وزارة التربية وحقوق الطفل المنتهكة رسمياً
تستمر نشاطات وزارة التربية تباعاً، وبكل ما أوتيت من وسائل لتبدو أنها ضالعة بعملها على أتم وجه، وتسعى إلى تسويق نفسها بمزيد من الأخبار على صفحتها، ولكنها على ما يبدو تغرد خارج السرب!
فبعد صدور قانون حقوق الطفل رقم 21 لعام 2021 ها هي الوزارة تقيم ورشة تدريبية لثلاثة أيام تحت يافطته، وقد نشرت على صفحتها الرسمية بتاريخ 17/10/2022 ما يلي: «ورشة تدريبية مركزية لتعزيز تعريف المرشدين النفسيين والاجتماعيين بقانون حقوق الطفل..».
فهل ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام للمرشدين النفسيين ستضع حقوق الطفل على سكة الحياة!
تفاصيل الخبر
وفي تتمة الخبر الوزاري ورد التالي: «بما يساهم في تعزيز تعريف المرشدين النفسيين والاجتماعيين بقانون حقوق الطفل، وذلك ضمن السعي إلى تعزيز دور المؤسسات العامة والخاصة بحماية الطفل ورعايته وتأمين التنشئة والنماء والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي لبناء شخصيته، بدأت في وزارة التربية اليوم دورة تدريبية مركزية حول هذا القانون شملت 28 متدرباً من المرشدين النفسيين والاجتماعيين في المحافظات بحضور مديري الإدارة المركزية المعنيين....وتتناول الدورة التدريبية التي تستمر خلال الفترة الممتدة من ١٧-٢٠/تشرين الأول موضوعات حول: تعاريف حول قانون حماية الطفل، والمبادئ العامة لهذه الحقوق، والحقوق الأسرية والصحية والتعليمية، عمل الأطفال، والحق في الرعاية الاجتماعية والحماية والأمان الشخصي، بالإضافة إلى العدالة الإصلاحية واللجنة الوطنية لحقوق الطفل والعقوبات».
المرشدون النفسيون في المدارس
إن الإرشاد النفسي في المدارس لا يقل أهمية عن عمل المعلم، وربما تكمن صعوبته أن في كل مرحلة دراسية لا يوجد إلا مرشد نفسي واحد لها، وهذا ما يزيد العبء على هؤلاء إن قاموا بأعمالهم المنوطة بهم، هذا إن وجد العدد الكافي منهم لتغطية المراحل الدراسية كافة في ظل أزمة تأمين الكوادر في وزارة التربية، عدا عن ذلك كثيراً ما نجد المرشدين النفسيين في المدارس من غير المختصين بالإرشاد النفسي، وهذا عائد طبعاً للسلوك الحكومي السائد في مؤسسات الدولة عامة والخاضع للوساطات والمحسوبيات والرشاوى، ولأصحاب الحظوة فقط!
أين حقوق الطفل في سورية وما دور وزارة التربية؟
قد لا يتسع المقال لسرد ومناقشة حقوق الطفل كما وردت في القانون 21، ولكن نريد أن نسلط الضوء على بعض منها، وكيف يتم انتهاك حقوق الطفل في سورية على مرأى ومسمع الحكومة ووزارة التربية رغم كل ما تدعيه وزارة التربية والمنظمات الدولية التي تتعاون معها بأنها ترعى الأطفال في سورية.
فما ورد في القانون رقم 21 في المبادئ العامة رقم 3- لكل طفل الحق في الحياة والبقاء والنماء ورقم 10- لكل طفل الحق في التعليم المجاني، وله الحق في التربية والتنشئة والنماء والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي، لبناء شخصيته، بما يمكِّنه من الإسهام في مجالات التنمية كافة. ورقم 12- تكفل الدولة حماية الطفل من الإهمال الأسري وفق القوانين.
ولنا أن نتساءل كيف سيتحقق حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، والمجتمع محاط بأزمة اقتصادية اجتماعية تهدد وجوده يومياً عن طريق الجريمة والاغتصاب وسوء التغذية والتشرد. إلخ.
فحسب إحصاء منظمة اليونيسيف أن كل طفل من أصل ثلاثة أطفال مصاب بسوء التغذية، أي فقر الدم التغذوي، وكل طفل من أصل خمسة أطفال مصاب بالتقزّم، وكل طفل من أصل خمسة مصاب بزيادة الوزن، وهي حالة مرضية ناتجة عن اضطراب الوارد الغذائي، وأكثر من 3 ملايين طفل سوري مهدد بسوء التغذية!
وطبعاً كل ذلك نتيجة السياسات التي تنتهجها الحكومة، وخاصة ما يتعلق برفع الدعم عن المواطنين في الغذاء والكهرباء والمحروقات، أي تردي مستوى المعيشة إلى الحدود التي تشكل خطراً مباشراً على الحياة والبقاء، والأطفال جزء من المجتمع غير منفصل عن الأسرة في ذلك!
أما عن المادة رقم 10 التي تخص الحق في التعليم المجاني فقد فصلنا في مادة سابقة كيف تآكلت مجانية التعليم في ظل السياسات التعليمية التي تنتهجها الوزارة!
فمن لا يملك المال لا يستطيع الحصول على حق التعليم المجاني المصان دستورياً، ومنها ما طرحه وزير التربية بشكل رسمي كمقترح على قناة نور الشام قبل عام مضى، أن يجعل جزءاً من التعليم مأجوراً وبأسعار غير رمزية ولكن بجودة وخدمات أعلى مع وجود المدارس الخاصة والمعاهد والدروس الخاصة، في ظل انهيار التعليم وفقدان الكوادر!
فأين هي مجانية التعليم، وأين هو الحق في النماء والتنشئة الاجتماعية والنفسية في ظل هذا النهج الحكومي الرسمي؟!
الطفل والإهمال الحكومي
بما أن القانون كفل للطفل الحق بالاهتمام وعدم الإهمال، فعلى الحكومة أن تؤمن لكل أسرة، ولكل رب أسرة وربة أسرة، الظروف المادية الطبيعية التي تسمح لرب الأسرة الاهتمام بالأطفال والتي تبدأ بالعمل الذي لا يتجاوز الثماني ساعات، وتهيئة ظروف معيشية تسمح لرب الأسرة والأم بمتابعة الأطفال وتحمي هذه الأسرة من التفكك والاضطراب!
حتى أن أطفال المعلمات فقدوا الحق في الحصول على أماكن لحضانتهم في ساعات عمل الأبوين، وهو أيضاً حق من حقوقهم!
فكيف يتحقق هذا في ظل أزمة معيشية جعلت كل أفراد الأسرة عاملين، بما فيهم الأطفال، والتي لا تتيح للآباء والأمهات حتى الجلوس مع أطفالهم أو محادثتهم، عدا عن حوادث الطلاق والهجرة بسبب الكارثة المعيشية التي يعيشها الشعب السوري!
فهل تكريس مثل هذه الظروف يمكن أن يحمي الطفل من الإهمال الأسري وفق القانون؟
للكتاب حصته في القانون
وبما يخص التعليم في المادة 29 - توفير الكتب والوسائل التي ترفع مستوى وعي الطفل، وتطور قدراته ومعارفه ومهاراته، من خلال إنشاء المراكز الثقافية والنوادي ودور النشر والمكتبات العامة الثابتة والمتنقلة في المدن والقرى، وأن تكون محتوياتها متاحة للاطلاع أو للبيع بأسعار مناسبة، ومساعدته للوصول إلى المعلومة الصحيحة والصحية من خلال وسائل البحث الإلكترونية.
والذي حدث في مطلع هذا العام، والذي أفردنا له مادة في صحيفة قاسيون، أن المستودعات توقفت عن بيع الكتب المدرسية، وعجز المدارس عن تأمين الكتب المدرسية للطلاب جرى على مرأى ومسمع وزارة التربية، بل وتم إيقاف بيع الكتب بإيعاز منها، وهنا نتحدث عن الكتب المدرسية فقط لا عن الكتب والوسائل التي ترفع مستوى وعي الطفل، فهي بالتأكيد بعيدة المنال!
عمالة الأطفال والقانون
وما يخص عمل الأطفال ما ورد في الفصل السادس رقم -36أ- يحظر تشغيل الطفل الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره.
فهذا ما يمكن أن نراه باتساع في سورية، حيث يشكل الأطفال دون الخامسة عشرة من عمرهم نسبة كبيرة من العمال في مختلف الأعمال المجهدة والطويلة والتي لا تناسب أعمارهم وبعيداً عن مقاعد الدراسة، تلبية لحجاتهم الأساسية التي تقيهم من الموت جوعاً.
وإذا أردنا أن نناقش الحقوق كاملة فلن يكفينا مقال واحد كما سلف أعلاه، ولكن لنوضح ونبين أن الكارثة والأزمة التي نعيشها هي أزمة سياسات تنتهجها الحكومة، والتي لا تحل إلا بالتغيير الجذري والعميق والشامل لهذه السياسات، وذلك لإنقاذ المجتمع من كارثته التي أفقدت الأطفال حقوقهم فقراً وتشرداً وموتاً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1093