، عَلِم بهما عن طريق احد موظفي مصلحة الزراعة، ورجاه الموظف باستلام المبالغ ولا يتم تسجيل الذمة على اضبارته، وانه سيبقى بريء الذمة، وأفهموه أن قرار عام 2003 يتضمن (السماح بتوريد 10% من الإنتاج كفائض) ومن خلال تحقيق أجرته الرقابة الداخلية بمديرية زراعة الحسكة في الموضوع أوضح الفلاح أن الفاتورتين الإضافيتين تعودان إلى موظف بمصلحة زراعة تل حميس قام بتزوير المنشأ، ولم تحرك دائرة الرقابة حينها ساكناً، هذا الفلاح فوجئ هذا العام بتوقيف صرف فواتيره لموسم 2010 لوجود غرامة عليه قيمتها 200 ألف ليرة سورية، وهي فرق السعر بين 30 ألف ليرة للشراء النظامي ومبلغ 14 ألف ليرة للإنتاج الفائض عن كل طن من أقطان السماسرة الذي حمّلوه على إنتاجه غيابياً بمنشأ مزور.
لحقت أضرار هائلة بالزراعة والمزارعين في المحافظات كافة في المواسم القليلة الماضية، ولم يسلم محصول من أي نوع إلا ما ندر، تارة بسبب المناخ والجفاف والأوبئة، ومعظم الأحيان بسبب السياسات الزراعية التي ما انفكت تفتك بالزراعة وتدفع بالعاملين بها إلى شفير الجوع والعوز.
منطقة «الجزيرة السورية» هو التسمية المتعارفة على المنطقة الشمالية الشرقية من سورية والتي تشمل إدارياً ثلاث محافظات الرقة الحسكة ودير الزور. يشكل الإقليم مثلث التجاور مع الحدود العراقية والتركية بطول 605 كم للأولى، وحوالي 500 كم مع تركيا. المنطقة هي الخزان المائي والغذائي والطاقي لسورية بكل معنى الكلمة، والمنطقة هي الأكثر فقراً والأقل تنمية، والأكثر عرضة للتغيرات الديمغرافية بسبب حالة عدم الاستقرار التي يولدها «التخلف» الناجم عن كثرة الفقر وضعف التنمية. فأراضي الإقليم تحوي الجزء الأكبر من المجرى الرئيسي والروافد الكبرى لنهر الفرات البليخ والخابور، وتحتوي على بحيرة سد الفرات في مدينة الطبقة في الرقة وهي تشكل أكبر مسطح مائي في سورية. وأراضي الجزيرة الزراعية المروية تشكل نسبة 55% من الأراضي المروية في البلاد، وحوالي 43% من إجمالي الأراضي الزراعية السورية. حيث تساهم الجزيرة بنسبة تتفاوت بين 57% - 60% من إنتاج القمح السوري، وبين 68- 78% من إنتاج القطن، وتنتج نسبة تصل 44% من إجمالي إنتاج اللحوم الحمراء.
يبدو أن المسؤولين والفاسدين منهم، والليبراليين واللصوص المتكرشين اعتادوا الانقضاض على حقوق العمال وقضمها منذ سنوات ليست بالقليلة، وعبدوا الطريق إلى القطاع العام ليصبح هو الآخر فريسة لهم، وما انفكوا حتى ألقوه صريعاً مضرجاً طريح الفراش.
يشارف مزارعو القطن في سورية على الانتهاء من جني محصولهم لموسم 2015 بعد أن سعرت الحكومة القطن بسعر 140 ل.س للكغ، تشتريها من المزارعين، بسعر يعلم أصحاب القرار أنه ليس مجد اقتصادياً بالحد الكافي للفلاح، إلا أن ذريعة الحكومة هي تخفيض هامش الربح الزراعي، لتخفيف التكاليف على صناعة النسيج المحلية، وفق وزير الصناعة السوري.
الصناعات النسيجية أصبحت تشكل نسبة 60% من الصناعة العامة في ظروف الأزمة، بعد أن كانت مساهمتها 30% قبلها، وهذه النسبة تعود إلى أن لهذه الصناعة مقوم وجود رئيسي، هو زراعة القطن السوري، فماذا إذا ما انخفض إنتاج القطن إلى 50 ألف طن فقط في هذا الموسم، كما أشار أحد تصريحات وزارة الزراعة، أو حتى إذا ما بلغت 130 ألف طن كتقدير وسطي على أساس المساحات المزروعة؟!
تحت عنوان «تقدير إنتاجية حقول القطن من مرحلة نمو مبكرة باستخدام الصور الفضائية في منطقة اختبارية (قرية الكالطة(» قدم الباحث ناصر طراف إبراهيم من الهيئة العامة للاستشعار عن بعد بحثه في مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية في العام 2015