«الفُلول» وإعادة إنتاج الحرب!
إن الأزمة السورية عسكرياً في خواتيمها، نعم، إلا أن هذه «الخاتمة» المتوقفة على منطقتي شرق الفرات وإدلب يجري إطالة أمد عمرها عمداً، لعلها تُعيد إنتاج توترٍ جديد يشعل المنطقة مرة أخرى.
إن الأزمة السورية عسكرياً في خواتيمها، نعم، إلا أن هذه «الخاتمة» المتوقفة على منطقتي شرق الفرات وإدلب يجري إطالة أمد عمرها عمداً، لعلها تُعيد إنتاج توترٍ جديد يشعل المنطقة مرة أخرى.
ظهرت خلال الأسبوع الفائت عدة إشارات على بداية تحول في خارطة العلاقات الإقليمية المأزومة، ليس بدءاً من 2011، بل وقبل ذلك بعقود...
لا يمر اسبوع دون مؤشرات جديدة على تراجع وزن ودور الولايات المتحدة الأمريكية دولياً وازدياد انكفائها وعزلتها، مما يفسح المجال أكثر فأكثر للعالم بأن يتنفّس.
يخطئ كثيراً من يحاول الاكتفاء بفهم قرار ترامب حول الجولان السوري المحتل ضمن السياق السوري وحده، أو ضمن السياق السوري الفلسطيني فحسب؛ لأنّ القرار وطبيعة الاصطفافات والآثار المترتبة عليه، محلياً وإقليمياً ودولياً، تسمح بالقول: إنه خطوة ضمن إستراتيجية عامة تخص التعامل الأمريكي مع مجمل منطقتنا، بل ومع العالم بأسره!
يتسارع مجرى الأحداث الدولية في إطار ميزانها الجديد بين حالة التراجع الغربي عموماً، والقوى الجديدة الصاعدة المتمثلة بشكل أساس في روسيا والصين، ضمن 3 ملفات دولية أساسية.
خلف ضجيج هزائم الدول والقوى الغربية، بمؤتمراتها وخلافاتها وتراجعها، وخلف قنابلهم الإعلامية، تَعْبُر أخبار الشرق على عجل هنا وهناك دون انتباه من غالبية المتابعين لأخبار العالم، فما يحدث غرباً: دخان صحافي لا جديد به سوى استمرار التراجع، وما يحدث شرقاً: خُطاً ثقيلة تُثبّت أوتاد التوازن الجديد.
تقف الحركة الشعبية، ليس في سورية وحدها، بل وفي العالم أجمع، على عتبة الدخول في طور جديد ميزته الأساسية أنه محمل بخبرة التجربة السابقة، بمراراتها وقسوتها، وبأخطائها قبل نجاحاتها.
تستمر الخلافات والتجاذبات الحاصلة داخل الإدارة الأمريكية في الاشتداد والظهور، فبينما كانت «مشاريع القرارات والفيتو» موضوع صراع أمريكا مع بقية دول العالم داخل أروقة الأمم المتحدة، باتت هاتان المفردتان تتداولان بالصراع الداخلي في أروقة البيت الأبيض ومجلس الشيوخ.
تصعيد جديد آخر جرى في فلسطين من قبل قوات الاحتلال بذريعة إطلاق عدة صواريخ من غزة على تل أبيب، حيث دوت صفارات الإنذار «الإسرائيلية» هناك وجرى استنفار عسكريّ وأمني، تبعها ردّ جوي على مواقع عدّة داخل غزة.
تراجع الأمريكي مع حلفائه يستمر مع كل دقيقة تعدو، والقوى الجديدة تسير بخطى ثابتة صعوداً، الأول: تستمر خسائره داخلياً وخارجياً ويتعمّق الانقسام لديه. والثاني: يحقق انتصارات متتالية مستفيداً من قصور الأول المعرفي والمادي عن ابتداع أية وصفة جديدة.