«الفُلول» وإعادة إنتاج الحرب!

«الفُلول» وإعادة إنتاج الحرب!

إن الأزمة السورية عسكرياً في خواتيمها، نعم، إلا أن هذه «الخاتمة» المتوقفة على منطقتي شرق الفرات وإدلب يجري إطالة أمد عمرها عمداً، لعلها تُعيد إنتاج توترٍ جديد يشعل المنطقة مرة أخرى.


فلا يزال الحديث يجري عن «فُلول» من تنظيم داعش الإرهابي، وعن قدرتها على القيام بعمليات وكمائن، كان آخرها في بادية حمص، بالإضافة إلى تواجد تنظيم «جبهة النصرة» في إدلب، وقدرته على استهداف مناطق في حلب وحماة. إن ما يسمى الفُلول، قد يتحول إلى واحدة من أدوات التوتر الموضعية وتحديداً في البادية وشرق الفرات... ولكن «الفُلول» تحتاج إلى سياق سياسي يحولها إلى عنصرٍ مُؤرق.

النوّى الإرهابية والعقوبات الاقتصادية

إن هذه النوّى لوحدها غير كافية لتفجير الوضع من جديد، فلا بدّ من تأخير التسويات، وتوليد مزيد من الشحنٍ الاجتماعي والضغط الاقتصادي الأمر الذي تفعله «العقوبات الاقتصادية»، بالإضافة إلى الإبقاء على مناطق جغرافية خارج سيطرة الدولة، بما يتيح عدم ربطها بالبلاد، ويتيح مستقبلاً لقوى أخرى بتزويدها بأدوات التوتير.
ولكن كل ما سبق، لا يمكن أن يكفي لتوليد التوتر من جديد، فهو يعتمد عملياً على قدرة أطراف إقليمية ودولية على إعادة تدخلها غير المباشر، بالسلاح والمال، المسألة التي أخذت مداها بتوليد تنظيم داعش، واندحاره. وبتغير الوضع على الكثير من نقاط الحدود السورية.
إلّا أن هذا لا يمنع من وجود خطر خلق بؤر توتر مرحلية، قد تكون في مناطق سيطرة الدولة، أو في مناطق خفض التصعيد. فعملياً يُشكل حَمَلة السلاح غير النظاميين الحاليين والسابقين شريحة واسعة، ومستعدة للانفلات من عقالها بسرعة، وتحديداً مع دور قوى المال فيها، تلك القوى التي اعتادت الربح من مكاسب الحرب، والتي يعتبر وضع أعلى استقراراً تهديداً لها.
إن استمرار تأزيم الوضع اقتصادياً واجتماعياً، يعني: إبقاء حَمَلة السلاح غير الشرعي، بلا مخارج أخرى، وإبقاءهم عنصراً قابلاً للتوظيف...

ترابط الأزمات وتخادم قوى الحرب

إن هذا الواقع بمجمله، من بؤر توتر عسكرية، وأخرى اجتماعية، بالإضافة إلى الظرف الاقتصادي الجديد على إثر العقوبات الغربية، والذي أدى إلى تراجع شديد في جهاز الدولة ودوره، يوضح مستوى تخادم قوى الفوضى الخارجية والمحلية، بهدف تعقيد الملف السوري وإعاقة انطلاق الحل السياسي، ومنع السير نحو الاستقرار، الأمر الذي إذا ما استمر فإنه يهيّئ جوَّ فشل الدولة، وتحول حَمَلة السلاح والمهمشين إلى فُلول وفُلول...
السبيل الوحيد لقطع الطريق، هو بالتجاوب مع المسار الدولي الداعم للحل كما في أستانا، وعدم التخادم مع مسار الفوضى الدولي، عبر تحويل العقوبات إلى مصدر للثراء غير المشروع، وخنق المجتمع ودفعه لمزيد من الخيارات اليائسة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
911
آخر تعديل على الإثنين, 29 نيسان/أبريل 2019 14:02