يندر أن نجد حالةً تُعبِّر عن المفارقة الفكرية والثقافية الكبرى التي نعيشها خيراً من الأسلوب الذي بدأ به أدب سلمان رشدي «التسلل» إلى اللغة العربية، بعد طول منع وتحريم، مما جعلنا نستهلُّ حديثنا بعنوان ملتبس ومليء بالمفارقة، فسلمان رشدي قد حلَّ أخيراً ضيفاً على لغتنا، بعد أن صدرت ترجمة ثلاث من رواياته عن دار التكوين بدمشق، ودار الجمل ببيروت، ولكنه حلَّ كضيف ثقيل ومرهِق، والجهود الكبيرة التي بذلتها دارا النشر، ومترجما الروايات لإفراد حيِّز لأدب رشدي، بكل غناه وعمقه وتعقيده، ضمن بنية لغة أرهقتها قرون الانحطاط الطويلة، تلك الجهود لا يُتوقع لها أن تلقى شيئاً من التقدير والرضى في بيئة ثقافية ضاقت وتجمدت إلى درجة أنها ستعاني كثيرا جداً قبل أن تنجح (إذا قُدِّر لها النجاح أصلاً) في استيعاب ذلك الوافد الجديد غير المرغوب به.